Proximate Fatwas of Ibn Taymiyyah
تقريب فتاوى ابن تيمية
Yayıncı
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
١٤٤١ هـ
Yayın Yeri
السعودية
Türler
لَا يُسَوُّونَ بَيْنَ مَن أَحْسَنَ إلَيْهِم وَبَيْنَ مَن ظَلَمَهُمْ، وَلَا يُسَوُّونَ بَيْنَ الْعَالِمِ وَالْجَاهِلِ، وَالْقَادِرِ وَالْعَاجِزِ، وَلَا بَيْنَ الطَّيِّبِ وَالْخَبِيثِ، وَلَا بَيْنَ الْعَادِلِ وَالظَّالِمِ؛ بَل يُفَرِّقُونَ بَيْنَهُمَا، وَيُفَرِّقُونَ أَيْضًا بِمُوجِبِ أَهْوَائِهِمْ وَأَغْرَاضِهِمْ لَا بِمُوجِبِ الْأمْرِ وَالنَّهْيِ، وَلَا يَقِفُونَ لَا مَعَ الْقَدَرِ وَلَا مَعَ الْأَمْرِ؛ بَل كَمَا قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: أَنْتَ عِنْدَ الطَّاعَةِ قَدَرِيٌّ، وَعِنْدَ الْمَعْصِيَةِ جَبْرِيٌّ؛ أَيُّ: مَذْهَبٍ يُوَافِقُ هَوَاك تَمَذْهَبْت بِهِ.
يَقُولُ: أَنْتَ إذَا أَطَعْتَ جَعَلْتَ نَفْسك خَالِقًا لِطَاعَتِك، فَتَنْسَى نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْك إنْ جَعَلَك مُطِيعًا لَهُ، وَإِذَا عَصَيْتَ لَمْ تَعْتَرِفْ بِأَنَّك فَعَلْت الذَّنْبَ؛ بَل تَجْعَلُ نَفْسَك بِمَنْزِلَةِ الْمَجْبُورِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مُرَادِهِ، أَو الْمُحَرَّكِ الَّذِي لَا إرَادَةَ لَهُ وَلَا قُدْرَةَ وَلَا عِلْمَ، وَكِلَاهُمَا خَطَأٌ.
ج - وَالصِّنْفُ الثَّالِثُ مِن الضَّالِّينَ فِي الْقَدَرِ: مَن خَاصَمَ الرَّبَّ فِي جَمْعِهِ بَيْنَ الْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ وَالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ -كَمَا يَذْكُرُونَ ذَلِكَ عَلَى لِسَانِ إبْلِيسَ-، وَهَؤُلَاءِ خُصَمَاءُ اللهِ وَأَعْدَاؤُهُ.
وَأَمَّا أَهْلُ الْإِيمَانِ: فَئومِنونَ بِالْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ، وَالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، وَيَفْعَلُونَ الْمَأْمُورَ وَيَتْرُكُونَ الْمَحْظُورَ، وَيَصْبِرُونَ عَلَى الْمَقْدُورِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [يوسف: ٩٠]؛ فَالتَّقْوَى تَتَنَاوَلُ فِعْلَ الْمَأْمُورِ وَتَرْكَ الْمَحْظُورِ، وَالصَّبْرُ يَتَضَمَّنُ الصَّبْرَ عَلَى الْمَقْدُورِ.
وَهَؤُلَاءِ إذَا أَصَابَتْهُم مُصِيبَةٌ فِي الْأَرْضِ أَو فِي أَنْفُسِهِمْ عَلِمُوا أَنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ، وَأَنَّ مَا أَصَابَهُم لَمْ يَكُن لِيُخْطِئَهُمْ، وَمَا أَخْطَاهُم لَمْ يَكُن لِيُصِيبَهُمْ، فَسَلَّمُوا الْأَمْرَ للّهِ وَصَبَرُوا عَلَى مَا ابْتَلَاهُم بِهِ.
وَأَمَّا إذَا جَاءَ أَمْرٌ اللّهِ فَإِنَّهُم يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ، وَيُسَابِقُونَ إلَى الطَّاعَاتِ، وَيَدْعُونَ رَبَّهُم رَغَبًا وَرَهَبًا، وَيَجْتَنِبُونَ مَحَارِمَهُ، وَيَحْفَظُونَ حُدُودَهُ، وَيَسْتَغْفِرُونَ اللّهَ وَيَتُوبُونَ إلَيْهِ مِن تَقْصِيرِهِمْ فِيمَا أَمَرَ، وَتَعَدِّيهِمْ لِحُدُودِهِ؛ عِلْمًا
1 / 199