القسو الاول في بهدعه السرونه ماهالرحمابحم وبه ثقي، ربي انعمتفرد البلاغسة قال فخر الدين آبو طاهر محمد بن حيدر البغدادي سألت، أطال الله مدتك، وأدام نعمتك، وحرس دولتك، عن البلاغة. والبلاغة ليست ألفاظا فقط، ولا معاني فحسب، بل هي أالاظ يعبر بها عن معان، ولكن ليس كما اتفق، ولا كيفما وقع، لأن اذلك لو جرى هذا المجرى، لكان أكثر الناس بليغا، إذ كان أكثرهم ايؤودي عن المعاني التي يولدها بألفاظ تدل عليها، لكنهم يخرجون اعن طريق البلاغة، ومنهاج الكتابة من وجهين، أحدهما : أن تكون الألفاظ مستكرهة مستوخمة، غير مرصوفة ولا منتظمة . والثاني : أن تكون كثيرة يغني عنها بعضها، ويمكن أن يعبر عن المعنى الدال
اعلى أنه ذهب قوم إلى أن تكثر(1) الألفاظ المرصوفة في بعض المواضع داخل(2) في البلاغة ، وذلك إذا كان موضع يحتاج فيه إلى
Bilinmeyen sayfa
الخطابة في العامة، ومن لا يسبق خاطره إلى تصور المعنى في أول ووهلة، أما لبعده عن الذكاء والفطنة، أو لأن الموقف خاذل، يكثر فيه اللغط والضجة فيحتاج إلى إشباع المعنى وتوكيده وتكريره، لمن لم يمكنه السبق إلى تحصيله، إلا بالألفاظ المترادفة، وهي التي يدل الكثير منها على معنى واحد بعينه، مثل أن يقال في وصف السيف: الحسام الباتر، الجراز القاطع . وفي وصف الشجاع: البطل الفاتك النجد الباسل. وفي وصف الجواد: الخوق الباذل، الجم النائل الكثير الفواضل، الغزير النوافل، وفي سائر الأوصاف على ذلكا وهذا يقع في باب المكاتبات بالفتوح والعهود، والصكوك وعقود العهود(1)، وما جرى هذا المجرى.
وولهذا السبب قال بعضهم في وصف كاتب بليغ: (إن أخذ شبرا كفاه، وإن تناول طومارا أملاه)(2) يذهب بهذا القول إلى أن البليغ احتاج في موضع إلى الإطالة والإسهاب، كما يحتاج في آخر إلى الاختصار والايجاز، إلا أن أكثر ما هو عليه الناس في البلاغة أنها الاختصار وتقريب المعنى بالألفاظ القصار، حتى إذا سئل بعض الناس عن البلاغة فقال: "هي لمحة دالة"(3) وهذا مذهب العرب ووعادتهم في العبارة، فإنهم يشيرون إلى المعاني بأوحى إشار اويستحبون أن تكون الألفاظ أقل من المعاني في المقدار والكثرة.
Bilinmeyen sayfa
../kraken_local/image-001.txt
الفاظ الكتاب فأما ما يصلح للكتاب، ويليق بذوي الألباب، أن تكون ألفاظهم اغير ناقصة عن المعاني، ولا زائدة عليها.
كما وصف بعض الكتاب واصف فقال: (كأن ألفاظه قوالب المعانيه) (1) يريد أنها مطابقة لها، غير زائدة عليها، ولا ناقصة عنها ووهذا المذهب هو الذي يجب أن يستعمله الكتاب إذا لم يكن موضع احتاج فيه إلى الإسهاب.
افان يحكى عن جعفر بن يحي البرمكي، وكان قريع دهره ووحيد عصره بلاغة في المكاتبة، وجودة لسان في المخاطبة، أن ه در له قاد الاسما ايا كاذ العول عما ولا قاد الخد واجبا كان التقصير عجزا) (2).
ووقال ابن الأعرابي(3): قال لي المفضل(4): قلت لأعرابي ما البلاغة؟ فقال: (الإيجاز من غير عجز، والإطناب من غير خطل) (5).
Bilinmeyen sayfa
../kraken_local/image-002.txt
ووينبغي أن تعلم أن البلاغة لما كانت احدى الصناعات، كان الها ما لكل صناعة من المبادىء والموضوعات والأدوات. وأنه ليس وواجبا على كل متعلم لصناعة أن ينظر في مبادئها وموضوعاتها، ولا ان يعلم أدواتها، وهذا عام لجميع الصناعات المهنية التي يباشرها الصانع بأعضائه والعقلية التي يستعمل فيها فكره، فإن في الصناعات المهنية، الصياغة، وموضوعها الذهب والفضة، وليس يجب أن يعلم اعم تعلمها، كيف يستخرج هذان الجوهران من معدنهما، ولا أن ظر في شيء من أمرهما، غير إقامة الصور فيهما . وكذلك لا يعلم أيضا كيف يعمل شيء من آلاتهما مثل المبرد والمطرقة والسندان وغيرها، بل تؤخذ أخذا مسلما، على أن عملها مفوض إلى الحداد، وكذلك صناعة الطب فإنها تنقسم جزأين علمي وعملي ووكلا هذين الجزأين هذه حاله، فإنه ليس يتعلم [صنع] (17).
المكوى، ولا كيف يصنع المبضع، ولا غيرهما من الآلات، بل اولى ذلك أهل صناعة أخرى، ولا في الجزء العلمي أيضا يؤخذ ي مبادئه، بل يؤخذ أخذا مسلما فيه، مثل أنه ليس يبحث عن الحرارة والبرودة لم كانتا فاعلتين والرطوبة واليبوسة لم صارا نفعلتين.
كذلك من أراد أن يتعلم البلاغة لم يلزمه مع تعلمها أن يتعلم ادواتها التي لا تتم إلا بها، ولا أن يبحث عن معانيها وموضوعاتها اي يحتاج إلى ضرورة فيها، كما لا يلزم غيرها من الصناعات التي ذكرنا، فإنه لو لزمنا البحث عن موضوعات البلاغة وتعلم أدواتها
Bilinmeyen sayfa
../kraken_local/image-003.txt
الاحتجنا إلى النظرر4) في اللغة والنحو وتعلم القياس والجدل مع تعلمها، فطال ذلك وأدخلنا في الصناعة ما ليس منها فقول الآن : إنا لما قلنا فيما مضى من المقدمة عند تعريفنا ما البلاغة : إنها ليست ألفاظأ مجردة ولا معاني قائمة في النفس مفردة ابل أقوالا يعبر بها عن المعاني، وجب أن يكون الاضطرار دافعا إلى الوسع في اللغة التي مجراها مجرى الموضوع لصناعة البلاغة لتعذر البليغ اللفظ ويحدث عند الحاجة ما يستعمله في البيان عن ل ل ال ا ا اله احاجته إلى الألفاظ.
المعاني فاما المعاني فالاضطرار إليها في البلاغة أشد منه إلى الألفاظ وذلك أن المعاني هي الأغراض المقصودة للعبارة بالإلفاظ عنها(2) ووالألفاظ مركبة في مراكبها، لأن للمعاني أربعة مراكب (3) : إحداها أعيان الأمور، وذوات الاشياء التي توجد تلك المعاني فيها، ثم بعد
Bilinmeyen sayfa
../kraken_local/image-004.txt
اهذا المركب المعقول (1) التي تقوم معاني الموجودات في تصورها ام الألفاظ التي تعبر عن تلك المعاني المتصورة في العقل بها، ثم الحروف الموصوفة للخط الذي تكتب تلك الالفاظ بتأليفها الألفاظ فالبليغ الكامل: هو الذي تكون الألفاظ عنده عتيدة غزيرة والمعاني في نفسه جمة كثيرة، فإنه مع ذلك يجيش بحره ويسهل الكلام والكتاب عليه . والذي يجب على البليغ في استعمال الألفاظ ان تكون سمحة سهلة، لها حلاوة وطلاوة وعليها رونق الفصاحة مع الخلو عن البشاعة، فلا يكون متوعرا وحشيا، ولا ساقطا عاميا، ومن انوتها آن تصير الأجزاء متناسبة الوضع، متقاسمة النظم، متعادلة الوزن، متوخى في كل جزأين منها أن تكون مقاطعها على حرف واحد في التسجيع، أو حرفين متقاربي المخرجين من الفم (2)، فإن اضاف إلى ذلك ألفاظ الجزأين المتزاوجة مسجوعة، كان أحسن.
امثل ما قال أبو علي البصير(3) في بعض كلامه: "حتى عاد تعريضك صريحا، وتمريضك تصحيحا) (4).
اتي بجزاين متقاربين، متوازيين ومسجوعين بالحرف نفسه، وهو
Bilinmeyen sayfa
../kraken_local/image-005.txt
الحاء من غير استكراه ولا تعسف، ومتزاوجي الألفاظ مسجوعيهم احيث جعل بإزاء التعريض من الجزء الأول، التمريض من الجز الثاني ، وذلك سجع بحرف الضاد، وبإزاء التصريح التصحيح رف الحاء.
ما بعض الكتاب: اإذا كنت لا تؤتى من نقص كرم ، وكنت لا أوتى من ضعف ابب، فكيف أخاف منك خيبة أمل، أو عدولا عن اغتفار زلل، أو ل الا ا ا ل اوموازنة بينها، وإلا فقد كان يمكن أن يقال مثلا: مكان نقص قلة ومكان سبب شكر، ومكان فتور تقصير.
لفلم تكن الألفاظ حينئذ تتوازن، وإن لم يتسهل أيضا أن يكون الجزآن متوازيين في القدر، فليكن الجزء الأخير أطول، فإن تعدى احتى تكون الالفاظ مضرسة، والأجزاء مجتمعة، وأواخرها غير اسجوعة لا بحرفي واحد بعينه، ولا بحروف متضارعة، فذل اخروج عن حد البلاغة.
Bilinmeyen sayfa
السجع والازدواج: ووأيت قوما يذهبون إلى كراهة(1) السجع والازدواج في الكلام، من غير أن عرفت لهم في ذلك حجة، فعلمت أنهم ذموا ما ااموه فلم يصلوا إليه، وتعاطوه فلم يقدروا عليه، وإلا فهذا القران ووكلام الرسول وهما مسجوعان، فأما الذي في القران فأكثر من أن حاط، إذ كان مبناه عليه. وأما كلام الرسول فكقوله في عوذ بطية (2): لأعيذك من الهامة والسامة، وكل عين لامة"(3)، ألا ترى أنه في أصل اللغة ملمة، فرام المقاربة، فقال لامة.
ووقال: "خير المال مهرة مأمورة وسكة مأبورة" (4).
وهو في أصل اللغة مؤمرة، فعدل عنها إلى مأمورة.
وقال: "ارجعن مأزورات [غير مأجورات" (5).
فعدل عن الوار إلى الهمزة](6)، لأنه من الوزر، كما كان اجورات بالهمزة.
Bilinmeyen sayfa
انوت الألفاظ: الاشتقاق والمضارعة: ومن نعوت الألفاظ : الاشتقاق والمضارعة، فالمشتق مثل ما قال خالد بن صفوان(1) للعبدري (2): "هشمتك هاشم، وأمتك أمية ووخزمتك مخزوم، فأنت ابن عبد دارها، ومنتهى عارها، تفتح لها الأبواب إذا أقبلت وتغلقها إذا أدبرت" (3).
فمثل هذا في الكلام الموزون، بإزاء هذا المنشور، كثير ويسمى المتجانس، وقد شرحت حاله في كتاب الشعر.
وأما المضارعة (4): فكالذي جاء في الأثر: "إياكم والمشارة فإنها تميت الغرة، وتحبي العرة" (5).
وكقول محث لمن قال: أخصصتك "ما خصصتني، بل إنما خسستني" (3).
وكقول الآخر : "عولت لدي على مالي وأمالي" (7) .
Bilinmeyen sayfa
../kraken_local/image-008.txt
الليل ومن نعوت الألفاظ التبديل(1) ، وهو أن يقدم في الكلام جزء الاظه منظومة نظما تاما، فيجعل ما كان مقدما في الأول، متأخرأ في الثاني، مثل قول من قال: "اشكو لمن أنعم عليك، وأنعم على من شكرك"(2).
ووكقول الآخر: "اسود مني ما كنث أحب أن يبيض، وابيض مني ما كنت أحب أن يسود، واشتد مني ما كنث أحب أن يلين، ولان مني ما كنق أحب أن يشتد"(3).
ووكقول الآخر: (اللهم أغنني بالفقر إليك، ولا تفقوني بالاستغناء عنك) (4).
الاستعارة و ومن نعوت الألفاظ : الاستعارة، وهي كقول القائل: "ما زال افتقل في الذروة والغارب، حتى لفته عن رأيه" (5). وكقول الآخر: (النبيذ قيد الحديث) (6).
Bilinmeyen sayfa
../kraken_local/image-009.txt
وكقول الآخر. (هلان أملس، ليس فيه مستقر لخير ولا شر)(1) .
ووكقول الآخر: (لا تخدش وجه رضاك [بأظفار](2 التوبيخ)(3).
اوفي نعت القلم لعبد الله بن المعتز: "يخدم الإرادة، ولا يمل الاستزادة، يسكت واقفا، وينطق سائرا، على أرض بياضها مظلم (4) وسوادها مضيء"(4) .
اعيوب الألفاظ : اللحن اومن عيوب الألفاظ أن تكون ملحونة جارية على غير الإعراب ووالسبيل المبني عليه الكلام، ثم أن تكون بشعة مستوخمة، مضادة الما تقدم من نعوتها، ثم أن تكون ذات تعقيد. وفي وصية بشر بن المعتمرر5) (إياك والتوعر، فإنه يستهلك معانيك، ويمنعك من مراميك)(6).
التميع وومن عيوب الألفاظ التجميع، وهو أن يكون مقطع الجزء الأول امن الجزأين المتتاليين على وزن ما، فيؤتى بالتالي له على غير
Bilinmeyen sayfa
../kraken_local/image-010.txt
ووزنه، ومنافرا في النظم له، مثل قول سعيد بن حميد(1) في أول كتاب من كتبه : "فوصل به ما يستعبد الحر، وإن كان قديم العبودية وويستغرق الشكر، وإن كان سالف فضلك لم يبق شيئأ منه"(2).
فالمقطع على العبودية منافر للمقطع على "منه" .
الإطالة من غير ضرورة ومن عيوبها أن يؤتى بالجزء الأول طويلا فيحتاج إلى إطالة التالي له. ضرورة، فيصيره إما مثله في القدر، أو زائدا عليه فيضطرب حينيذ ويفظهر عليه سيماء التكلف.
لكرير ومن عيوبها التكرير وهو أن تعاد الكلمات أنفسها، أو حروف الصلات والرباطات، وما جرى مجراها في المدة القريبة . فأما إعادة اروف الصلات والرباطات فمثل: له وعليه، أو: منه وعليه، أو: به، له. فإن فصل بين الحرفين بكلمة، زال قبحه، مثل أن يقال: أقمت عليه شهداء به.
الوحشي المتروك: وومن عيوبه أن يركب منه الوحشي المتروك استعماله، الثقيل في المسمع.
9) في ظ: حميد بن سعيد، وهو وهم، صححناه اعتمادا على س. وسر الفصاحة وانظر في هذا الكاتب واثاره (كتاب رسائل سعيد بن حميد وأشعاره) للدكتور يونس السامرائي بغداد 1971.
(2) سر الفصاحة 170 والصناعتين 270.
Bilinmeyen sayfa
../kraken_local/image-011.txt
قوانين المعاني: أاما حصر المعاني بقوانين كلية تستوعب أقسامها، وتستوفي أحكامها، فعسير لأنه يحتاج فيه إلى تقديم صناعات كثيرة، وعلوم اشاقة، إلا أن في فطر الناس السليمة اتباع الصواب وقصده. والنفار المن الخطأ والحياد عنه، فقد يكتفي من سلم فكره، ولم يضطرب ذهنه، بما معه من المعرفة التي يوقع العبارة عنها إلا أن لهذه الصناعة خاصة أغراضا من المعاني، يلزم الكلام فيها، ومقاصد لا يسع الإخلال بها عوت المعاني: صحة المقسي فأما نعوتها فمنها صحة التقسيم؛ وهو أن يؤتى بالأقسام امستوفاة، لم يخل بشيء منها، ومتخلصة لم يدخل بعضها في بعض، كقول من قال: "لم تخل فيما بدأتني به من مجد أثلته، أو كر تعجلته، أو أجر ادخرته، أو متجر اتجرته"(1).
ة المقابلارت ومنها صحة المقابلات: (2) وهي أن يؤتى بمعان يراد التوفيق ابينها وبين معان أخر، والمضادة فيؤتى في الموافق بموافقه، وفيا المضاد بمضاده، كقول القائل: (أهل الرأي والنصح لا يساويهم ذوو
Bilinmeyen sayfa
الأفن والغش، وليس من جمع إلى الكفاية الأمانة، كمن أضاف إلى العجز الخيانة)(1).
فمن تأمل هذه المعاني، وجدها في غاية المعادلة، لأنه جعل بازاء الرأي الأفن، وبإزاء النصح الغش، ومقابل الكفاية العجز ومقابل الأمانة الخيانة ، فهذا التقابل تعديل في الموافقة والمضادة.
ومن هذا الجنس قول هند بنت النعمان بن المنذربن ماع السماء الملك للمغيرة بن شعبة، بعقب إحسان منه إليها (شكرتك.
يد، نالتها خصاصة بعد نعمة، وغنيت عن يد نالت ثروة بعد فاقة) (2).
ه ااسفسي ومنها صحة التفسير: وهي أن توضع معان تحتاج إلى شرح أحوالها، فإذا شرحت أوتي بتلك المعاني من غير عدول عنها ولا ازيادة عليها ولا نقصان منها. كقول من قال: وأنا أثق من مساءلتك في حال، بمثل ما أعلمه من مشاركتك في أخرى، لأنك إن عطفت وجدت لدنأ، وإن غمزت ألفيت شينا) (3).
وكقول آخر: "وأين يذهب بك، مع غزير إنعامك، وشديد أحكامك، وأليم انتقامك، أن تكون مشباعا للضيف، ومدفاعا
Bilinmeyen sayfa
../kraken_local/image-013.txt
الحيف، وممناعا من الخوف)(1).
مهل وومن نعوت المعاني ، التتميم : وهو أن توجد في المعنى كتابة أو طابة، فيوفى بجميم المعاني المتممة لصحته، المكملة لجودته امن غير أن يخل ببعضها، ولا أن يغادر شيء منها، كقول القائل: افحلقت به أسباب الجلالة، غير مستشعر فيها لنخوة، وترامت به أحوال الصرامة، غير مستعمل فيها لسطوة، هذا مع زماتة(2) في غير حصر، ولين جانب من غير خور" (3).
فقد أتى هذا المتكلم بتتميمات المعاني التي جاء بها من غير أن يخل بشيء منها.
المبالغة.
ومن نعوت المعاني، المبالغة : وذلك أن يذكر معنى بما لو اقتصر عليه لكان كافيا فيما قصد له، فلا يقتصر على ذلك حتى ايؤكد معانيه، ويعتمد المبالغة فيه . مثل قول الاعرابي : (اللهم إن كان رزقي نائيا فقربه، أو قريبا فيسره، أو ميسرا فعجله، أو قليلا فكثره، أو كثيرا فثمره)(4).
فهذه مبالغات تؤكد المعنى وتزيد فيه.
Bilinmeyen sayfa
التكافق: ومن نعوت المعاني، التكافؤ: وهو أن يتكلم في أمر من الأمور، فيؤتى فيه بمعان متكافئة، وأعني بمتكافئة في هذا الموضع : متقاومة، أي : أن كل اثنين منها متعاندان حتى إذا قيل في عنى أن شيئا أسود أتي بآخر، يقال فيه : إن شيئا أبيض، إلى غير اذلك من وجوه العناد. مثل قول من قال: (كدر الجماعة، خير من صفو الفرقة)(1).
ومثل قول القائل: (وكان اعتدادي بك اعتداد من لا تنضب عنه ننعمة تغمرك، ولا يمر عليه عيش يحلو لك)(2).
فقوله بإزاء تنضب، تغمر، ويمر، يحلو، من التكافؤ.
وب المعانيي فأما عيوب المعاني، فإن من كان حافظأ لما قدمناه في باب انعوت المعاني، فسيهون عليه تعرف عيوبها، وجماع ذلك أن تكون المعاني معدولا بها عن الأغراض المنتحاة، والمقاصد المتوخاة، الا أان من تفصيل ذلك: الاستحالة والامتناع والتناقض.
الهستحيل فأما المستحيل: فهو الشيء الذي لا يوجد، ولا يمكن مع ذلك ان يتصور في الفكر، مثل الصاعد والنازل في حال واحدة، فإن هذه الحال لا يمكن أن تكون ولا تتصور في الذهن.
Bilinmeyen sayfa
../kraken_local/image-015.txt
الامتناع اوأما الامتناع فهو الذي وإن كان لا يوجد فيمكن أن يتخيل ، ومنزلته دون منزلة المستحيل في الشناعة، مثل أن تركب أعضا احيوان ما، على جئة حيوان آخر، فإن ذلك جائز في التوهم، ولكنه عدوم في الوجود.
التناقض: ووأما التناقض فبأن تجمع بين المقابلة من جهة واحدة.
ووجوه تقابل المعاني والمعاني تقابل على أربعة أوجه(1) : إما على طريق الإضافة امثمل الأب للابن، والضعف للنصف، والمولى للعبد. وإما على اطريق التضاد، مثل الأسود للأبيض، والحار للقار،) والخير للشرير واما على طريق القنية(3) والعدم، مثل البصير للأعمى، والموسر الفقير، وذي الوفرة للاصلع.
اوإما على النفي والإثبات مثل أن يقال: زيد جالس، زيد ليس بجالس فالثلاث المقابلات الأول تكون في المعاني، والرابعة تكون في اللفظ وحده، ولكن هذا التقابل الأخير لما كان قد يعتقد أيضا، حتى العل من يعدم اللفظ، يشير إلى ما في نفسه منه إشارة بغير اللفظ
Bilinmeyen sayfa
كما يشير الأخرس مثلا بأن يحط يده إلى أسفل في الإيجاب، أو ايفعها إلى فوق في النفي، وما جرى هذا المجرى، أضفنا الكلام فيه إلى الكلام في المعاني.
قولي في جميع هذه المقابلات من جهة واحدة، إنما أردت بها اهذا هو الشنيع الجاري مجرى العيب. فأما أن يكون مثلا في باب المضاف، انسان ما أبا لزيد، وابنا لبكر، ومولى لفلان، وعبدا الاخر، ويكون عدد ما، نصفا لعشرين، وضعفا لخمسة.
وكذلك في التضاد مثل أن يكون الفاتر حارا عند البارد، وباردا عند المحرق اوفي القنية(1) والعدم، مثل أن يكون إنسان بصير القلب، أعمى العين، أو معسرا(2) من عرض موسرا(3) من آخر. وفي الإثبات والنفي، مثل أن يكون زيد جالس الظهر، ليس بجالس العصر فجميع ذلك جائز.
فأما المنكر المستبشع الذي أومأنا إلى أنه إذا وجد في معنى كان معيبا، مثل أن يجعل(4) رجل ما، أبأ لزيد، وابنأ له، وعدد ما اعفا لخمسة ونصفا لها، وشيء ما حارا عند رجل وباردا عند ابعينه، وإنسان ما أعمى القلب بصيره، ويجعل زيد قائما في هذا
Bilinmeyen sayfa
../kraken_local/image-017.txt
الوقت، غير قائم فيه نفسه، فهذا كله فاسد لا يجوز، لأن التقابل عل فيه من جهة واحدة، فيصير حينئذ تناقضا، وهو من أفحش اعوب المعاني المعبر عنها بالكلام المنثور، والكلام المنظوم أيضا الا احت بعض، أو بأن يخل بما يقتضي المتكلم فيه استيفاؤه التكرير فاما التكرير، فمثل ما كتب بعضهم إلى عامل (ففكرت مرة في عزلك، وأخرى في صرفك، وتقليد غيرك)(1) . ومثل قول هذا الرجل لهذا العامل (فتارة تسترق الأموال وتختزلها، وتارة نقتطعها وتحتجنها)(2).
داخل الأقسام: وأما دخول بعض الأقسام في الآخر، فمثل ما سأل بعض النوكى فقال: "أخبروني عن علقمة بن عبدة، جاهلي هو أم من بني تميم؟" (3).
وومثل قول بعض المترسلين في فتح "فمن بين جريح مضرج
Bilinmeyen sayfa
../kraken_local/image-018.txt
بدمائه، وهارب ما يلتفت إلى ورائه"(1).
افكلا هذين القسمين يدخل في الآخر، لأن الجريح قد يكون اهاربا، والهارب قد يكون جريحا.
الإخلال: وأما الإخلال ببعض الأقسام فمثل قول القائل: "إنك لا تخلو في هربك من صارفك، أن تكون قدمت إليه إساءة خفت منه معها أو خفت في عملك خيانة، رهبت بكشفه إياك عنها، فإن كنت أسأت (فأول راض سنة من يسيرها) (2) وإن كنت خنت خيانة، فلا بد من مطالبتك بها" (3).
فكتب العامل تحت هذا، هذا التوقيع "قد بقي من الأقسام ما الم تذكر، وهو اني خفق ظلمه إياي بالبعد منك، وتكثيره علي ابالباطل عندك، ووجدت الهرب إلى حيث يمكنني فيه دفع ما خرصه، أنفى للظنة عني، والظلم عمن لا يؤمن ظلمه أولى ابالاحتياط لنفسي" (4) .
فساد المقابلات ومن عيوب المعاني، فساد المقابلات، ومن كان حافظا لما
Bilinmeyen sayfa