189

غض البصر لائذا بالصمت حتى نطقت حاله بالذنب والتسليم، لن تكلفك هذه الفضيحة إلا قدرا من التمثيل كما أرى. حسبك هذا، أما أنا فسأرزق غدا بحفيد أمه زنوبة وخالته زبيدة، مصاهرة طريفة بين السيد أحمد التاجر المعروف وزبيدة العالمة الذائعة الصيت، لعلنا نكفر عن ذنوب لا ندريها! - إن بدني يقشعر كلما فكرت في مستقبلك، قلت لك: إنك تنهار وسوف تنهار أكثر وأكثر، خبرني ماذا فعلت بدكان الحمزاوي؟

رفع إليه عينين كئيبتين، وتردد مرات، ثم قال: كنت في حاجة ماسة إلى المال.

ثم وهو يخفض عينيه: لو كانت الظروف غير الظروف لاقترضت ما أحتاجه من حضرتك، ولكن الأمر كان محرجا.

السيد حانقا: يا لك من مراء! ألا تخجل من نفسك؟ أراهن على أنك لم تجد في كل ما فعلته أي غرابة أو إنكار، أنا عارفك وفاهمك فلا تحاول أن تخدعني، ليس عندي إلا كلمة واحدة وإن كنت أعلم مقدما ألا طائل تحتها: أنت تخرب نفسك بنفسك ونهايتك سوداء.

عاد ياسين إلى صمته متظاهرا بالأسى. الثور! هي جذابة، شيطانة، ولكن ماذا اضطرك بالزواج منها؟ كنت أظن أنها طالبتني بالزواج طمعا في تقدم عمري، لكنها أوقعت هذا الثور على شبابه. ووجد عند ذاك شيئا من الارتياح والعزاء. كانت خطتها المدبرة أن تتزوج بأي ثمن إلا أنها آثرت غيري علي، فوقع هذا الأحمق: طلقها، طلقها قبل أن تصير أما وتفضحنا إلى أبد الآبدين!

تردد ياسين مليا، ثم تمتم: حرام علي أن أطلقها بلا ذنب!

يا ابن الكلب! ... أتحفتني بنكتة بارعة لسهرة الليلة. - سوف تطلقها عاجلا أو آجلا، ولكن قبل أن تنجب لك طفلا يكون مشكلتك ومشكلتنا.

تنهد بصوت مسموع مستغنيا بذلك عن الكلام، على حين راح الأب يتفحصه فيما يشبه الحيرة، فهمي مات، كمال أبله أو مجنون، وهذا ياسين لا أمل فيه، المحزن أنه أعز الجميع لدي، دع الأمر لله، رباه! ماذا كان يكون الحال لو زلت قدمي إلى الزواج. - بكم بعت الدكان؟ - مائتي جنيه. - تستحق ثلاثمائة، موقعها ممتاز جدا يا جاهل، لمن بعتها؟ - علي طولون، بائع الخردوات. - مبارك، مبارك، هل ضاع المبلغ في الجهاز الجديد؟ - لدي منه مائة.

بلهجة ساخرة: أحسنت؛ فالعريس لا يستغني عن النقود.

ثم بلهجة جادة حزينة: يا ياسين اسمع كلامي، أنا أبوك، احترس وغير سيرتك، أنت نفسك أب، ألا تفكر في ابنك ومستقبله؟

Bilinmeyen sayfa