İngiltere ve Süveyş Kanalı: 1854-1951
إنجلترا وقناة السويس: ١٨٥٤–١٩٥١م
Türler
فإنجلترا إذن تكافح في سبيل منع الفرنسيين من الحصول على امتياز من والي مصر خاص بشق القناة، وكلما ازدادت حماسة الفرنسيين في تعضيد مشروعهم ازدادت حماسة الإنجليز في معارضته، بل لقد وضعت إنجلترا مشروعا منافسا للمشروع الفرنسي، وهو مشروع إنشاء السكة الحديدية بين الإسكندرية والقاهرة والسويس، ونجحت في ذلك مع والي مصر عباس باشا الأول الذي لم ينس درس سنة 1840 وعرف مقدار ما تستطيعه القوة البحرية الإنجليزية، تيقن عباس باشا الأول من أن إنجلترا لديها العزم على تنفيذ سياستها في الوقت الذي هددت فيه فرنسا وأنذرت، ثم أخيرا تخاذلت عن نصرة مصر في أزمتها الشديدة سنة 1840، رأى والي مصر أن يجامل إنجلترا ويؤجل المشروع الفرنسي، غير آبه كثيرا لإنذار فرنسا له بالعمل لدى الباب العالي على عزله عن ولاية مصر.
أرسلت إنجلترا تعليمات إلى قنصلها العام في مصر بأن يقنع عباسا الأول بقيمة مشروع السكة الحديدية، وبأن مشروع القناة يكلف ما لا يطاق من الجهد والوقت والمال، فمال الوالي ناحية المشروع الإنجليزي وعمل على تنفيذه.
ولكن فردنند دي لسبس استطاع أن ينتهز فرصة تولي سعيد باشا فيسارع إلى مصر مذكرا الوالي الجديد بصلاتهما الوثيقة القديمة، ويجد من الوالي الجديد ترحيبا كبيرا، وينجح في إقناعه بقيمة المشروع الفرنسي في فتح القناة البحرية وتوصيل البحرين، ولا يدري أحد بالدقة ماذا دار بينهما من حديث، وماذا وضع دي لسبس أمام سعيد باشا من آمال، ولا ندري بالضبط ماذا كان يدور بخلد والي مصر من دوافع لمنح مثل ذلك الامتياز، وإن كان البعض يظن أن غرض الوالي كان العمل على اكتساب صداقة فرنسا وتأييدها لاستقلاله إذا ما تأزمت الأمور بينه وبين الباب العالي صاحب السيادة على مصر.
يوافق سعيد باشا على منح فردنند دي لسبس الامتياز الخاص بمشروع فتح القناة البحرية التي تتصل فيها مياه البحر الأحمر بالبحر المتوسط، ويتم ذلك في 30 نوفمبر سنة 1854.
ويسقط في يد إنجلترا، فلقد أخذ فردرك بروس ممثلها في مصر فجأة بتصميم سعيد باشا على منح ذلك الامتياز وتنفيذ ذلك المشروع ولم يفلح في تحويل الوالي عن رأيه؛ حتى بعد أن أعلن منذرا بأن الحكومة الإنجليزية لا تستطيع أن توافق على ذلك المشروع؛ فهو في نظرها مشروع خيالي وغير عملي، ولم يحن الوقت ولا الظروف الملائمة لمحاولة تنفيذه، وأن خيرا منه هو إتمام مشروع الطريق البرية الحديدي من القاهرة إلى السويس.
على أن الحكومة الإنجليزية لم تجد في ذلك الوقت أن تقدم إنذارا رسميا للوالي ضد تنفيذ ذلك المشروع، فالعلاقات بينها وبين الحكومة الفرنسية كانت بصفة عامة جيدة، وتقديم مثل ذلك الإنذار معناه أن الحكومة الإنجليزية تحارب رسميا مصالح الفرنسيين ومشاريعهم، فالحكومة الإنجليزية لم تتخذ مثل هذه الخطوة، ولم ترد الذهاب إلى ذلك الحد.
ثم إن منح سعيد باشا للامتياز ليس بذي أهمية كبيرة؛ إلا إذا وافقت عليه الدولة صاحبة السيادة على مصر، فعلى الحكومة الإنجليزية إذا أرادت عرقلة المشروع أن تبذل مساعيها لدى الباب العالي، فهو صاحب السلطة الرسمية في مصر، وأن تنصحه بعدم الموافقة على الامتياز أو على الأقل بتأجيل النظر فيه.
وكان سفير الحكومة الإنجليزية لدى البلاط العثماني ستراتفورد دي ردكليف - وكان يتمتع في الأستانة بنفوذ لا نظير له - كان يرى أن على إنجلترا أن تبين للباب العالي خطر المشروع الفرنسي على الدولة العثمانية، فما تريده فرنسا من وراء ذلك المشروع هو فصل مصر عن الدولة العثمانية بممر مائي يصلح لأن يكون خطا دفاعيا حربيا، وإنشاء مستعمرة فرنسية في شرقي مصر، ثم السيطرة على كل مصر بعد ذلك؛ ولذا فخير للباب العالي ألا يصدق على الامتياز، ولم تقتصر محاولات ستراتفورد على ذلك، بل طلب تعليمات رسمية من حكومته تؤيد موقفه؛ ولذا وجد لورد كلارندن، وزير الخارجية البريطانية، ضرورة الاتصال بسفير الحكومة الفرنسية في لندن ليبين له وجهة نظر الحكومة البريطانية في مشروع القناة، فهذه الوجهة تتلخص فيما يلي: (1)
نظرا لأن تنفيذ المشروع يستلزم نفقات كثيرة، فالغرض الواضح منه سياسي. (2)
والمشروع يؤخر إتمام مشروع السكة الحديدية من الإسكندرية إلى السويس. (3)
Bilinmeyen sayfa