وأتم أبو عبد الله بن الجصاص ما وكل إليه من أمر الجهاز، فلم يبق خطيرة ولا طرفة إلا ابتاعها، ولم يدع شيئا من أسباب الترف مما تبلغه الأحلام أو تتعلق به المنى إلا حمله، واجتمع لقطر الندى من الجهاز ما لم يجتمع لعروس قط، وحسب الواصف أن يكون في الجهاز من أدوات المطبخ ألف هاون من الذهب، ومن أدوات الثياب ألف تكة سروال، ثمنها عشرة آلاف دينار.
وكان بين الجهاز سرير أربع قطع من ذهب، عليه قبة من ذهب مشبك، في كل عين من التشبيك قرط معلق فيه حبة جوهر لا يعرف لها قيمة ...
ومثل ابن الجصاص بين يدي خمارويه يؤذنه بتمام أمره، فقال له خمارويه: «وهل بقي بيني وبينك حساب بعد؟»
قال ابن الجصاص: «لا.»
قال خمارويه: «انظر حسنا.»
فأخرج ابن الجصاص صحيفة، ونظر فيها ثم قال: «كسر من المال بقي معي من ثمن الجهاز يبلغ أربعمائة ألف دينار.»
فقال خمارويه: «فهي لك يا أبا عبد الله.»
وبلغت الدهشة بالوزير محمد بن علي الماذرائي مبلغا، فقال يتحدث إلى نفسه همسا: «كسر بقي من الجهاز يبلغ أربعمائة ألف دينار! ... فكم يبلغ الجهاز كله؟»
واستدار إليه خمارويه غاضبا يقول: «ماذا سمعت من قول؟ ... أظننت بنت خمارويه يحسب ما ينفق في جهازها بالآلاف!»
ثم عاد إلى حديث ابن الجصاص قائلا: «وقد أمرنا لك بألف ألف دينار (مليون دينار) تحملها معك إلى بغداد، لعلك تجد ثمة شيئا من الطرائف ليس له نظير في مصر فتبتاعه إلى جهاز العروس.»
Bilinmeyen sayfa