Kaside ve Resim: Şiir ve Resim Sanatı Boyunca
قصيدة وصورة: الشعر والتصوير عبر العصور
Türler
ومع أننا نفتقد الأساس النظري لفكرة المقارنة بين الشعر والرسم في كتابات الجاحظ المعروفة، كما نفتقد التطبيق العملي لها على نصوص الشعر، فإن بعض أحكامه النقدية تؤكد ميله إلى هذه المقارنة، وإلى ذلك النوع من الشعر الذي يقدم مشهدا أو منظورا واضحا لمخيلة المتلقي كأنه لوحة يرسمها رسام. وربما كانت رواية ابن الأثير (في المثل السائر، 2، 246-347) - وهي الرواية التي تتكرر في أخبار أبي نواس لابن منظور (ص 39، 40) - لأبيات أبي نواس المشهورة في وصف الكأس وصورة كسرى في أسفله والمها والفوارس التي ترميها بالقسي، ثم قوله على لسان الجاحظ إنها أفضل ما عرفه من شعر أبي نواس، بل من الشعر قديمه وحديثه، ربما كانت هذه الرواية تؤكد أن مصطلح التصوير عند الجاحظ بقدر ما يشير إلى قدرة الشاعر كصانع على التأثير في الآخرين، فهو يشير في الوقت نفسه إلى أن الشاعر يستعين في صناعته بوسائل تصويرية تقدم المعنى تقديما حسيا، مما يجعله نظيرا للرسام ومثيلا له في طريقة التقديم.
16
والمهم أن الجاحظ عندما طرح فكرة التصوير على هذا النحو كان يطرح لأول مرة في النقد العربي فكرة الجانب الحسي للشعر وقدرته على إثارة صور بصرية في ذهن المتلقن، وهي فكرة تعد المقدمة الأولى للعلاقة بين التصوير والتقديم الحسي للمعنى. وقد التقط منه البلاغيون والنقاد واللغويون والمفسرون والشراح - كالرماني وابن جني والعسكري والزمخشري والمرزوقي وابن سنان وابن رشيق - خيط هذه الفكرة، وبدءوا يلتفتون إلى التصوير الأدبي ويهتمون بتأمل خصائصه الحسية وطريقته الخاصة في تمثيل المعنى للحواس، كما جعلهم يتوقفون إزاء النص القرآني لاكتشاف أسرار إعجازه، وبلاغة تشبيهاته واستعاراته التي تكمن في قدرتها على تصوير المعنى المجرد وتقديمه تقديما محسوسا عن طريق ربطها المعنوي المجرد بالحس العيني، أو ربطها الصور الحسية بأخرى أشد منها تمكنا في الصفات الحسية.
17
ويصل الكلام عن الصورة والتصوير الشعري إلى ذروته عند عبد القاهر الجرجاني صاحب نظرية النظم المشهورة. إنه يحتج في معرض دفاعه عن الصورة (في دلائل الإعجاز، 330) بعبارة الجاحظ السابقة والاستعارة والتمثيل وجمالها وتأثيرها إلى قدرتها على تجسيم المعنوي وتقديمه تقديما حسيا وتشخيصه وبث الحياة والحركة فيه حتى ليكاد تراه العيون ... ويبدو أن تركيز عبد القاهر على الجانب البصري الخالص من التقديم الحسي للمعنى وتجسيمه وتشخيصه أمام العين قد جعله يرد روعة الشعر إلى براعة التصوير ويقارن بين عمل الشاعر وعمل الرسام، على أساس أن الاحتفال والصنعة في التصويرات والتخييلات الشعرية تفعل فعلا شبيها بما يقع في نفس الناظر إلى «التصاوير» التي يشكلها الحذاق من الرسامين أو المصورين: «فكما أن تلك تعجب وتخلب وتروق وتدخل النفس من مشاهدتها حالة غريبة لم تكن قبل رؤيتها، ويغشاها ضرب من الفتنة لا ينكر مكانه ولا يخفى شأنه، كذلك حكم الشعر فيما يصنعه من الصور ويشكله من البدع ويوقعه في النفوس من المعاني التي يتوهم بها الجياد الصامت في صورة الحي الناطق، والموات الأخرس في قضية الفصيح المعرب والمبين المميز، والمعدوم المفقود في حكم الموجود المشاهد.»
18
ولا شك في أن استخدام عبد القاهر لمصطلح الصورة والتصوير في «الدلائل» ومصطلح التخييل في «الأسرار»، فضلا عن مقارناته بين تخييلات الشاعر و«تصاوير» الرسام، يكشف عن مدى مساهمة شراح أرسطو من فلاسفة الإسلام (من الفارابي إلى ابن سينا الذي أصبحت صلته به في حكم المؤكدة) في بلورة مفهومه عن التصوير والتمثيل، بأن في استخدام كلمات مترجمي أرسطو وشراحه مثل التصوير والتخطيط والنقش والأصنام التي وردت في تلخيص ابن سينا لكتاب أرسطو في الشعر.
19
ولا شك أيضا في أن العلاقة بين الشعر والرسم، على النحو الذي فهمت به في التراث النقدي، كانت وراء فكرة التقديم الحسي، أو التجسيم البصري لمعاني الشعر، والإلحاح على الجوانب الحسية للتصوير الشعري، ثم إن ربط الشعر بالرسم كان يفترض أن الشاعر مثل الرسام يقدم المعنى بطريقة حسية، هذا عن طريق المشاهد التي يرسمها على اللوحة فيتلقاها المشاهد تلقيا بصريا مباشرا، وذلك عن طريق لغته التي تثير في ذهن المتلقي صورا يراها بعين العقل.
20
Bilinmeyen sayfa