Palestine: So It Won't Become Another Andalusia
فلسطين حتى لا تكون أندلسا أخرى
Türler
تحري الحلال وتحري الأوقات الفاضلة عند الدعاء
التعليق الأول: لعل الداعي الذي يدعو الله لم يراع أمورًا كانت سببًا في تعطيل الإجابة وتأخير النصر.
بمعنى: أن هناك أشياء إن فعلتها كانت إجابة دعائك أقرب، وتلبية ندائك أرجى، ومن أخطر هذه الأشياء الحرص على الحلال في المطعم والمشرب والملبس، وغير ذلك من الأمور.
روى ابن مردويه عن ابن عباس ﵄: أن سعد بن أبي وقاص قام يسأل رسول الله ﷺ ويقول: (ادع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة، فقال ﷺ: يا سعد! أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة، والذي نفس محمد بيده إن الرجل ليقذف اللقمة الحرام في جوفه ما يتقبل منه أربعين يومًا، وأيما عبد نبت لحمه من السحت والربا فالنار أولى به) والسحت: أي الحرام.
ومن المعلوم طبعًا أن سعد بن أبي وقاص ﵁ وأرضاه طيب المطعم، لكن رسول الله ﷺ من رحمته يريد أن يعلم أمته جميعًا طريقة يستجاب بها دعاؤهم وينقذون بها من النار، يعلمنا ﷺ أن نحرص على الحلال في كل أمورنا، هذا الحديث وإن كان البعض قد ضعّفه إلا أن معناه يشهد له الحديث الذي رواه الإمام مسلم ﵀ عن أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: (يا أيها الناس! إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال: ﴿يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾ [المؤمنون:٥١]، وقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾ [البقرة:١٧٢]، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، ومطعمه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام، يمد يديه إلى السماء: يا رب! يا رب! فأنى يستجاب لذلك) فالرجل قد استكمل كثيرًا من الأمور التي يستجاب لأجلها الدعاء، فهو مسافر وليس مسافرًا فقط بل يطيل السفر، ثم هو يرفع يديه تضرعًا إلى الله، ثم هو يلح في الدعاء: يا رب! يا رب! ولكنه يعاني من مرض خطير، مرض أكل الحرام.
إذًا: من أهم موجبات إجابة الدعاء تحري الحلال، فإن كنت للحلال متحريًا فهناك أمور أخرى لو فعلتها كنت إلى الإجابة أقرب، منها مثلًا: تحري الأوقات الفاضلة كيوم عرفة، وشهر رمضان، ويوم الجمعة، والثلث الأخير من الليل، والعشر الأوائل من ذي الحجة، وغير ذلك من الأوقات الفاضلة.
أيضًا تحري الأحوال الشريفة وهي أحوال شريفة متاحة طوال العام، أثناء السجود، ودبر الصلوات، وبين الأذان والإقامة، وعند نزول الغيث، وعند التقاء الجيوش، وعند الخوف والوجل، وعند رقة القلب، وفي السفر، أشياء كثيرة جدًا ومهمة جدًا، فلا بد أن يتحراها المؤمن حتى يستجاب لدعائه كاملًا.
أيضًا من موجبات إجابة الدعاء: أن يكون القلب حاضرًا غير لاه ولا غافل، فإنه ليس من المعقول أن تكون أنت المحتاج وترفع طلبك إلى الخالق، وذهنك منشغل عنه مصروف إلى غيره.
أيضًا من موجبات إجابة الدعاء: أن تلح في الدعاء وتصر عليه، وكان رسول الله ﷺ يكرر الدعاء في المرة الواحدة ثلاث مرات، ويكرره كثيرًا في كل يوم، وطوال الشهر والسنة، بل وطوال العمر، وقد ظل رسول الله ﷺ يدعو الله بتغيير القبلة ولم يستجب الله له، إلا بعد ١٧ شهرًا كاملة.
وتحري رقة القلب، فإذا لاحظت في قلبك رقة فادع الله ﷾، سيستجيب إن شاء الله.
يقول ثابت بن أسلم البناني ﵀: وإني أعلم حين يستجيب لي.
فعجبوا من قوله وقالوا: تعلم حين يستجيب لك ربك؟ قال: نعم.
قالوا: كيف تعلم ذلك؟ قال: إذا وجل قلبي، واقشعر جلدي، وفاضت عيناي، وفُتح لي الدعاء فثم هناك أعلم أن قد استُجيب لي.
إذًا: هذا هو التعليق الأول على سؤال من قال: إنه كثيرًا ما دعونا ولا يستجاب لنا.
10 / 7