36

Proximate Fatwas of Ibn Taymiyyah

تقريب فتاوى ابن تيمية

Yayıncı

دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع

Baskı Numarası

الأولى

Yayın Yılı

١٤٤١ هـ

Yayın Yeri

السعودية

Türler

[النمل: ٤٠] وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ﴾ [التغابن: ١] فَإِنَّ كَثِيرًا مِمَن يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ وَالْغِنَى لَا يَكُونُ مَحْمُودًا بَل مَذْمُومًا، إذِ الْحَمْدُ يَتَضَمَّنُ الْإِخْبَارَ عَن الْمَحْمُودِ بِمَحَاسِنِهِ الْمَحْبُوبَةِ، فَيَتَضَمَّنُ إخْبَارًا بِمَحَاسِنِ الْمَحْبُوبِ مَحَبَّةً لَهُ. وَكَثِيرٌ مِمَن لَهُ نَصِيبٌ مِن الْحَمْدِ وَالْمَحَبَّةِ يَكُونُ فِيهِ عَجْزٌ وَضَعْفٌ وَذُلٌّ يُنَافِي الْعَظَمَةَ وَالْغِنَى وَالْمُلْكَ. فَالْأَوَّلُ يُهَابُ ويُخَافُ وَلَا يُحَبُّ. وَهَذَا يُحَبُّ وَيُحْمَدُ وَلَا يُهَابُ وَلَا يُخَافُ. وَالْكَمَالُ اجْتِمَاعُ الْوَصْفَيْن. [١٠/ ٢٥٢] ٥٤ - النَّاسُ وَإِن كَانُوا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ: لَا إلَهَ إلَّا الله، فَقَوْلُ الْعَبْدِ لَهَا مُخْلِصًا مِن قَلْبِهِ لَهُ حَقِيقَةٌ أُخْرَى، وَبِحَسَبِ تَحْقِيقِ التَّوْحِيدِ تَكْمُلُ طَاعَةُ اللهِ. وَكُلَّمَا حَقَّقَ الْعَبْدُ الْإِخْلَاصَ فِي قَوْلِ: لَا إلَهَ إلَّا اللهُ خَرَجَ مِن قَلْبِهِ تَأَلُّهُ مَا يَهْوَاهُ، وَتُصْرَفُ عَنْهُ الْمَعَاصِي وَالذُّنُوبُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ﴾ [يوسف: ٢٤] (^١). فَعَلَّلَ صَرْفَ السُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ عَنْهُ بِأَنَّهُ مِن عِبَادِ اللهِ الْمُخْلِصِينَ، وَهَؤُلَاءِ هُم الَّذِينَ قَالَ فِيهِمْ: ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ﴾ [الحجر: ٤٢] وَقَالَ الشَّيْطَانُ: ﴿قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٢) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾ [ص: ٨٢، ٨٣]. وَقَد ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَن النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: "مَن قَالَ: لَا إلَهَ إلَّا اللهُ مُخْلِصًا مِن قَلْبِهِ حَرَّمَهُ اللهُ عَلَى النَّارِ" فَإِنَّ الْإِخْلَاصَ يَنْفِي أَسْبَابَ دُخُولِ النَّارِ، فَمَن دَخَلَ النَّارَ مِن الْقَائِلِينَ لَا إلَهَ إلَّا اللهُ لَمْ يُحَقِّقْ إخْلَاصَهَا الْمُحَرِّمَ لَهُ عَلَى

(^١) وفي قراءة أخرى متواترة: الْمُخلِصِين، بكسر اللام، فبينت القراءتان أنّ الله تعالى يصرف عن عباده المخلِصين السوء والفحشاء، وأنه بسبب ذلك جعلهم من المختارين المصطفين الأخيار.

1 / 42