أجل إن كثرة الرءوس على جسم واحد غير ممكنة، وهي لا تؤدي إلى عمل حاسم، وهذه هي حالنا اليوم، في بيوتنا وفي مجتمعنا، فليس لنا رأس واحد يديرنا، ولذلك نمشي كما قال ذلك الأعرابي للجاحظ متقلبين على الرمل ... يقول مثلنا: كثرة الطباخين تشيط الطعام. فلماذا لا نختار طباخا واحدا؟!
كان لرجل مسيحي بقرة يسرحها كل يوم ويقول لها: روحي أنت اليوم برعاية القديس الفلاني، وفي المسيحية، لكل يوم، عيد قديس، فكانت البقرة تروح وترجع إلى معلفها. إلى أن كان يوم عيد جميع القديسين، فنزل صاحب البقرة إلى القبو وقلبه ملآن فرحا، ففك رسن البقرة، وقال لها: أنت اليوم بحراسة جميع القديسين. مع السلامة.
ولكن البقرة راحت وما رجعت.
فهمتم أم نشرح لكم؟ إذا كانوا يقولون: بيت التنتين خرب من سنتين، فما عسانا نقول نحن في البيت الذي فيه عشرة.
نقول: إن الأجنبي مزقنا، فلماذا نتركه يمد يده ويغمس لقمته في صحننا؟!
في أيام الصبا كانت لنا لعبة، كنا ننقسم فيها فوجين، ونغير على بعضنا، وكل فريق يطلب الفوز طبعا، حتى إذا تفرقنا وانتهت الجولة الأولى صاح زعيم الفوج بصوته الجهوري: يا شباب لموا ريش، فنتسابق جميعا إلى حيث هو ونوحد جبهتنا، فهل من يصيح بدولنا العربية لموا ريش؟!
هذا أوان الشد فاشتدي زيم، فلنتكاتف، وإذا تكاتفنا بلغنا المحجة واستلمنا الحجر.
ستنا السيدة
قال لي واحد: أرأيت كيف يفعلون؟ لا يفرغ مركز حتى يملئوه بمن لهم من بنين وأقارب ومحاسيب وأنصار، فكأن لبنان لهم وحدهم.
فقلت له: ولماذا لا تترحم على الحطيئة وتقول مثله:
Bilinmeyen sayfa