فمن كان مطلبه هذا المطلب، وصحبك للتعاضد والتعاون على البر والتقوى، كما قال الله تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوي) فاصحبه بالرحمة والنصيحة، والإيثار بما يفضل عنك إذا كان محتاجا، وإذا رأيت منه تقصيرا فانصحه بالتقصير لا بالتعنيف، واحلم عنه في أوقات، وطالبه بالرفق في أوقات، وامزج حموضة أمرك له بحلاوة لطفك به، وكن له كالوالد، أو كالأخ الشفيق، تحب له ما تحب لنفسك، ولا تطالبه بحظك، مل تطالبه بحقوق الله تعالى، ففي الحديث : ما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه، وكان إذا انتهكت المحارم لم يقم لغضبه شيء.
وجره إلى الحق قليلا قليلا، فإن النفوس آبية تحتاج إلى الرفق، و لا تنتظر نتوجه، واعمل على قطع منه، واصحبه لله عز وجل لا لحظ تناله منه .
واعلم أن هذا الصاحب إذا وقعت منه إساءة فهي على قسمين: القسم الأول: أن تكون وقعت على وجه السهو والغفلة والخطأ والجهل، وعلامته: أنه إذا وقع يكون مسترشدا طالب الهدى، يتعلم الطريق إلى محوها، فمثل هذا يطالب بالرفق، فإذا اعتذر قبلت معذرته، ولم تنقطع مادته من القلب.
القسم الثاني : أن يسفه المريد على شيخه تعمدا، ويناديه بغليظ القول، ويذكر عيوبه ومناقصه بحذاه ووراءه، ثم يعود فيعتذر ويكف، فحكم هذا أن تقبل منه المعذرة ظاهرا، ولا يقطع السلام، ولا يصحب
Sayfa 34