Proximate Fatwas of Ibn Taymiyyah
تقريب فتاوى ابن تيمية
Yayıncı
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
١٤٤١ هـ
Yayın Yeri
السعودية
Türler
فَهَذَا إنَّمَا أَرَادَ بِهِ النَبِيُّ ﷺ الْمَعْنَى الثَّانِيَ، وَهُوَ أَنْ يُطْلَبَ مِنْهُ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ إلَّا اللهُ، وَإِلَّا فَالصَّحَابَةُ كَانُوا يَطْلُبُونَ مِنْة الدُّعَاءَ ويسْتَسْقُونَ بِهِ.
وَالِاسْتِغَاثَةُ بِمَعْنَى أَنْ يُطْلَبَ مِن الرَّسُولِ ﷺ مَا هُوَ اللَّائِقُ بِمَنْصِبِهِ لَا يُنَازعُ فِيهَا مُسْلِمٌ، وَمَن نَازَعَ فِي هَذَا الْمَعْنَى فَهُوَ إمَّا كَافِرٌ إنْ أَنْكَرَ مَا يَكْفُرُ بِهِ وَإِمَّا مُخْطِى ضَالٌّ.
وَأَمَّا بِالْمَعْنَى الَّذِي نَفَاهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ فَهُوَ أَيْضًا مِمَّا يَجِبُ نَفْيُهَا، وَمَن أَثْبَتَ لِغَيْرِ اللهِ مَا لَا يَكُونُ إلَّا للهِ فَهُوَ أَيْضًا كَافِرٌ إذَا قَامَتْ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ الَّتِي يَكْفُرُ تَارِكُهَا.
وَمِن هَذَا الْبَابِ قَوْلُ أَبِي يَزِيدَ البسطامي: اسْتِغَاثَةُ الْمَخْلُوقِ بِالْمَخْلُوقِ كَاسْتِغَاثَةِ الْغَرِيقِ بِالْغَرِيقِ، وَقَوْلُ الشَّيْخِ أَبِي عَبْدِ اللهِ الْقُرَشِيِّ الْمَشْهُورِ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ: اسْتِغَاثَةُ الْمَخْلُوقِ بِالْمَخْلُوقِ كَاسْتِغَاثَةِ الْمَسْجُونِ بِالْمَسْجُونِ (^١).
وَلَمَّا كَانَ هَذَا الْمَعْنَى هُوَ الْمَفْهُومَ مِنْهَا (^٢) عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَكَانَ مُخْتَصُّا باللهِ: صَحَّ إطْلَاقُ نَفْيِهِ عَمَّا سِوَاهُ (^٣)، وَلهَذَا لَا يُعْرَفُ عَن أَحَدٍ مِن أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ جَوَّزَ مُطْلَقَ الِاسْتِغَاثَةِ بِغَيْرِ اللهِ، وَلَا أَنْكَرَ عَلَى مَن نَفَى مُطْلَقَ الِاسْتِغَاثَةِ عَن غَيْرِ اللهِ.
وَكَذَلِكَ الاسْتعانة (^٤) أَيْضا فِيهَا مَا لَا يَصْلُحُ إلَّا للهِ، وَهِيَ الْمُشَارُ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥)﴾ [الفاتحة: ٥]؛ فَإِنَهُ لَا يُعِين عَلَى
(^١) قال الشيخ في موضع آخر بعد أن ساق كلامهما: وَهَذَا تَقْرِيبٌ، وإِلا فَهُوَ كَاسْتِغَاثَةِ الْعَدَمِ بِالْعَدَمِ؛ فَإِن الْمُسْتَغَاثَ بِهِ إنْ لَمْ يَخْلُق الْحَقُّ -وهو الله تعالى- فِيهِ قُوَّةً وَحَوْلًا وإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ مِن نَفْسِهِ شَيْءٌ قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ [البقرة: ١٠٢]. ا هـ.
(^٢) أي: من الاستغاثة.
(^٣) أي: صح نفي طلب الاستغاثة من غير الله، كما نفاها النبي -صلي الله عليه وسلم-.
(^٤) في الأصل: الِاسْتِغَاثَةُ، والتصويب من كتاب الرد على البكري (١/ ٤٢٢).
1 / 125