148

قال واجما ووجهه يتورد: أنت تسخرين مني؟

فقالت بعجلة: كلا، غير أني لم أكن أتوقع هذا الحديث عندما غادرت البيت، فاجأتني بما لم أتوقع، وعلى أي حال فإني شاكرة ممتنة، ولا يسع إنسان أن ينسى عواطفك الرقيقة المهذبة، أما أن يسخر منها فهذا ما لا يخطر على بال.

نغمة آسرة ومناغمة عذبة، ولكنه لا يدري أيجد المعبود أم يلهو، وهل تتفتح أبواب الأمل أم توصد في خفة النسيم، وقد سألته عما يريد فما أجاب لأنه لا يدري ماذا يريد! ولكن ماذا عليه لو قال إنه يطمح إلى الوصال! وصال الروح بالروح، وأن يطرق باب السر المغلق بعناق أو قبلة، ألا يكون هذا هو الجواب؟ وعند مفترق الطرق الذي ينتهي عند شارع السرايات، توقفت عايدة عن السير، ثم قالت برقة ولكن بلهجة قاطعة: هنا ...!

فتوقف عن السير أيضا وهو يحملق في وجهها بدهش، هنا تعني أنه يجب أن نفترق هنا، لم يكن لجملة «أحبك» هذا الامتداد في المعنى الذي يغني عن السؤال، قال دون تدبر أو تفكير: كلا.

ثم هاتفا كمن ظفر بكشف مضيء بغتة: ماذا وراء الحب؟ أليس هذا سؤالك؟ هاك الجواب: ألا نفترق!

قالت بهدوء باسم: ولكن يجب أن نفترق الآن!

تساءل بحرارة: لا كدر ولا سوء ظن؟ - كلا. - أتعودين إلى زيارة الكشك؟ - إذا سمحت الظروف.

بقلق: كانت الظروف تسمح في الماضي! - الماضي غير الحاضر.

آلمه الجواب إيلاما عميقا، فقال: يبدو أنك لن تعودي.

فقالت كأنما تنبهه إلى وجوب الافتراق: سأزور الكشك كلما سمحت الظروف، سعيدة.

Bilinmeyen sayfa