فسأل السيد محمد عفت السيد أحمد: أي الرأيين أصح؟
فقال السيد أحمد بلهجة ذات معنى: الرأي الأول يعبر عن الخوف، والآخر يعبر عن الرجاء.
قالت جليلة بظفر وارتياح: لست ممن يخيب عندهم الرجاء.
هم بأن يقول: «عند الامتحان يكرم المرء أو يهان»، ولكنه خاف أن يدعى للامتحان أو أن يفهم قوله على أنه تقديم في الامتحان، على حين كان كلما أنعم النظر تمكن منه شعور بالنفور وبالزهد لم يجر له في خاطر قبل المجيء. أجل ثمة تغير لا ينكر، مضى الأمس، وليس اليوم كالأمس، لا زبيدة بزبيدة، ولا جليلة بجليلة، وليس ثمة ما يستحق المغامرة، ليقنع بالأخوة التي نوهت بها جليلة، وليمدها حتى تظل زبيدة نفسها، قال برقة: من أين للكبر أن يدرك آدميا وهو بينكن.
تساءلت زبيدة وهي تقلب عينيها في الرجال الثلاثة: أيكم الأكبر؟
فقال السيد أحمد ببراءة: أنا ولدت في أعقاب ثورة عرابي؟
فقال محمد عفت محتجا: قل كلاما غير هذا، لقد بلغني أنك كنت من جنود عرابي.
فقال السيد أحمد: كنت جنديا من بطونهم، كما يقال الآن: تلميذ من منازلهم.
فتساءل علي عبد الرحيم كالداهش: وماذا صنعت المرحومة والدتك وأنت داخل خارج في المعركة؟
صاحت زبيدة بعد أن أفرغت الكأس في فيها: لا تهربوا بالهزار، إني أسألكم عن أعماركم.
Bilinmeyen sayfa