90

Kadim ve Hadis

القديم والحديث

Türler

ومن عجيب ما لاحظته في أراضي فلسطين، أنني شهدت لحكومتها بعض أثر من عمل مثل إنشائها بعض الجسور على الأودية، في حين لم أر عملا عمرانيا في ولايتي سورية وبيروت، كأن مجاورة لواء القدس للأراضي المصرية عدت فلسطين أو القسم الأعظم منها من ارتقاء بلاد الفراعنة، فصحت عزيمة حكومة القدس على أن تمد جسورا على الأقل، وتعبد الطرق بعض الشيء، لا جرم أن العلى تعدى كما قال أبو تمام. ولقد كنا كلما اقتربنا من غزة نحس بتغبر المشاهد في بلاد أشبه بهوائها وزراعتها بالبلاد المصرية، والناس يكادون يشبهون سكان الصعيد بألبستهم ولهجاتهم، وهذا من عدوى الجوار، وكثرة اختلاط المتجاورين من سكان القطرين، فإنك كما ترى جمهورا كبيرا من جالية المصريين في يافا وغزة، هكذا تجد الجميز والموز من أشجار البلاد الحارة شائعين في صقع غزة.

دخلنا اليوم التاسع في رمال، ولم يكن يتغير شكلها خمسة أيام متوالية إلى أن قالت الإسماعيلية: ها أنا ذه، وهذه الرمال كانت تعرف قديما بالجفار جمع جفر، وهي البئر القريبة القعر الواسعة لم تطو، قال ياقوت: وهي أرض من مسيرة سبعة أيام بين فلسطين ومصر، أولها رفح من جهة الشام وآخرها الخشبي، متصلة برمال تيه بني إسرائيل، والخشبي بينه وبين الفسطاط ثلاث مراحل كما في معجم البلدان، فيه خان، وهو أول الجفار من ناحية مصر وآخرها من ناحية الشام، قال أبو العز مطفر بن إبراهيم بن جماعة بن علي الضرير العيلاني معتذرا عن تأخره لتلقي الوزير الصاحب صفي الدين بن شكر، وكان قد تلقى إلى هذا الموضع:

قالوا إلى الخشبي سرنا على لهف

نلقى الوزير جموعا من ذوي الرتب

ولم تسر قلت والمولى ونعمته

ما خفت من تعب ألقى ولا نصب

وإنما النار في قلبي لغيبته

فخفت أجمع بين النار والخشب

وكل الجفار رمال سائلة بيض، في غربيها منعطف نحو الشمال بحر الشام، وفي شرقيها منعطف نحو الجنوب بحر القلزم، وسميت الجفار لكثرة الجفار بأرضها، ولا شرب لسكانها إلا منها، وكان فيها لعهد ياقوب نخل كثير ورطب جيد، وهو ملك القوم متفرقين في قرى مصر يأتونه أيام لقاحه فيلقحونه، وأيام إدراكه فيجنونه، وينزلون بينه بأهاليهم في بيوت من سعف النخل والحلفاء، وفي الجادة السابلة إلى مصر عدة مواضع عامرة، يسكنها قوم من السوقة للمعيشة على القوافل، وهي رفح والقس والزعقا والعريش والورادة وقطية، وفي كل موضع من هذه المواضع عدة دكاكين،

4

Bilinmeyen sayfa