73

Philosophical Treatises by Al-Razi

رسائل فلسفية للرازي

Araştırmacı

لجنة إحياء التراث العربي في دار الآفاق الجديدة

Yayıncı

دار الآفاق الجديدة

Baskı Numarası

الخامسة

Yayın Yılı

١٤٠٢ هـ - ١٩٨٢ م

Yayın Yeri

بيروت

Türler

المواكب إن هو اهتم واجتهد في بلوغ هذه الحالة فقد مال عن عقله إلى هواه وذلك أنه لا ينال هذه الرتبة إلا بالكد والجهد الشديد وحَملِ النفس على الهول والخطر والتغرير الذي يؤدي إلى التلف في أكثر الأحوال، ولن يبلغها حتى يصل إلى نفسه من الألم أضعاف ما يصل إليه مكن الالتذاذ بها بعد المنال. وإنما يخدعه ويغرُّه في هذه الحال تصوُّره نيل المطلوب من غير أن يتصور الطريق إليه كما ذكرنا عند كلامنا في اللذة. حتى إذا نال ووصل إلى ما أمل لم يلبث إلا قليلًا حتى يفقد الغبطة والاستمتاع بها، وذلك أنها تصير عنده بمنزلة سائر الأحوال المعتادة المألوفة، فيقل التذاذهُ بها وتشتد وتغلظ المؤن عليه في استدامتها والتحفظ بها ولا يمكنه الهوى من تركها والخروج عنها - كما ذكرنا عند كلامنا في زمّ الهوى - فإذا هو لم يربح شيئًا وخسر أشياءِ. وأما قولنا إنه لم يربح شيئًا فمن أجل أن هذه الحالة الثانية إذا هو ألفها واعتادها صارت عنده بمنزلة الأولى وسقط عنه سروره واغتباطه بها. وأما قولنا إنه خسر أشياء كثيرة فالعناء أولًا والخطر والتغرير الذي يُسلكه إلى هذه الحالة. ثم الجهد في حراستها والخوف من زوالها والغم عند فقدها والتعويد للنفس الكون فيها وطلب مثلها. وكذلك نقول في حالة تفوق الكفاف. وذلك أن مَن كان بدنُه معتادًا للغذاء اليابس واللباس المتوسط إن هو جهد نفسه حتى يتنقل عنهما إلى الغذاء اللين واللباس الفاخر فإن شدة التذاذه بهما تسقط عنه إذا اعتادهما حتى يصيرا عنده بمنزلة الأولين ويحصل عليه من فضل العناء والجهد في نيل هذين

1 / 87