والمعنى: أنه ينثره لجفافه، وإن كان رطبا فلا بد من غسله كسائر النجاسات، فوردت السنة بالمسح في هذه الوجوه الثلاثة؛ فأجازه قوم في أي محل حلته النجاسة إذا ذهبت عينها، وقوم قصروه على الوارد المتفق عليه في السنة؛ والظاهر من قول أصحابنا أنهم أجازوه في كل جسم أملس من الحديد والحجارة وأمثالها، ولم يجيزوه في الثياب ومحل الشعر من الأبدان والفروج وشقوق الأرجل، وما أشبه ذلك مما لا ينعري من النجس غالبا إذا وقع فيه (1)؛ وقد أجازوه في ضرع الشاة إذا بالت عليه فتمرغت في التراب، أو كان على ظهرها أو على منقار الدجاجة أو ما أشبه ذلك إذا زال أثره، فحكموا بطهارتها ، والله أعلم (2).
--------------------
يأخذ من اليابس مطلقا، لكن هذا التأويل بعيد عن ظاهر الحديث، فإن ظاهره يقتضي أنه: تنجس ويطهر بما بعده من السحب على الأرض الطاهرة مثلا، والله أعلم، فليحرر؛ اللهم إلا أن يقال: مراده أنه إذا كان الذيل جافا يطهر بالسحب على الأرض سواء كان النجس رطبا أم يابسا، لكن لا يناسبه قوله: ينثره لجفافه، والله أعلم، فليحرر.
قوله والظاهر من قول أصحابنا ... الخ: قال في "الإيضاح": «وأما المسح فإنه عندهم يطهر جميع الأبدان إلا الفروج والأقدام المشقوقة ... الخ» (3).
قوله والفروج (4): فيه أنه تقدم قريبا أن المسح منطوق به في السنة لثلاثة أشياء، أحدها: في مسح أذى المخرجين، اللهم إلا أن يقال: المراد أنهم لم يجيزوه على أن يكون
__________
(1) - العزابة، الديوان، كتاب الطهارات، وجه الورقة: 30 (مخطوط)؛ أبو يحي توفيق الجناوني، شرح في مسائل الطهارات، 08 (مخطوط).
(2) - ابن جعفر الأزكوي، الجامع، 1/ 286؛ ابن وصاف العماني، شرح الدعائم، 1/ 187، شرح البيت 87 من القصيدة 05.
(3) - عامر بن علي الشماخي، 1/ 357.
(4) - في النسخ المخطوطة من الحاشية: والفرج.
Sayfa 79