وسع الفلاسفة الطبيعيون المحدثون من نطاق تلك الجدالات، ودفعوها في كثير من الأحوال إلى التفاهة والفظاظة. لقد وجدوا الله بين ثنايا جلد وحيد القرن؛ ويمكن للمرء بمنطق مساو أن ينكر وجوده بسبب درقة السلحفاة. (1-8) الرد
يا له من منطق! إن السلحفاة ووحيد القرن وكل الأنواع المختلفة تبرهن بالتساوي في تنوعها اللانهائي عن العلة ذاتها، والتصميم ذاته، والهدف ذاته، وهو البقاء والتكاثر والموت.
هناك وحدة في هذا التنوع اللانهائي؛ فالدرقة والجلد يشهدان على ذلك بالتساوي. ماذا؟! تنكر الله لأن الدرقة لا تشبه الجلد؟! أسرف الصحافيون في مدائحهم لأولئك الفلاسفة الحمقى، مدائح لم يمنحوها لنيوتن ولا للوك، وكلاهما عابدان للإله الذي تكلم بالمعرفة الكاملة. (1-9) اعتراض موبرتيوس
ما نفع الجمال والتناسب في تكوين الثعبان؟ يقول بعض الناس إنه ربما يكون لهما استخدامات نجهلها. فلنصمت على الأقل؛ ولنمتنع من الإعجاب بحيوان لا نعرفه إلا بالضرر الذي يفعله. (1-10) الرد
ولتصمت أنت أيضا، بما أنك لا تستطيع أن تدرك جدواه أكثر مما أستطيع؛ أو أن تعترف بأن كل شيء في الزواحف يثير الإعجاب في تناسقه.
بعض الزواحف سام، وأنت أيضا تنفث السم. إنما نسأل هنا عن الفن المذهل الذي شكل الثعابين وذوات الأربع والطيور والأسماك وذوات القدمين. هذا الفن في حد ذاته دليل كاف. تسأل لماذا يؤذي الثعبان؟ ماذا عنك؟ لماذا تسببت بالأذى مرارا؟ لماذا اضطهدت؟ وهذا أعظم جرم يمكن أن يرتكبه فيلسوف. هذا سؤال مختلف، سؤال حول آفة أخلاقية ومادية. كم تساءل المرء طويلا لماذا يوجد كثير من الثعابين وكثير من البشر الأشرار الأسوأ من الثعابين. لو كان للذباب أن يعقل لاشتكى إلى الله من وجود العناكب؛ ولكنه كان سيقر بما أقرت به مينيرفا عن أراكني، في الأسطورة، أنها تنسج شبكتها ببراعة مذهلة.
على المرء إذا أن يعترف بهذا الذكاء الذي لا يوصف الذي أقر به اسبينوزا نفسه. وعلى المرء أن يوافق على أن هذا الذكاء يبرق في أكثر الحشرات تفاهة كما في النجوم. أما ما يتعلق بالآفات الأخلاقية والعيوب الجسدية فماذا يستطيع المرء أن يقول؟ ماذا يستطيع أن يفعل؟ فليعز نفسه بأنه يستمتع بالخير الأخلاقي والجسدي في عبادة الكائن الأبدي الذي خلق واحدا وسمح بالآخر.
كلمة أخرى عن هذا الموضوع: إن الإلحاد رذيلة يقترفها قلة من الأذكياء، والخرافة رذيلة الحمقى. ولكن المدلسين! ماذا يكونون؟ مدلسين. (2) القسم الثاني
لنتكلم عن المسألة الأخلاقية التي أثارها بايل، لنعرف «هل يمكن أن يوجد مجتمع من الملاحدة؟» فلنحدد قبل أي شيء في هذا الشأن ما هو التناقض الكبير الذي يبديه المشاركون في هذا الجدال. أولئك الذين عارضوا رأي بايل بحماسة عظيمة، أولئك الذين أنكروا بأبشع الإهانات إمكانية وجود مجتمع من الملاحدة، زعموا بالجرأة نفسها أن الإلحاد هو دين الحكومة في الصين.
هم قطعا مخطئون تماما بشأن الحكومة الصينية؛ كان عليهم أن يقرءوا مراسيم أباطرة تلك البلاد الشاسعة ليروا بأعينهم أن هذه المراسيم هي بحد ذاتها عظات، وأنه في كل موضع ثمة ذكر للكائن الأعلى، المهيمن المنتقم المثيب.
Bilinmeyen sayfa