فقال: «إن معرفة ذلك لا تتعلق بي، فإنني كأحد أفراد الجند وأراني مضطرا في هذا الجهاد أن أطيع رؤساءه أيا كانوا، وإلا اقتدى بي عامة الجند وفسد نظامنا وساءت حالنا.»
فقال الملك: «أحسنت، واللوم ليس عليك بل على الذين أرسلوك، وسأطالبهم بما فعلوا حينما يمن علي الله بالشفاء. أما أنت فماذا كان الغرض من ذهابك؟»
فقال: «يا حبذا لو طرح مولاي هذا السؤال على الذين أرسلوني؛ فإنهم يخبرونه بالغرض وبالأسباب الداعية إليه.»
فرفع الملك رأسه، وقال له: «اصدقني الخبر، وإلا فلا تأمن على حياتك.»
فقال: «لم أنتظم يا مولاي بين أهل الجهاد وأنا أطلب أن تؤمن حياتي، فإني قد صرفت نظري عن هذه الحياة الفانية ونظرت إلى الباقية.»
فتفرس فيه الملك وقال له: «لقد أصبت فيما قلت، فاسمع أيها الفارس الكريم، أنا أحب الاسكتلنديين؛ لأنهم أبطال ولو كانوا أهل عناد، وأنتظر منهم أن يحبوني أيضا؛ لأنني خولتهم من الحقوق ما لم يخولهم أسلافي.»
فسجد الفارس له وقال: «نعم، نحن لا ننكر أفضالك علينا ولولا ذلك ما أتينا لنحارب تحت لوائك، بل كنا الآن نعيث في حدود مملكتك. وإن كنت ترى عددنا في معسكرك قليلا فذلك لأننا قد جدنا بأنفسنا ولم نبخل بها.»
فقال الملك: «لا أنكر عليك شيئا من ذلك، وبما أنك تحت لوائي الآن، وبما أنني من رؤساء هذا الجهاد فلي الحق بمعرفة كل ما يدور بين حلفائي من المذكرات المتعلقة به؛ فلذلك أطلب منك أن تخبرني كل ما لي الحق في الاطلاع عليه.»
فقال الفارس: «إنك حتمت علي هذا الحتم يا مولاي، فأنا لا أخفي عنك شيئا مما اؤتمنت عليه، لا سيما وإني عالم أنك مقدام هذا الجهاد، وأكثر الناس إخلاصا فيه. فالغرض الذي ذهبت به إلى ناسك عين جدي هو عقد صلح دائم وانسحاب جنودنا من هذه البلاد.» فأقسم الملك بالله وقال: «خطر على بالي خواطر كثيرة ولكن لم يخطر عليه هذا الخاطر الذي يعود علينا بالعار والشنار. فقل لي هل ذهبت برضاك؟»
فقال: «ذهبت برضاي يا مولاي؛ لأننا إذا حرمنا قائد جيوشنا - لا سمح الله - فليس لنا من يخلفه، والصلح خير من الهزيمة.»
Bilinmeyen sayfa