قطف الجني الداني شرح مقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني

Abd al-Muhsin al-Abbad d. Unknown
58

قطف الجني الداني شرح مقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني

قطف الجني الداني شرح مقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني

Yayıncı

دار الفضيلة،الرياض

Baskı Numarası

الأولى

Yayın Yılı

١٤٢٣هـ/٢٠٠٢.

Yayın Yeri

المملكة العربية السعودية

Türler

وما جاء في كلام ابن أبي زيد – ﵀ – من نفي الشبيه والنظير والوالد والولد والصاحبة هو نفيٌ على طريقة السَّلف، وهو نفيٌ متضمِّنٌ إثبات كمال الله ﷿، فنفيُ الشبيه والنظير متضمّنٌ إثبات كمال أحديَّته، ونفيُ الوالد والولد والصاحبة متضمِّنٌ إثبات كمال غناه، وكلُّ ما جاء في القرآن من نفي شيء عن الله فإنَّه يتضمَّن إثبات كمال ضدِّ ذلك المنفي، مثل قوله: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا﴾، فإنَّه دالٌّ على إثبات كمال قُدرته، وكذا قوله: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ﴾، أي: من تعب، فهو متضمِّنٌ إثبات كمال قدرته، ومثل قوله: ﴿وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا﴾، وهو دالٌّ على إثبات كمال عدله، وقوله: ﴿وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾، فهو دالٌّ على إثبات كمال علمه. وهذا بخلاف النفي عند أهل الكلام، فإنَّه لا يدلُّ على كمال، بل يُؤدِّي إلى تشبيه الله ﷿ بالمعدومات، كما سبق إيضاحُ ذلك في الفائدة الثانية. ٢ قوله: "ليس لأَوَّلِيَّتِهِ ابتداءٌ، ولا لآخِرِيَّتِه انقضَاءٌ". كلام ابن أبي زيد هذا منتَزَعٌ من قول الله ﷿: ﴿هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾، وفي هذه الآية إثبات اسم (الأوَّل) لله ﷿، الذي يدلُّ على أنَّ كلَّ شيء آيلٌ إليه، واسم (الآخر) الدالُّ على بقائه ودوامه وآخريته، وقد جاء تفسير هذه الأسماء في

1 / 64