Power of Attorney for a Non-Compulsory Guardian to Marry Off His Ward - Within ' آثار المعلمي '
توكيل الولي غير المجبر بتزويج موليته - ضمن «آثار المعلمي»
Araştırmacı
محمد عزير شمس
Yayıncı
دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
١٤٣٤ هـ
Türler
الرسالة الثامنة عشرة
توكيل الولي غير المجبر بتزويج موليته
17 / 543
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله على إفضاله، والصلاة والسلام على خاتم أنبيائه، سيّدنا محمد وآله.
وبعدُ، فقد جرت المذاكرة في توكيل الولي غير المجبر بتزويج موليته إذا وقع التوكيل قبل إذنها، فلمّا راجعتُ المظانَّ وجدت الحاجة ماسةً إلى بسطٍ وتحقيق، فأقول مستعينًا بالله سبحانه:
[ص ٢] قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى: "وإذا جاز للمرأة أن تُوكِّل وليَّينِ جاز للوليِّ الذي لا أمرَ للمرأة معه أن يوكّل، وهذا للأب خاصة في البكر، ولم يجُزْ لوليٍّ غيرٍ هـ (^١) للمرأة معهم أمرٌ، أن يُوكِّل أبٌ في ثيّب، ولا وليٌّ غيرُ أبٍ، إلا بأن تأذن له أن يوكّل بتزويجها، فيجوز بإذنها". "الأم" (ج ٥ ص ١٤) (^٢).
وأمّا كلام الأصحاب، فقال الشيخ أبو إسحاق في "المهذَّب":
"ولا يصحُّ التوكيلُ إلا ممّن يملك التصرفَ في الذي يُوكَّل فيه بمِلْكٍ أو ولاية، فأمّا من لا يملك التصرفَ في الذي يُوكَّل فيه ــ كالصبي، والمجنون، والمحجور عليه في المال، والمرأة في النكاح، والفاسق في تزويج ابنته ــ فلا يملك التوكيلَ فيه .... وأمّا من لا يملك التصرف إلا بالإذن كالوكيل والعبد المأذون له، فإنّه لا يملك التوكيل إلا بالإذن. واختلف أصحابنا في
_________
(^١) وقوله "غيره" أي: غير الولي الذي لا أمر للمرأة معه، أو غير الأب في البكر.
(^٢) (٦/ ٤٣) ط. دار الوفاء.
17 / 545
غير الأب والجد من العصبات هل يملك التوكيل في التزويج من غير إذن المرأة؟ منهم مَنْ قال: يملك؛ لأنّه يملك التزويج بالولاية من جهة الشرع، فيملك التوكيل من غير إذن كالأب والجدّ. ومنهم من قال: لا يملك؛ لأنّه لا يملك التزويج إلا بالإذن، فلا يملك التوكيل إلا بإذن، كالوكيل والعبد المأذون". "المهذب" (ج ١ ص ٣٥١) (^١).
[ص ٣] أقول: مسألة "المهذَّب" في الولي غير المجبر الذي أذنت له بالزواج، ولم تأذنْ له بالتوكيل ولا نهتْه عنه، وهي غير مسألتنا.
وقال الرافعي في "المحرر" (^٢): "وأمّا غير المجبر فإن نهتْه عن التوكيل لا يُوكِّل، وإن أذنتْ له وَكَّل، وإن قالت له: زوِّجني، فهل له التوكيل؟ فيه وجهان أصحهما نعم. ولا يجوز [له] التوكيل من غير استئذانها في النكاح في أصح الوجهين".
وعبارة "المنهاج" (^٣): "وغير المُجْبِر إن قالت له وكِّلْ وَكَّلَ، وإن نهتْه فلا، وإن قالت: زوِّجْني فله التوكيل في الأصح، ولو وَكَّل قبل استئذانها لم يصحَّ على الصحيح".
قال الخطيب في "المغني" (^٤) بعد قول "المنهاج": "على الصحيح": المنصوص، يريد نصّ الإمام الشافعي رحمه الله تعالى، وقد تقدم.
_________
(^١) (٣/ ٣٤٧) تحقيق الزحيلي.
(^٢) (ص ٢٩٣) ط. دار الكتب العلمية.
(^٣) "منهاج الطالبين" (٢/ ٤٣٢) ط. دار البشائر.
(^٤) "مغني المحتاج" (٣/ ١٥٨).
17 / 546
وفي "الروض" مع شرحه: (ولغير المجبر) بأن كان غير أب وجدٍّ مطلقًا أو أحدهما في الثيّب (التوكيل) أيضًا، لكن (بعد الإذن له) منها (في النكاح والتوكيل أو في التوكيل فقط) أي: دون النكاح (وكذا في النكاح وحده) أي: دون التوكيل؛ لأنّه تصرّف بالولاية فيتمكن من التوكيل بغير إذن، كالوصيّ والقيّم، هذا (إن لم تنهَه) عن التوكيل، فإن نهتْه عنه لم يوكّل، لأنّها إنّما تزوج بالإذن، ولم تأذن في تزويج الوكيل بل نهتْ عنه، أمّا توكيله بغير إذنها له فلا يصح؛ لأنّه لا يملك التزويج بنفسه. "شرح الروض" (ج ٣ ص ١٣٥) (^١).
ومقابل الأصح في عبارة "المنهاج" هو الوجه الذي صرّح به في "المهذب"، وذكر دليله، وهو موافق لنصّ الإمام الشافعي رحمه الله تعالى، وإن كان الأصح خلافه عند الأصحاب.
وممّا يوضح ما قلنا ما في "صحيح مسلم" (^٢) وغيره من حديث ابن عباس ﵄ أنّ النّبي ﵌ قال: "الثيّب أحقُّ بنفسها من وليّها، والبكر تُستأمر وإذنها سكوتها"، وفي لفظٍ لأبي داود والنسائي وصححه ابن حبّان (^٣): "ليس للولي مع الثيب أمر، واليتيمة تُستأمر".
[ص ٤] وشبهتهم قياس غير المجبر إذا أذنت له بالتزويج على المجبر،
_________
(^١) "أسنى المطالب شرح روض الطالب" ط. مصر ١٣١٣ هـ.
(^٢) رقم (١٤٢١). وأخرجه أيضًا أبو داود (٢٠٩٩) والنسائي (٦/ ٨٥).
(^٣) انظر: "سنن أبي داود" (٢١٠٠) و"النسائي" (٦/ ٨٥) و"صحيح ابن حبان" (٤٠٨٩).
17 / 547
ويُفرَّق بأنّ المجبر ولايته تامّة بدون إذنها، وغير المجبر إنّما تتمّ ولايته بإذنها، بل لو قيل: إنّه إنّما يستفيد الولاية بإذنها لما كان عجبًا، ألا ترى أنّها لو دَعَتْ إلى كُفْءٍ فقيرٍ مستضعف دميمٍ بصداقٍ قليل، ودعا غير المجبر إلى من هو خير من ذاك كفاءةً وكمالًا وجمالًا ومالًا وجاهًا بصداقٍ أضعافِ ما بذله الآخر لوجب إجابتها، حتى لو لم يُجِب الوليُّ إلى تزويجها بمن رغبتْ فيه عُدَّ عاضلًا فيزوِّجها السلطان، ولو قالت للمجبر: لا توكِّلْ، فوكّل صحّ، ولو أذنت لغير المجبر بالتزويج وقالت: لا توكِّلْ، لم يكن له أن يوكِّل اتفاقًا كما مرّ.
ومنهم من قاسه على الوصي والقيّم، قال في "المغني" (^١): "بل هو أولى منهما؛ لأنهما نائبان، وهو ولايته أصلية بالشرع، وإذنها بالتزويج شرط في صحة تصرفه، وقد حصل".
أقول: لك أن تقول: بل الأصل هو إذنها، ولكن يشترط له أن يكون المأذون له أولى العصبات بدليل الحديث المذكور آنفًا وما معه، ثم نقول: يُفرَّق بين الولي وبين الوصيّ والقيم بأنّ الضرورة دعت إلى ذلك في الوصي والقيم، لعدم إمكان الإذن من الصبي ونحوه، ولهذا لو أذنت الصغيرة لوليها غير المجبر أن يزوِّجها لم يعتدّ بإذنها، فأمّا المرأة البالغة العاقلة فإنّ استئذانها في التوكيل ممكن، وإذنها معتدٌّ به شرعًا، بل المدار عليه كما مرّ.
فإن قلت: إنّما قصدوا أنّ الوصي له أن يوكِّل، وإن لم يأذن له الموصي، والقيم له أن يوكِّل وإن لم يأذن له القيّم.
_________
(^١) "مغني المحتاج" (٣/ ١٥٨).
17 / 548
قلتُ: وعلى هذا أيضًا فبينهما وبين الولي غير المجبر فرق، وهو أنّ عمل الوصي والقيم يكون كثيرًا متشعبًا، تدعو الحاجة إلى أن يستعينا بغيرهما ويُوكِّلاه؛ فلذلك عُدّ سكوت الموصي والقيم عن اشتراط عدم التوكيل بمنزلة الإذن بالتوكيل، ألا ترى أن الوكيل إذا كان العمل كثيرًا لا يستطيع مباشرته، وعَلِمَ الموكِّلُ ذلك عند التوكيل؛ عُدَّ توكيله وسكوته عن المنع عن التوكيل إذنًا بالتوكيل، فأمّا الولي فإنّما هي كلمة واحدة يقولها، وإن فرض أنّه قد يعرض له ما يحوجه إلى التوكيل فذلك نادرٌ، يمكنه حينئذٍ أن يستأذن المرأة في التوكيل، فأمّا الوصيُّ والقيّم فعملهما كثيرٌ كما مرّ، ولا يمكن الوصيَّ استئذانٌ عند عروض الحاجة؛ لأنّه قد مات، وكثيرًا ما يتعسّر الاستئذان من القاضي لبعد مكانه ونحو ذلك بخلاف الوكيل، فإنّ تعسُّر مراجعته للموكل كالنادر، وكذا العبد المأذون له في التجارة، فأمّا احتياج وليِّ المرأة إلى التوكيل فأقلُّ وأندر، وتعسُّر مراجعتها ممّا لا يكاد يقع.
والحاصل أنّ المعنى الذي يدور عليه جواز التوكيل من النائب وعدمه هو كونه يكثر احتياجه إلى التوكيل، وعسر الاستئذان من المنيب، وهذا المعنى موجود في الوصي والقيم، وقليل في الوكيل والعبد المأذون له في التجارة، ونادرٌ جدًّا في ولي النكاح، فإذا منعنا الوكيل والعبد المأذون له في التجارة من التوكيل فوليُّ النكاح أولى، نعم إنّ له ولايةً شرعية، ولكنّه لا يملك بها الأمر الذي يريد أن يوكل به وهو العقد، وإنّما ملكه بإذنها، والله أعلم، على أنّ في الوصي والقيم خلافًا، والذي اختاره محمد رملي أنّه ليس لهما أن يوكلا إلا فيما عجزا عنه أو لم تلق بهما مباشرته.
واعلم أنّ من قال: ليس لغير المجبر التوكيل حتى يأذن له به، ولا يكفي
17 / 549
إذنها له بالتزويج، يقول: إنّه لو وكَّل قبل إذنها بالتوكيل وبعد إذنها بالتزويج كانت الوكالة باطلة، ولو عقد الوكيل كان عقدُه باطلًا، كما يُعلَم من تمثيلهم له بالوكيل والعبد المأذون، وتوكيلهما بدون إذن الموكل والسيد باطلٌ، وتصرُّف من وكَّلاه باطلٌ.
وممّا يبيِّن أنّ الشيخ ﵀ ذكر مسألة الولي في الفصل المتقدم الذي لم يذكر فيه إلا من كان توكيله باطلًا، وتصرف وكيله باطلًا، فأمّا "المحرّر" و"المنهاج" فإنهما زادا المُحرِمَ في النكاح (^١)، ولكن بيَّن الشرَّاح أنّ المراد المحرم الذي وكَّل ليعقد الوكيل حال الإحرام، وهذا التوكيل باطلٌ، ولو عقد الوكيل كان العقد باطلًا، والله أعلم.
فأمّا غير المجبر فللقائل بجواز توكيله قبل إذنها أن يتمسّك بشُبهٍ:
الشبهة الأولى:
قد يقال: إنّما تُبطِلون توكيله؛ لأنّه لا يملك تزويجها حينئذٍ، ويجاب عنه: بأنّه من المتفق عليه أنّ الولي غير المجبر وليٌّ قبل إذنها، أي: أنّ له ولايةً شرعية ثابتة، سواءً أحبَّتْ ذلك أم كرهتْ، فلِمَ لا يكون له أن يجعل للوكيل مثل ما له من تلك الولاية؟
الجواب من وجوه:
الأول: أنّ المقصود من الولاية إنّما هو تولّي العقد، والولاية المذكورة لا تُسوِّغ الوليَّ تولي العقد أصلًا، فهي كالعدم، ولو دعت إلى كفءٍ وأبى الوليُّ زوَّجَها السلطان.
_________
(^١) انظر "المحرر" (ص ١٩٥) و"منهاج الطالبين" (٢/ ١٥٩).
17 / 550
الثاني: أنّه لمّا كان المقصود من الولاية تولي العقد فهو ثمرتها، والولي قبل إذنها لا يستحق [ص ٥] الثمرة، فلا يؤثّر رضاه بجعلها لآخر، كالوصية بأكثر من الثلث توقف على إجازة الورثة بعد موت المُورِث، فلو أجازوا والمورِث في الغرغرة كانت إجازتهم لغوًا، مع أنّه في مرض الموت قد صار لهم اختصاص ما بالتركة، ولكن هذا الاختصاص إنّما يتم بالموت، فكذلك الولي له اختصاصٌ ما، ولا يتمّ إلا بإذنها.
الثالث: أنّ الوكالة إنّما شُرِعت لينوب الوكيل عن الموكِّل في فِعلٍ يفعله، ولذلك عرَّفها الفقهاء كما في "التحفة" (^١) بأنها تفويضُ شخص لغيره ما يفعله عنه في حياته ممّا يقبل النيابة، ولهذا يقال في الصيغة: وكَّلتُك بتزويجها أو نحو ذلك، ولا يقال: وكَّلتك بأن تكون وليًّا أو نحوه، وولاية غير المجبر قبل إذنها لا يترتب عليها وحدها فعلٌ حتّى يصحّ التوكيل، فتدبَّر.
فإن قيل: فقد نصُّوا على أنّه لو نجَّز الوكالة وشرطَ للتصرف شرطًا جاز، وعبارة "المنهاج" (^٢): "فإن نجَّزها وشَرط للتصرّف شرطًا جاز". وعليه فلو قال المجبر: وكَّلتك بتزويجها ولا تَعقِد إلا بإذنها صحّ، مع أنّ الحقّ الذي جعله له لا يترتب عليه وحده فعلٌ، فمسألة توكيل غير المجبر قبل إذنها نظير هذه.
فالجواب من وجهين:
الأول: أنّ في صحة توكيل المجبر على الصفة المذكورة نظرًا، وفي
_________
(^١) "تحفة المحتاج" (٥/ ٢٩٤).
(^٢) "منهاج الطالبين" (٢/ ١٦٥).
17 / 551
الإيصاء من "شرح الروض" (^١): "قال العبادي .... فإن قال له: لا تعمل إلا بأمر فلانٍ أو إلا بعلمه أو إلا بحضرته فليس له الانفراد؛ لأنّهما وصيّان". وصححه الشهاب الرملي كما في الحاشية. وعليه فلو قال في الوكالة: وكَّلتك بكذا ولا تتصرف إلا بإذن فلانٍ كانا وكيلين، وهما بمنزلة الوكيل الواحد، ويشترط في كلٍّ منهما شروط الوكيل، والمرأة لا تكون وكيلةً في عقد النكاح، ولاسيّما لنفسها، واشتراطُ إذنها توكيل لها، فهو باطل، فتبطل الوكالة من أصلها.
وفي "الروض" (^٢): "ولو وكَّل حلالٌ مُحرِمًا ليُوكِّل حلالًا في التزويج جاز". قال في الشرح: لأنّه سفير محض، نعم إن قال له: وكِّل عن نفسك، قال الزركشي: ينبغي أن لا يصحّ قطعًا، كما ذكروا مثله فيما إذا وكَّل الوليُّ المرأةَ لتُوكِّل عن نفسها من يزوِّجها. انتهى".
فإن قيل: إنه إن سُلّم في مسألتنا أنّها وكيلة، فإنما وكَّلها في الإذن.
قلت: هذا قريب، وعليه فهما وكيلان، هي في الإذن والرجل في العقد، فتركبت من وكالتهما وكالة صحيحة، ولكن لا يأتي مثله في غير المجبر؛ لأنّ الإذن ليس إليه حتى يوكِّلها فيه. والله أعلم.
وعلى كل حالٍ فقولهم: "فإن نجزها وشرط للتصرف شرطًا جاز" محلّه [ص ٦] في شرط لا يعود على الوكالة بالبطلان.
وعلى فرض صحة توكيل المجبر مع قوله: ولا تَعقِد إلا بإذنها، فالفرق بينها وبين غير المجبر إذا وكَّل قبل إذنها، وشرطُ إذنها ما قدمناه، أنّ قول المجبر "ولا تعقد إلا بإذنها" توكيلٌ منه لها في الإذن مع توكيله للرجل في
_________
(^١) "أسنى المطالب شرح روض الطالب" (٣/ ٧١).
(^٢) المصدر السابق (٣/ ١٣٣).
17 / 552
العقد، فتركبت من وكالتهما وكالة صحيحة. وأمّا غير المجبر فإنه لا يملك العقد ولا الإذن، فكيف يوكّل فيهما؟ وأيضًا ولاية المجبر تامة؛ لأنّه يملك التزويج حين وكّل، فصحت وكالته وإن شرط الشرط المذكور، بخلاف غير المجبر فإن ولايته ناقصة، فلم يُغتفر فيها ذلك.
والحاصل أنّ ولاية المجبر تامة لا نقصَ فيها، وإنّما النقص فيما جعله للوكيل من الحقّ، وأمّا غير المجبر فولايته ناقصة، والحقّ الذي جعله للوكيل ناقص، والله أعلم.
الشبهة الثانية:
قد يقال: إنّ عبارة "المنهاج" السابقة آنفًا تشمل مسألتنا؛ لأنّ غير المجبر إذا قال قبلَ إذنها: وكَّلتُك أن تُزوِّجها إذا أذنتْ، فقد نجز الوكالة وشرط للتصرّف إذنها، وإذنُها شرطٌ شرعي.
الجواب:
مرادهم بالشرط في عبارة "المنهاج" ونظائرها الشرط الجعلي، أعني الذي يجعله الموكِّل من عنده لا الشرط الشرعي، للعلم بأن الشرط الشرعي شرطٌ لملك الموكل لصحة المباشرة، وقد نصُّوا على أنّ الملك المذكور شرطٌ لصحة الوكالة، كما تقدّم أوّلَ هذه الرسالة في عبارة "المهذب"، وستأتي عبارات غيره إن شاء الله تعالى.
وممّا يدلُّك على أنّ مرادهم ما ذُكِر قول الشيخ في "المهذب": "وإن عقد الوكالة في الحال، وعلّق التصرف على شرطٍ بأن قال: وكَّلتك أن تُطلِّق امرأتي أو تبيع مالي بعد شهرٍ، صحَّ". "المهذب" (ج ١ ص ٣٥٢) (^١). فمثّلها
_________
(^١) "المهذب" (١/ ٣٥٧) ط. دار المعرفة.
17 / 553
بمثال يكون فيه الموكّل مالكًا للمحلّ، وإنّما شرط شرطًا جعليًّا، وذلك أنّه حالَ التوكيل المرأةُ امرأتُه يَملِك أن يطلِّقها، [ص ٧] وكذلك المال ماله يملك بيعه حينئذٍ؛ ولذلك صحّ منه عقد الوكالة في الحال، وإنّما علَّق التصرف بشرطٍ جعلي وهو قوله: بعد شهر.
ومثَّل في "شرح الروض" (^١) بقوله: "وكَّلتك ببيع عبدي، وبِعْه بعد شهر"، ومثله في "المغني" (^٢)، ولفظ المحلِّي (^٣): "نحو وكَّلتك الآن في بيع هذا العبد، ولكن لا تبِعْه حتى يجيء رأسُ الشهر". وفي "شرح المنهج" (^٤): "نحو وكَّلتُك الآن في بيع كذا، ولا تَبِعْه حتى يجيء رجب". وعبارة "التحفة" (^٥) و"النهاية" (^٦): "كوكَّلتك الآن ببيع هذا، ولكن لا تبِعْه إلا بعد شهر"، لكن قال في "التحفة" ما يأتي، وهي:
الشبهة الثالثة:
قال في "التحفة" (^٧) بعد ما مرّ: "وبذلك يُعلم أن من قال لآخر قبل رمضان: وكَّلتك في إخراج فطرتي وأخرِجْها في رمضان صحَّ؛ لأنّه نجز الوكالة، وإنّما قيّدها بما قيَّدها به الشارع، فهو كقول مُحرِم: زَوِّجْ بنتي إذا
_________
(^١) "أسنى المطالب" (٢/ ٢٦٦).
(^٢) "مغني المحتاج" (٢/ ٢٢٣).
(^٣) "شرح المحلِّي على منهاج الطالبين" (٢/ ٣٤١).
(^٤) "فتح الوهاب شرح منهاج الطلاب" (٣/ ٤٠٧).
(^٥) "تحفة المحتاج" (٥/ ٣١٢).
(^٦) "نهاية المحتاج" (٥/ ٢٩).
(^٧) "تحفة المحتاج" (٥/ ٣١٢).
17 / 554
حللتُ، وقول وليٍّ: زَوِّجْ بنتي إذا طُلِّقتْ وانقضتْ عدتها".
فيقال: دلّت عبارة "التحفة" على أنّ الشرط في عبارة "المنهاج" السالفة ونظائرها أريد به ما هو أعمُّ من الشرط الجعلي والشرط الشرعي، فعلى هذا يشمل مسألتنا.
الجواب:
هذه دعوى من ابن حجر يردُّها نصوصهم على أنّه لا يصحّ التوكيل إلاّ ممّن يملك التصرف في الذي يوكَّل فيه بملكٍ أو ولاية، كما تقدّم أولَ هذه الرسالة عن "المهذب".
[ص ٨] وفي "الروض" (^١): "الأوّل ما يجوز فيه التوكيل، وله شروط:
الأول: الملك، فلا يصح في طلاق من سينكحها وتزويج من ستنقضي عدتها، ونحوه".
وفي "المحرر" (^٢): "وفي الموكَّل فيه أن يملِكه الموكِّل، فأظهر الوجهين أنّه لا يجوز أن يُوكِّل ببيع عبدٍ سيملكه، وطلاقِ زوجة سينكحها".
وفي "المنهاج" مع المحلّي (^٣): " (وشرط الموكَّل فيه أن يملكه الموكِّل) حين التوكيل (فلو وكّله ببيع عبدٍ سيملكه وطلاقِ من سينكحها بطل في الأصح) لأنّه لا يتمكن من مباشرة ذلك بنفسه، فكيف يستنيب فيه غيره".
_________
(^١) "أسنى المطالب شرح روض الطالب" (٢/ ٢٦٠).
(^٢) "المحرر" (ص ١٩٥).
(^٣) "منهاج الطالبين" (٢/ ١٦١) و"شرح المحلّي" (٢/ ٣٣٨).
17 / 555
ونحوه في "المغني" (^١) و"التحفة" (^٢) و"النهاية" (^٣)، وعبارة "المنهج" مع شرحه (^٤): " (و) شرط (في الموكَّل فيه أن يملِكه الموكِّل) حين التوكيل (فلا يصح) التوكيل (في بيع ما سيملكه وطلاق من سينكحها) لأنّه إذا لم يباشر ذلك بنفسه فكيف يستنيب غيره".
فهذه النصوص ونحوها تبيِّن ما قلناه: إنّ مرادهم بالشرط في قولهم: "فإن نجَّزها وشرط للتصرف شرطًا جاز" إنّما هو الشرط الجعلي، وتمثيلهم سلفًا وخلفًا يشهد لذلك، وقد حكى في "النهاية" كلام ابن حجر ثم قال (^٥): "والأقرب إلى كلامهم عدم الصحة؛ إذ كلُّ من الموكِّل والوكيل لا يملِك ذلك عن نفسه حال التوكيل".
نعم، وافق على صحة التصرف بناءً على ما فهموه في مسألة التعليق، وسيأتي بيان وهمهم فيها إن شاء الله تعالى، ويأتي هناك الكلام على مسألة: زوِّجْ بنتي إذا طلقتْ وانقضتْ عدتها، ومسألة المحرم ستأتي قريبًا.
[ص ٩] هذا، ولو سلّمنا صحة الوكالة في مسألة الفطرة كما قال في "التحفة"، أو صحة الأداء على ما وافق عليه في "النهاية"، فبينها وبين توكيل الولي غير المجبر قبل إذنها فرقٌ من وجوه:
الأول: ما اشتهر بينهم أنّه يُحتاط للأبضاع ما لا يحتاط لغيرها.
_________
(^١) "مغني المحتاج" (٢/ ٢١٩).
(^٢) "تحفة المحتاج" (٥/ ٣٠١).
(^٣) "نهاية المحتاج" (٥/ ٢١).
(^٤) "فتح الوهاب شرح منهج الطلاب" (٣/ ٤٠٣).
(^٥) "نهاية المحتاج" (٥/ ٢٩).
17 / 556
الثاني: أنّ التوكيل في أداء الفطرة ليس فيه افتياتٌ على أحد، وتوكيل غير المجبر قبل إذنها فيه افتياتٌ عليها، وقد قال جماعة من أصحابنا: إنّها إذا أذنت له بتزويجها ولم تتعرّض لنهيه عن التوكيل ولا الإذن له به، أنّه ليس له أن يوكل، وقد مضت هذه المسألة بما لها وعليها، وبيّنا أنّ دليلها قويٌّ، وأنّ المنع هو الموافق لنصّ الإمام الشافعي رحمه الله تعالى.
الثالث: أنّ أداء الفطرة عبادة يتشوّف إليها الشارع كالعتق والوقف، فيحتمل أن يُسامح فيها ما لا يسامح في غيرها.
الرّابع: أنّ أداء الفطرة أمرٌ هيّن لا يترتب عليه أمرٌ عظيم له خطر، بخلاف التزويج.
الخامس: أنّ أداء الوكيل لفطرة الموكِّل يبعد أن يندم عليه الموكِّل، بخلاف التزويج، فيمكن أن يندم، فيحتاط للتوكيل بالتزويج بأن لا يلزم الموكّل به إلاّ إذا وكّل وهو تام الولاية، كما في الوصية لغير الوارث، حيث لم تُعتبر [ص ١٠] إجازة سائر الورثة في حياة المُورِث ولو عند الغرغرة، وإنّما تعتبر إذا وقعت بعد موته حيث يصير الحقُّ كله للورثة.
الشبهة الرابعة:
في "الروض" (^١): "فرعٌ: لو أحرم وكيل النكاح أو موكِّله أو المرأة لم ينعزل، فلا يزوِّج قبل تحلُّله وتحلُّلِ موكِّله، ولو وكَّله مُحرِمًا أو أذنت وهي مُحرِمة صحّ، لا إن شرط العقد في الإحرام". قال في الشرح (^٢) بعد قوله:
_________
(^١) "أسنى المطالب شرح روض الطالب" (٣/ ١٣٣).
(^٢) المصدر نفسه.
17 / 557
"صح": "سواء أقال: لتزوّج بعد التحلل أم أطلق".
فيقال: كما صحّ توكيل المحرم وهو لا يملك التزويج، فليصح توكيل غير المجبر قبل الإذن.
الجواب:
بينهما فرقٌ من وجوه:
الأوّل: أنّ ولاية المحرِم تامّة، والإحرام مانع فقط، وولاية غير المجبر ناقصة، وإذنها جزء أو شرط، وقد قال الإمام الرازي (^١): إنّ المناسبة لا تنخرم بوجود المانع، بل يبقى المقتضي تامًّا، وإنّما يتخلَّف الحكم لوجود المانع، فأمّا فقد الجزء والشرط فلا نزاع أنّ المقتضي لا يتمّ بدونهما.
بل قد تقدّم قُبيل الشبهة الأولى أنّ ولاية غير المجبر قبل إذنها بغاية الضعف، فارجع إليه.
الوجه الثاني: أن منع المُحرِم من العقد ليس لخللٍ في أصل النكاح والمقصودِ منه، وإنّما هو لاحترام النسك، والتوكيلُ لا يُشعِر بعدم الاحترام، بل نقول: إنّ منع المحرم من العقد ليس لمفسدةٍ ذاتية، وإنّما هو سدٌّ لذريعة الجماع في الإحرام. وأما منع غير المجبر من العقد قبل إذنها فإنّه لِما يُخشى من عقده أن يُخِلّ بمقصود النكاح من الألفة والمودَّة والرحمة بأن يزوِّجها من لا تهواه، ويَحرِمَها من تهواه؛ ولأنّ في ذلك افتياتًا عليها. وإذا كان الشارع قد نهى المجبر أن يزوِّجها حتى يستأمرها، فما بالك بغيره؟
_________
(^١) المسألة موجودة في كتب الأصول ونصُّوا فيها على قول الإمام الرازي ومخالفتهم له في انخرام المناسبة بوجود مانع.
17 / 558
[ص ١١] هذا مع وفور شفقة المجبر ورحمته ومعرفته، وأنّ نظره لها خيرٌ لها من نظرها لنفسها، وتوكيل غير المجبر قبل إذنها لا يخلو من افتيات عليها، كما مرّ في الوجه الثاني من وجوه الفرق بين مسألتنا ومسألة الفطرة، فارجع إليه.
الوجه الثالث: أنّ انقضاء الإحرام كالمقطوع بحصوله قريبًا، وإذنها ليس كذلك.
الوجه الرابع: أنّ كون الإحرام مانعًا من العقد فيه خلافٌ بين الأمة، وإذن غير المجبرة لا بدّ منه إجماعًا.
الوجه الخامس: سيأتي عن ابن حجر في مسألة التعليق ما معناه: أنّه لو أشار المجبر أو المأذون له بالتزويج إلى بنته المعتدّة، وقال: وكَّلتك بتزويج هذه، كان هذا لغوًا، لا يصحّ التوكيل ولا العقد ولو بعد العدّة، وزعم أنّه لو قال: وكَّلتك بتزويجها بعد انقضاء عدتها فسد التوكيل، وصحّ العقد إن وقع بعد انقضاء العدة. مع قوله كغيره في مسألة المحرم (^١): "لو قال: وكلتك بالتزويج، ولم يقل حالَ الإحرام ولا بعده، صحّ التوكيل والعقد إذا وقع بعد الإحرام". فهذا يدلُّك على أنّ مانعية الإحرام ضعيفة، كما قدّمناه، والله أعلم.
تنبيه: بعض هذه الفروق يأتي مثله بين مسألة المحرم ومسألة الفطرة، والله أعلم.
_________
(^١) انظر "تحفة المحتاج" مع حواشيه (٧/ ٢٥٧) و"حاشية القليوبي على شرح المحلّي" (٢/ ٣٣٧).
17 / 559
[ص ١٢] الشبهة الخامسة:
أن يقال: النصوص المتقدمة إنّما تفيد بطلان الوكالة، وذلك لا يستلزم بطلان عقد الوكيل، وقد قال الشيخ في "المهذب": "فصلٌ: ولا يجوز تعليق الوكالة على شرط مستقبل ... فإن علَّقها على شرط مستقبل ووجد الشرط وتصرف الوكيل صحّ التصرف؛ لأنّ مع فساد العقد الإذن قائم، فيكون تصرفه بإذن، فصحّ ... وإن عقد الوكالة في الحال، وعلّق التصرف على شرطٍ بأن قال: وكَّلتك أن تطلّق امرأتي أو تبيع مالي بعد شهرٍ، صحّ؛ لأنّه لم يعلِّق العقد على شرط، وإنّما علّق التصرف على شرطٍ، فلم يمنع صحة العقد". "المهذب" (ج ١ ص ٣٥٢) (^١).
وعبارة "المحرر" (^٢): "ولا يجوز تعليق الوكالة بالشروط على أظهر الوجهين، ويجوز أن ينجزها ويشترط للتصرف شرطًا".
وفي "المنهاج" (^٣): "ولا يصح تعليقها بشرطٍ في الأصح".
وفي "الروض" مع شرحه: " (ولو علّقها بشرطٍ) كقوله: إذا قدم زيدٌ أو جاء رأس الشهر فقد وكَّلتك بكذا، أو فأنت وكيلي فيه (بطلت) للشرط. (ونفذ تصرف صادف الإذن) فينفذ تصرفه في ذلك عند وجود الشرط إلا أن يكون الإذن فاسدًا ... وشمِلَ كلامهم النكاحَ، فينفذ بعد وجود [ص ١٣] الشرط في نحو: إذا انقضت عدة بنتي فقد وكَّلتك بتزويجها، بخلاف نحو: وكَّلتك بتزويجها ثم انقضت عدتها". "شرح الروض" (ج ٢ ص ٢٦٦).
_________
(^١) (١/ ٣٥٧) ط. دار المعرفة.
(^٢) "المحرر" (ص ١٩٦).
(^٣) "منهاج الطالبين" (٢/ ١٦٥).
17 / 560
وهذه الشبهة باطلة لوجوه:
الأول: أنّ صحة التصرف مع بطلان الوكالة خاصٌّ بما إذا كان الإذن صحيحًا كما مرّ في عبارة "شرح الروض"، وذلك خاص بالوكالة التي لا يكون فيها نقصٌ ما إلا التعليق، كقوله: إذا جاء رأس الشهر فقد وكلتك أن تبيع عبدي هذا. وسيأتي تحقيق ذلك في جواب الشبهة السادسة إن شاء الله تعالى.
الوجه الثاني: أنّ الفرق بين الوكالة الصحيحة والوكالة الفاسدة التي يصح معها التصرف لم يذكروا له ثمرةً إلا أنّه إذا سمّى للوكيل جُعلًا يبطُل المسمَّى وتثبت أجرة المثل. وهذه الفائدة إن اعتني بمراعاتها ففي باب الوكالة، فأمّا باب النكاح فإنّما يعتني بذكر الوكالة التي لها مساس بصحته، فإذا قالوا في باب النكاح: لا تصح الوكالة بكذا، لم يجز حمل كلامهم إلا على أنّ النكاح لا يصح بها.
ونصُّ الإمام الشافعي الذي قدّمناه إنّما ذكره في النكاح، [ص ١٤] وكذلك النصوص التي ذكرناها بعده من "المحرر" و"المنهاج" و"الروض"، فأمّا "المهذّب" فإنّ نصّه المتقدم عقب نص الشافعي هو في الوكالة، ولكن فيه دلالة أخرى تمنع احتماله لهذه الشبهة كما سيأتي.
الوجه الثالث: ولهذا المعنى الذي ذكرناه في الوجه الثاني فسّر ابن حجر والرملي في شرحيهما على "المنهاج" الضمير المستتر في "يصح" بالنكاح، ولفظهما مع "المنهاج" (^١): " .... (لم يصح) النكاح (على الصحيح) ".
_________
(^١) "تحفة المحتاج" (٧/ ٢٦٤) و"نهاية المحتاج" (٦/ ٢٤٤).
17 / 561
فأمّا المحلي (^١) والخطيب (^٢) فإنهما ذكرا التوكيل بدل النكاح، وكأنهما وثقا بأنّ المسألة حيث كانت في باب النكاح فلا بدّ أن يُفهم من بطلان التوكيل بطلان النكاح، ولكن صنيع "التحفة" و"النهاية" أجود.
الوجه الرابع: أنّ من ذكر هذه المسألة في الوكالة ذكرها مع الأشياء التي تبطل معها الوكالة أصلًا، أي: بحيث إذا تصرف الوكيل كان تصرّفه باطلًا، كما تراه في عبارة "المهذب" المتقدمة عقب نصّ الشافعي رحمه الله تعالى، فإنه ذكرها مع الصبيّ والمجنون والمحجور عليه في المال والمرأة في عقد النكاح، والوكيل والعبد المأذون إذا لم يؤذن لهما بالتوكيل، [ص ١٥] وهؤلاء كلهم لا تصح وكالتهم، ولا ينعقد تصرف الوكيل.
الوجه الخامس: أنّ الشيخ ذكر أنّ من قال ببطلان توكيل الولي غير المجبر المأذون له بالزواج دون التوكيل، من حجته القياس على الوكيل والعبد المأذون له، ومعلوم أنّ توكيل هذين بدون إذن باطلٌ، ولا ينعقد تصرف من وكّلاه، فكذا يقال في المسألتين المقيسة عليهما كما مرّ، وأولى منها مسألتنا.
الشبهة السادسة:
أن يقال: قال في "التحفة" بعد قول "المنهاج" (^٣): "فلو وكّله ببيع عبدٍ سيملكه وطلاق من سينكحها بطل في الأصح" ما لفظه (^٤): " ... وكذا لو
_________
(^١) "شرح المحلِّي" (٣/ ٢٢٩).
(^٢) "مغني المحتاج" (٣/ ١٥٨).
(^٣) "منهاج الطالبين" (٢/ ١٦١).
(^٤) "تحفة المحتاج" (٥/ ٣٠١ - ٣٠٢).
17 / 562
وكّل من يزوِّج موليته إذا انقضت عدتها أو طلقت، على ما قالاه هنا، واعتمده الإسنوي، لكن رجّح في "الروضة" في النكاح الصحة".
ونحوه في "النهاية" (^١)، قال علي شبراملسي في حواشيه (^٢): "قوله: (على ما قالاه) ضعيفٌ".
فيقال: إنّ هذه المرأة تكون غير مجبرة؛ لأنّها قد تزوجت، ومع ذلك لم يذكر اشتراط أن تكون قد أذنت، فهو شاملٌ لمسألتنا.
[ص ١٦] الجواب:
أولًا: هذا الوجه الذي رجحه في النكاح من "الروضة" قد جزم بخلافه هو، وأصله في الوكالة منها كما علمت، وقد اعتمد الإسنوي عدم الصحة، وكذا الخطيب في "المغني" (^٣)، والرملي في "النهاية" (^٤)، ووالده في فتاواه كما في "النهاية" (^٥)، وأمّا ابن حجر فميله إلى الصحة بشرط أن يكون في الصيغة تعليق ولو ضمنًا، كما سيأتي نقله في جواب الشبهة التاسعة.
والعجبُ منه أنّه استند في ذلك إلى القياس على صورةٍ ذكرها الإسنوي كما سيأتي، وخالف في ذلك نصّ الإسنوي نفسه.
ثانيًا: دعوى أنّ هذه المرأة تكون غير مجبرة؛ لأنها قد تزوجت خطأً
_________
(^١) "نهاية المحتاج" (٥/ ٢١).
(^٢) بهامش "النهاية" (٥/ ٢١).
(^٣) "مغني المحتاج" (٢/ ٢١٩).
(^٤) "نهاية المحتاج" (٥/ ٢١).
(^٥) المصدر السابق.
17 / 563