Proximate Fatwas of Ibn Taymiyyah
تقريب فتاوى ابن تيمية
Yayıncı
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
١٤٤١ هـ
Yayın Yeri
السعودية
Türler
وَالصَّوَابُ أَنَّ الْأَشْيَاءَ مُفْتَقِرَةٌ إلَى الْخَالِقِ لِذَوَاتِهَا، لَا لِأَمْر آخَرَ جَعَلَهَا مُفْتَقِرَةً إلَيْهِ؛ بَل فَقْرُهَا لَازِمٌ لَهَا، لَا يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ غَيْرَ مُفْتَقِرَةٍ إلَيْهِ، كَمَا أَنَّ غِنَى الرَّبِّ وَصْفٌ لَازِمٌ لَهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ غَنِيِّ، فَهُوَ غَنِيٌّ بِنَفْسِهِ لَا بِوَصْف جَعَلَهُ غَنِيًّا.
وَمَا أَثْبَتَهُ الْقُرْآنُ مِن اسْتِسْلَامِ الْمَخْلُوقَاتِ وَسُجُودِهَا وَتَسْبِيحِهَا وَقُنُوتِهَا أَمْرٌ زَائِدٌ عَلَى هَذَا عِنْدَ عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ مِن السَّلَفِ وَجُمْهُورِ الْخَلَفِ.
وَلَكِنَّ طَائِفَةً تَدَّعِي أَنَّ افْتِقَارَهَا وَخُضُوعَهَا وَخَلْقَهَا وَجَرَيَانَ الْمَشِيئَةِ عَلَيْهَا هُوَ تَسْبِيحُهَا وَقُنُوتُهَا، وَإِن كَانَ ذَلِكَ بِلِسَانِ الْحَالِ، وَلكَوْنِهَا دَلَالَةً شّاهِدَةً لِلْخَالِقِ ﷻ. وَهَذَا يَقُولُهُ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ .. وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ [آل عمران: ٨٣]، قَالَ: إسْلَامُ الْكُلِّ: خُضُوعُهُم لِنَفَاذِ أَمْرِهِ فِي جِبِلِّهِمْ، لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ يَمْتَنِعُ مِن جِبِلَّةٍ جَبَلَهُ اللهُ عَلَيْهَا، وَهَذَا الْمَعْنَى صَحِيحٌ، لَكِنَّ الصَّوَابَ الَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ عُلَمَاءِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ: أَنَّ الْقُنُوتَ وَالِاسْتِلَامَ وَالتَّسْبِيحَ أَمْرٌ زَائِدٌ عَلَى ذَلِكَ.
وَهَذَا كَقَوْلِ بَعْضِهِمْ: إنَّ سُجُودَ الْكَارِهِ: ذُلُّهُ (^١) وَانْقِيَادُهُ لِمَا يُرِيدُهُ اللهُ مِنْهُ مِن عَافِيَةٍ وَمَرَضٍ وَغِنًى وَفَقْرٍ.
وَكَمَا قَالَ بَعْضُهُم فِي قَوْلِهِ: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ﴾ [الإسراء: ٤٤]، قَالَ: تَسْبِيحُهُ دَلَالَتُهُ عَلَى صَانِعِهِ، فَتُوجِبُ بِذَلِكَ تَسْبِيحًا مِن غَيْرِهِ.
وَالصَّوَابُ أَنَّ لَهَا تَسْبِيحًا وَسُجُودًا بِحَسَبِهَا. [١/ ٤٤ - ٤٥]
١٥٢ - مَن طَلَبَ مِن الْعِبَادِ الْعِوَضَ: ثَنَاءً أَو دُعَاءً أَو غَيْرَ ذَلِكَ: لَمْ يَكُن مُحْسِنًا إلَيْهِم للهِ. [١/ ٥٤]
(^١) في الأصل وجميع المصادر التي وقفت عليها بالعطف: وَذُلَّهُ، وهذا يقتضي أنه وما بعده معطوف على اسم إنّ، والخبر لم يُذكر! ولعل المثبت هو الصواب، ويكون قوله: "ذُلُّه" وما بعده الخبر.
1 / 101