İki Damla: Nazımdan ve Nastan
قطرتان: من النثر والنظم
Türler
الملطخة بالدم، ثم يبدأ بالبتر، فإذا انتهى من عمله نظر إلى خلفه وتنهد تنهدا كثيرا صادرا من أعماق فؤاده ثم نادى: «غيره» ...
ويلفت نظرك أن ترى الجراح - وقد مضى عليه زمن طويل وهو يشتغل - نازعا سلاحه من يده قائلا (والدموع الغزيرة تنهمل من عينيه) إنه لم يعمل عمله بثبات فإن ما يشاهده تعجز عن رؤيته طاقة البشر! وترى كثيرين ممن جرحوا من المجاهدين يتحملون آلامهم وهم سكوت بجلد وسكون وجبنهم متجعدة وأعينهم دامية ثم يصل إلى أذنيك صدى أنين من فؤاد كليم، وأصوات من الألم منكرة تشق الفضاء وصريخ يائس قانط يقول : «أيها اللورد!» ... «أيها اللورد!»
2
أو «دعني أموت!» ثم تسمع أصواتا ضئيلة تردد وتقول: «أمي!» أو «أبي!» أو «وطني!»
من قلم مصري
أصدرت مطبعة أم عباس بالقاهرة كتابا صغيرا بهذا العنوان باللغة الإنجليزية للأديب الشاعر علي فؤاد طلبة وهو نجل المغفور له طلبة عصمت باشا من أقطاب الثورة العرابية.
ومؤلف هذا الكتاب المدرسي من طلبة مدرسة الحقوق الخديوية بمصر، أخرجه بناء على اقتراح زملائه الطلبة وقد جمع فيه نخبا من كتاباته المدرسية والصحفية على نحو ما فعلت في الجزء الأول من (قطرة من يراع)، ولكنه كان أكثر توفيقا مني في دقة اختياره ووجازته بينما أني لجأت إلى التوسع، فجاء كتابه على صغره دسما بموضوعاته القيمة المنوعة، ولئن كان الغرض الأول منها فائدة الطلبة الإنشائية فإن مزاياها الأدبية أبعد من ذلك.
وقد كتب له السيد فوجهان وايلد مقدمة مدرسية بديعة تناول فيها كيفية تعلم اللغات الأجنبية قراءة وسماعا وكتابة، وهذه المقدمة بعيدة عن التقاريظ الجوفاء التي اعتدناها حتى في كتب شيوخنا، وفيها الكثير من الآراء الصائبة والنصائح الغالية ليس أقلها توكيده العناية بدرس الموضوع وتقسيمه وتحديد نقاطه قبل تناول القلم للكتابة، وبذلك يتيسر ربط الموضوع بعضه ببعض في وحدة جامعة، وهو ينصح الطالب حينما يكون في شك أن لا يستعمل إلا أبسط الألفاظ وأقصرها متجنبا الكلمات التي لا لزوم لها، بحيث إذا كفت كلمة واحدة للتعبير عن المعنى المراد فمن الخطل استعمال كلمتين، كذلك كان من الخطأ تكرار اللفظ أو التعبير على وتيرة واحدة، إن الكتابة في ذاتها فن والفن موهبة، وغاية ما تؤدي إليه القواعد الموضوعة صقله وتهذيبه، وخير ما ينصح به الكاتب أن يكون في ذهنه فكرة ناصعة جلية عن موضوعه أولا ثم يعبر بعد ذلك عنها في لغة سمحة بسيطة تجعل منها وحدة متماسكة لا شوائب فيها ولا قشور من التكرار والثرثرة والتعقيد والحذلقة، ولئن لم تكن موضوعات هذا الكتاب نماذج للكمال الإنشائي فإنها - كما قال السيد فوجهان وايلد - جيدة، وشاهد ماثل على نتائج العناية بالتحصيل الأدبي.
وبعد هذا تعنينا من هذا الكتاب الاعتبارات الآتية: (1) براعة المؤلف في اللغة الإنجليزية التي تعلمها في مسقط رأسه مدينة كولمبو بجزيرة سيلان تعلما فطريا ثم مدرسيا، فتفوق بذلك على زملائه المصريين تفوقا ظاهرا. (2) لباقته ورجاحته في اختيار نقط موضوعاته، وهذا بلا شك من آثار تربيته الإنجليزية أثناء إقامته الطويلة في سيلان، ولا ضير علينا من الوجهة الوطنية في الاعتراف بهذه الحقيقة. (3) نضوج ذوقه الأدبي عن أذواق كثيرين من زملائه المصريين الذين لم تتح لهم مثل ظروفه، ويكفي المقارنة بين كتابه وبين كتب الإنشاء العربية السمحة التي يرهق بها الطلبة أيما إرهاق. (4) حنينه إلى مسقط رأسه في قصيدة وداعه له حينما ارتحل عنه إلى مصر في سنة 1897م، وشعوره بأنه إنما يقصد إلى بلد أجنبي لا إلى وطن أهله وأجداده، وهذا الشعور الصادق قمين بأن يجعلنا نحترم إخلاصه الأدبي الذي لا مواربة فيه ولا تصنع، إذ إنه يطابق الحقيقة الوجدانية تمام المطابقة ويذكرنا بقول الشاعر العبقري ابن الرومي:
وحبب أوطان الرجال إليهمو
Bilinmeyen sayfa