110

Protection from the Schemes of Devils

التحصين من كيد الشياطين

Türler

مُسْتَقِيمٌ *إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ *﴾ . فانظر - رعاك الله - إلى عجز إبليس وجنده، وضعفهم عن مجرد إغواء من اتصف بالإخلاص، فكيف بضرّهم أو الاستحواذ عليهم؟! بل إن الشياطين تجتنب الطريق التي يمر بها العبد المخلص، كما قال النبي ﷺ لعمر ﵁: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ قَطُّ سَالِكًا فَجَّاَ إِلاَّ سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ (١) وكما بشّر به رسول الله ﷺ عمرَ بقوله: إَنَّ الشَّيْطَانَ لَيَخَافُ مِنْكَ يَا عُمَرُ (٢) . والإخلاص - كما ذكرنا آنفًا - هو مبنى التوكل وحقيقته، فلا يضر المتوكلَ شيء، ولا حاجة له لرقية مِنْ ضُرٍّ أصابه، بل إنه - بما استجمع من إخلاص في توحيد الله - يأتيه الشفاء بلا دواء ولا اكتواء ولا استرقاء، وهذا حال بعض عباد الله الصالحين المتوكلين، لكن ذلك لا ينافي وجوبَ التداوي وجواز الاسترقاء، فليس جميع الأمة قد تبوَّؤوا تلك المنزلة السامقة والدرجة الرفيعة في الإخلاص، فعلى قدر ما يبلغ بك الحال في إخلاص التوحيد، تبلغ بذلك تحصين قلبك، والدرءَ عن نفسك، فاجتهد - رحمك الله - في تحقيق ذلك. هذا، ولم يستكمل من هذه الأمة إخلاصهم لله إلا ثلة مباركة، وقد بُشّروا بشفاء من غير

(١) جزء من حديث متفق عليه من حديث سعد بن أبي وقاص ﵁، أخرجه الشيخان مطولًا؛ البخاري: كتاب: بدء الخلق، باب: صفة إبليس وجنوده، برقم (٣٢٩٤)، وفي مواضع عدة من صحيحه. ومسلم؛ كتاب: فضائل الصحابة، باب: من فضائل عمر ﵁ برقم (٢٣٩٦) . (٢) أخرجه الترمذي - وصحّحه -؛ كتاب: المناقب، باب [قوله ﷺ: «إن الشيطان ليخاف منك يا عمر»]، برقم (٣٦٩٠)، عن بُرَيْدَةَ ﵁.

1 / 114