Opinions of Ibn Ajiba - Presentation and Critique
آراء ابن عجيبة العقدية عرضا ونقدا
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م
Türler
آراء ابن عجيبة العقدية
عرضًا ونقدًا
تأليف الدكتور:
عبد الهادي بن عوض العمري
1 / 1
المقدمة
١. أهمية الموضوع وأسباب اختياره
٢. أهدف البحث
٣. الدراسات السابقة
٤. خطة البحث
٥. الصعوبات التي واجهت الباحث
٦. منهج البحث
٧. الشكر والتقدير
1 / 3
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أنَّ محمَّدًا عبدهُ ورسوله.
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ (^١).
﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ (^٢).
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ (^٣).
أما بعد:
فإنَّ الخيرية الثابتة بالكتاب والسُّنَّة لهذه الأُمَّة تتحقق باقتفاء أثر رسول الله ﷺ وصحابته وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، فمن سلك سبيل الهدى نجا ومن حاد عنها ضلَّ وغوى، والنجاة من الضلالة لا تتم إلا بالاعتصام بالكتاب والسُّنَّة علمًا وعملًا ودعوةً وبيانًا، ومن فضل الله ﷿ على أُمَّة محمَّدٍ ﷺ أن قيَّض في كلِّ زمانٍ ومكان من يُبيِّن للناس انتحال المبطلين وتأويل الجاهلين ومغالات الغالين، ومن بيان
_________
(^١) سورة آل عمران: ١٠٢.
(^٢) سورة النساء: ١.
(^٣) سورة الأحزاب: ٧٠ - ٧١.
1 / 5
ذلك دراسة المؤلفات التي انتشرت بين الناس في مشارق الأرض ومغاربها وسطرتها أقلام ناس وثق بهم قومهم لما رأوا فيهم من صلاحٍ وضربٍ في شتى العلوم النقلية والعقلية ومؤلفاتٍ عديدة، فغرَّهم ذلك وانطوت عليهم تلك التأويلات الفاسدة والمحرَّفة؛ فظنُّوا أنه الحق، ولولا أنَّ أصحاب هذا القول كثروا وظهروا لم يكن بنا حاجة إلى بيان فساد هذه الأقوال، وإيضاح هذا الضلال.
وكان من بين القوم أحمد بن عجيبة، الذي ضرب بحظٍّ وافرٍ في التفسير والحديث، واللغة، والأدب، والتصوف، والعقائد، فألَّف ما يربو على خمسةٍ وأربعين كتابًا، تداولها الناس من عصره إلى يومنا هذا، وله مكانة عند الصوفية، وضريحه أصبح مزارًا.
لذلك استخرت الله ﷿ ثم استشرت أولي الفضل بأن تكون رسالتي لنيل درجة الدكتوراه بعنوان: آراء ابن عجيبة العقدية -عرضًا ونقدًا-، والله أسأل التوفيق والسَّداد.
د. عبد الهادي بن عوض العمري
abdulhadi.alamri ٩٢@gmail.com
1 / 6
أهمية الموضوع وأسباب اختياره:
١ - المخالفات العقدية التي بثَّها ابن عجيبة في كتبه لا سيَّما تفسيره (البحر المديد في تفسير القرآن المجيد)، وكثرة كتبه وتنوعها، وفيها حكى وتكلَّم عن قضايا عقدية كثيرة.
٢ - أنه مؤسِّسٌ لإحدى الطرق الصوفية، وهي الطريقة الدرقاوية.
٣ - عناية المتصوفة بكتبه ونشرها والدفاع عنه ومدحه.
أهدف البحث:
١ - جمع آراء ابن عجيبة العقدية.
٢ - دراسة آراء ابن عجيبة في ضوء عقيدة أهل السُّنَّة والجماعة.
٣ - تقرير وبيان مذهب أهل السُّنَّة والجماعة في المسائل التي خالف فيها ابن عجيبة.
الدراسات السابقة:
بعد البحث والدراسة لم أجد من كتب عن آراء ابن عجيبة العقدية ولكن وجدت رسالة بعنوان: (ابن عجيبة وآراؤه الصوفية، دراسة تحليلية نقدية)، للباحث: علاء عشماوي زيدان عشماوي، من جامعة المنوفية كلية الآداب قسم الفلسفة، وهي دراسة لنيل درجة الماجستير، قام الباحث بالمقارنة بين ابن عجيبة وآراء أعلام التصوف السابقين عليه واللاحقين لبيان مدى التأثير وما إذا كان هناك ثمة جديد أتى به أو انفرد به، وبيَّن الباحث مدى ما تمتَّع به ابن عجيبة -من وجهة نظره- من ثراء فكري واهتمام كبير بالتصوف ورجاله وعن دوره في تبسيط الحقائق الصوفية.
1 / 7
وحسب اطلاعي على فحوى رسالته تبيَّن لي:
أولًا: أنَّ دراسةَ الباحث خاصَّةٌ بآراء ابن عجيبة الصوفية، ولم يدرس آراءَه العقدية.
وجاءت رسالة الباحث في خمسة فصول:
الفصل الأول: ابن عجيبة النشأة والتكوين الصوفي.
الفصل الثاني: مفهوم التصوف عند ابن عجيبة ولغته الرمزية.
الفصل الثالث: طريق التصوف عند ابن عجيبة والفناء في الحقيقة المطلقة.
الفصل الرابع: المعرفة الصوفية عند ابن عجيبة بين النظرية والتطبيق.
الفصل الخامس: موقف ابن عجيبة من قضايا التصوف الفلسفي.
وهي تختلف عما سأقوم به إن شاء الله ﷿ من دراسة آرائه العقدية -عرضًا ونقدًا-وفق منهج أهل السُّنَّة والجماعة.
ثانيًا: أنَّ دراسة الباحث لم تكن مبنيَّةً على منهج أهل السُّنَّة والجماعة في العرض والنقد، وبيان حقيقة التصوف وموقف أهل السُّنَّة والجماعة منه.
ثالثًا: أنَّ الباحث أثناء كلامه عن ابن عجيبة يثني ثناءً كبيرًا على آرائه الصوفية، ويصف مؤلفاته -المليئة بالمخالفات العقدية- بالتراث الكبير، ويصفه بالشخصية الصوفية الكبيرة، وهذا قول الموافق لا المخالف.
رابعًا: أنَّ طريقة الباحث في دراسته لفصول رسالته أراد بيان آراء ابن عجيبة الصوفية وجهوده في الدفاع عن التصوف، وتقريب منهجه لكلِّ مريدٍ وباحثٍ في التصوف على حدِّ زعمه.
وأما الفرق بين دراستي للموضوع ودراسة الباحث فلا وجه للمقارنة
1 / 8
بينهما، لكن على سبيل الإجمال لا التفصيل أُضيف إلى ما سبق:
أولًا: اشتملت خطة بحثي على باب بأكمله في مصادر التلقِّي عند ابن عجيبة، وهذا لم يتطرَّق له الباحث.
ثانيًا: اشتملت خطة بحثي على باب في آراء ابن عجيبة في أصول الإيمان ومسائله، وهذا لم يذكره الباحث.
ثالثًا: ذكرت في خطتي آراء ابن عجيبة في الولاية والكرامة، وهذا لم يذكره الباحث.
رابعًا: اشتملت خطتي على موقف ابن عجيبة من أعلام الصوفية وطرقها، وهذا لم يذكره الباحث.
خامسًا: ذكرت في الفصل السادس التعريف بالطريقة الدرقاوية ودوره في تأسيسها وموقف علماء أهل السُّنَّة منها، وهذا لم يذكره أيضًا.
وثمة رسائل في فنونٍ أخرى، لا تَمُتُّ إلى الموضوع بصلة، وهي:
١ - الشيخ ابن عجيبة ومنهجه في التفسير، للدكتور: حسن عزوزي، طبعة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالرباط، ١٤٢٢ هـ، ٢٠٠١ م، تناول الباحث في رسالته منهج ابن عجيبة في تفسيره وقال: إن ابن عجيبة يذكر أسباب النزول بدون دقة، ولا عزو في كثير من المواضع، ويتعرض لفضائل السور والآيات، وتعرض الباحث لموقف ابن عجيبة من تفسير القرآن بأقوال السلف، وقال: لا يتعرض ابن عجيبة لسوق الآثار إلا قليلًا وفيها بواطلُ، وذكر الدكتور موقف ابن عجيبة من السيرة والتاريخ وذكر الغزوات، ومنهج ابن عجيبة من الإسرائيليات وأنه يذكرها بدون تمحيص، فلا علاقة لهذه الدراسة بموضوع بحثي.
1 / 9
٢ - تحقيق البحر المديد رسالة دكتوراه للباحث: أحمد عبد الله القرشي رسلان من كلية أصول الدين بطنطا، جامعة الأزهر.
٣ - أحمد بن عجيبة شاعر التصوف المغربي، للدكتور نور الدين ناس الفقيه، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة من كلية الآداب بجامعة سيدي محمد بن عبد الله، بفاس، قام الباحث بدراسة شعر ابن عجيبة في سياق رصد ما يزخر به المتن الشعري الصوفي بالمغرب من مميزات موضوعية فنية، رجع فيه إلى ديوان شعر ابن عجيبة، وكتاب (معراج التشوف إلى حقائق التصوف) ووجد فيه عددًا من المصطلحات الصوفية التي تخدم بحثه.
٤ - دراسة شرح ابن عجيبة على الحكم العطائية، للباحث: محمد محمدي سليمان، رسالة ماجستير من كلية الآداب بجامعة الإسكندرية.
والخلاصة أنَّ موضوع (آراء ابن عجيبة العقدية، عرضًا ونقدًا) لم يُكتب فيه بحثٌ وفق منهج أهل السُّنَّة والجماعة -حسب علمي-، والله أسأل أن يوفقني فيه للصواب.
1 / 10
خطة البحث:
تتكون الرسالة من مقدمة وتمهيد، وثلاثة أبواب، وخاتمة، وفهارس.
المقدمة، وفيها:
أهمية الموضوع وأسباب اختياره، وأهداف البحث، والدراسات السابقة وخطة البحث، ومنهجه.
التمهيد، وفيه:
- ترجمة ابن عجيبة ترجمة موجزة.
- التعريف بالطرق الصوفية إجمالًا.
الباب الأول: مصادر التلقي عند ابن عجيبة، وفيه فصلان:
الفصل الأول: الكتاب والسُّنَّة، وفيه مبحثان:
المبحث الأول: الكتاب.
المبحث الثاني: السُّنَّة.
الفصل الثاني: المصادر الصوفية في التلقي، وفيه خمسة مباحث:
المبحث الأول: الكشف.
المبحث الثاني: الذوق.
المبحث الثالث: الوجد.
المبحث الرابع: الرؤى والحكايات.
المبحث الخامس: دعوى التلقِّي عن الخضر ﵇.
الباب الثاني: آراء ابن عجيبة في أصول الإيمان ومسائله، وفيه سبعة فصول:
الفصل الأول: آراؤه في الإيمان بالله، وفيه ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: مسائل الربوبية.
المبحث الثاني: مسائل الأسماء والصفات.
المبحث الثالث: مسائل الألوهية.
الفصل الثاني: آراؤه في الإيمان بالملائكة، وفيه ثلاثة مباحث:
1 / 11
المبحث الأول: معنى الإيمان بالملائكة.
المبحث الثاني: خلق الملائكة.
المبحث الثالث: المفاضلة بين الملائكة وصالحي البشر.
الفصل الثالث: آراؤه في الإيمان بالكتب، وفيه مبحثان:
المبحث الأول: تعريف الكتب.
المبحث الثاني: منزلة الإيمان بالكتب من الإيمان.
الفصل الرابع: آراؤه في الإيمان بالرسل، وفيه ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: الإيمان بالرسل والأنبياء عمومًا.
المبحث الثاني: الفرق بين النبي والولي.
المبحث الثالث: عقيدته في الرسول محمد ﷺ.
الفصل الخامس: آراؤه في الإيمان باليوم الآخر، وفيه ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: أشراط الساعة.
المبحث الثاني: أحوال اليوم الآخر.
المبحث الثالث: الجنَّة والنَّار.
الفصل السادس: آراؤه في الإيمان بالقدر، وفيه ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: معنى القدر ومراتبه.
1 / 12
المبحث الثاني: أفعال العباد.
المبحث الثالث: المشيئة والإرادة.
الفصل السابع: آراؤه في مسائل الإيمان، وفيه ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: مفهوم الإيمان والفرق بينه وبين الإسلام.
المبحث الثاني: زيادة الإيمان ونقصانه.
المبحث الثالث: حكم مرتكب الكبيرة.
الباب الثالث: آراء ابن عجيبة الصوفية، وفيه ستة فصول:
الفصل الأول: المريد والشيخ، وفيه مبحثان:
المبحث الأول: مفهوم المريد والشيخ.
المبحث الثاني: الصلة بين المريد والشيخ.
الفصل الثاني: الولاية والكرامة، وفيه مبحثان:
المبحث الأول: الولاية ومراتب الأولياء.
المبحث الثاني: الكرامة وأقسامها.
الفصل الثالث: الحلول والاتحاد ووحدة الوجود، وفيه مبحثان:
المبحث الأول: الحلول والاتحاد.
المبحث الثاني: وحدة الوجود.
الفصل الرابع: الأحوال والمقامات، وفيه ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: الأحوال.
المبحث الثالث: المقامات.
المبحث الثالث: الصلة بين الأحوال والمقامات.
1 / 13
الفصل الخامس: موقفه من أعلام الصوفية وطرقها وأثره على من بعده، وفيه ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: موقفه من أعلام الصوفية.
المبحث الثاني: موقفه من طرقها.
المبحث الثالث: أثره على من بعده.
الفصل السادس: التعريف بالطريقة الدرقاوية ودوره في تأسيسها، وموقف علماء أهل السُّنَّة منها، وفيه ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: التعريف بالطريقة الدرقاوية.
المبحث الثاني: دوره في تأسيسها.
المبحث الثالث: موقف أعلام السُّنَّة من الطريقة الدرقاوية.
الخاتمة: وفيها أهم النتائج والتوصيات.
الفهارس العلمية.
١ - فهرس الآيات القرآنية.
٢ - فهرس الأحاديث والآثار.
٣ - فهرس الأعلام المترجم لهم.
٤ - فهرس المصطلحات والغريب.
٥ - فهرس الأماكن والبلدان.
٦ - فهرس الفرق والمذاهب.
٧ - فهرس المصادر والمراجع.
٨ - فهرس الموضوعات.
1 / 14
الصعوبات التي واجهت الباحث:
١ - كثرة كتب ابن عجيبة وعدم توفرها في مكتبات المملكة العربية السعودية، مما جعل الباحث يسافر عدة مرات إلى المملكة المغربية وينقِّب في المكتبات للحصول عليها.
٢ - ظهر للباحث أن لابن عجيبة مخطوطات، وهذا مما أثقل هم الباحث في معرفة أماكنها وطريقة الحصول عليها، رغم أن الباحث لم يدون في منهج بحثه أنه سيرجع إليها، ولكن الله ﷿ يسرَّ للباحث التواصل مع السفارة السعودية في المملكة المغربية، وأخذ خطابًا من الدكتور خالد بن فرج آل مطلق الملحق الثقافي- السابق- بالرباط موجهًا للجامعات المغربية والخزانات المختصة بالمخطوطات لتسهيل إجراءات البحث والاطلاع، والحصول على نسخ من المواضيع والمخطوطات التي تهم الباحث.
٣ - صعوبة قراءة المخطوطات فلقد كُتبت بخط الرعشة المغربي، مما تطلَّب بذل الجهد في قراءتها والاستعانة بمن يوثق به وله دراية بقراءة خط الرعشة.
٤ - آثرت أن أوثِّق ما كتبته في المقدمة بأن له ضريحًا يزوره الصوفية كل سنة، فاستشرت فضيلة المشرف على الرسالة أن أذهب إلى مكان الضريح، وأوثق ذلك بالصور لكي لا يكون الكلام جزافًا، فشدَّ من أزري وشجَّعني على ذلك، ولكن الأمر لم يكن سهلًا كما ظننته؛ لأن مكان الضريح يوجد في منطقة يقال لها خميس الانجرا (^١) والتي تبعد عن مدينة طنجة ٦٠ كلم، إلا أن الضريح لا يوجد في هذه
_________
(^١) خميس الانجرا: لم أجد معلومات عنها في الكتب، ولكن سألت مغربيًّا فقال: هي قرية صغيرة يجتمع الناس فيها كل خميس؛ لأنَّ فيها سوقًا يُقام كلّ خميس يسمى سوق الانجرا، وسكانها بيوتهم متفرقة في نواحي هذه القرية.
1 / 15
الأخيرة بل يوجد في أعلى الجبل في منطقة يقال لها الزميج، وعند وصولي إليه وجدت رجلًا مسنًّا معه مفتاح للضريح، ففتح لي، وقمت بتوثيق ضريحه، وكذلك أضرحة أبنائه.
ثم ذهبت بعد ذلك لتوثيق ضريح صاحب الطريقة الدرقاوية في منطقة بني زروال والتي توجد في شمال مدينة تطوان، وكل ذلك موثق في ملاحق الرسالة.
٥ - كثرة استخدام ابن عجيبة للرموز الصوفية، مما جعل عباراته غامضة، فقد يلبس على من ليس له دراية بكلام القوم بأنَّه على حق، خاصة في كتابه البحر المديد، الذي سار في منهجه بتفسير الآيات بالظاهر والباطن، وهذا يتطلب الرجوع إلى كافة كتبه ومخطوطاته لكي يكون الحكم على قوله دقيقًا ومنصفًا.
1 / 16
منهج البحث:
سلكت في كتابة هذا البحث المنهج الاستقرائي التحليلي النقدي وفق ما يلي:
١ - جمع المادة العلمية ومعرفة آرائه العقدية.
٢ - نقدها في ضوء مذهب السلف.
٣ - عزو الآيات القرآنية الواردة في البحث إلى مواضعها من القرآن الكريم بذ كر اسم السورة ورقم الآية مع كتابتها بالرسم العثماني.
٤ - تخريج الأحاديث النبوية من مصادرها الأصلية، فإن كان الحديث في الصحيحين أو أحدهما اكتفيت به وإلا خرجته من مظانه مع ذكر حكم الأئمة عليه.
٥ - توثيق الآثار الواردة في البحث إلى مصادرها.
٦ - شرح الألفاظ الغريبة.
٧ - التعريف بالفرق والطوائف والمذاهب والأماكن والبلدان.
٨ - تذييل البحث بالفهارس اللازمة.
٩ - التعريف بالأعلام غير المشتهرين.
1 / 17
الشكر والتقدير
الحمد لله ﷿ الذي أنعم عليَّ بفضله وكرمه على إتمام هذا البحث.
والشكر الجزيل لمن قرن الله ﷿ شكره بشكرهما فقال في كتابه الكريم: ﴿أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ﴾ (^١) والداي اللذان ربياني صغيرًا وسهَّلا لي طلب العلم بتشجيعهما ودعائهما، وأسأل الله ﷿ أن يوفقني لبرِّهما ويمتّعني بصحتهما، والشكر كذلك لزوجتي أم صهيب لصبرها وجهودها.
وعملًا بقول النبي ﷺ: «من صنع لكم معروفًا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه» (^٢)، وقوله ﷺ: «لا يشكرُ اللهَ من لا يشكرُ النَّاسَ» (^٣)؛ فإنِّي أتوجه بالشكر الجزيل لفضيلة الشيخ الدكتور عبد الرحمن بن عبد الله التركي الأستاذ بقسم العقيدة والمذاهب المعاصرة على تفضُّله بالإشراف على هذه الرسالة ومتابعتي وحثِّي دائمًا على الدقَّةِ في الألفاظ والتحرِّي في الصواب مما كان له أثر في إخراج هذا البحث بحلَّته التي أرجو أن يكون على النحو المأمول.
وأتوجَّه بالشكر أيضًا للمناقِشَين الكريمين اللذين تفضَّلا بفحص هذه الرسالة وتقويمها، وهما: أ. د. عبد الله بن محمد السَّند، (عميد كلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية- سابقًا- والأستاذ بقسم العقيدة والمذاهب
_________
(^١) سورة لقمان: ١٤.
(^٢) أخرجه الإمام أحمد، ٩/ ٢٦٦، رقم ٥٣٦٥، وأبو داود، كتاب الزكاة، باب عطية من سأل بالله، ٢/ ٣١٠، رقم ١٦٧٢، والنسائي، كتاب الزكاة، باب من سأل بالله ﷿، ٥/ ٨٢، من حديث ابن عمر ﵄، والحديث صحَّحه الألباني في صحيح سنن أبي داود ١/ ٣١٤.
(^٣) أخرجه أبو داود، كتاب الأدب، باب في شكر المعروف ٥/ ١٥٧، رقم ٤٨١١، والترمذي، كتاب البر والصلة، باب ما جاء في الشكر لمن أحسن إليك ٤/ ٢٩٩، رقم ١٩٥٤، وصحَّحه الألباني في صحيح سنن الترمذي رقم ١٥٩٢.
1 / 18
المعاصرة)، وأ. د. سليمان بن سالم السُّحيمي (رئيس قسم العقيدة بكلية الدعوة وأصول الدين بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية سابقًا).
كما أتوجه بالشكر إلى جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ممثلةً في كلية أصول الدين قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة على ما تقدِّمه لطلابها من اهتمامٍ وحسن رعاية.
ولا يفوتني أن أشكر مدير تعليم المدينة النبوية الأستاذ ناصر بن عبد الله العبد الكريم على تشجيعه لمنسوبي إدارته من مشرفين ومعلمين، وتذليل الصعوبات لهم لإكمال الدراسات العليا لمرحلتي الماجستير والدكتوراه في الجامعات الداخلية والخارجية، مما يحقق الأثر المنشود والنفع الموعود بإذن الله ﷿ لهذه الدولة المباركة المملكة العربية السعودية.
والشكر أيضًا للملحقية الثقافية السعودية في مدينة الرباط بدولة المغرب على اهتمامهم وتزويدهم لي ببعض الكتب والمراجع التي كانت مهمة في بحثي من داخل مكتبة الملحقية أو من خارجها، وشكري الخاص لمدير الملحقية الأستاذ عبد الله البخيت على حفاوة الاستقبال والحرص على بذل كل ما في الوسع من تزويدي ببعض المراجع.
وكذلك شكري وتقديري لمن فتح لي بيته وقلبه في مدينة الرياض أثناء دراستي لمنهجية الدكتوراه الأخ الفاضل اللواء مرزوق بن مبيريك الحربي، قائد المجموعة المرافقة، والمشرف على الحراسة لصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز آل سعود ﵀ والمستشار لوزير الداخلية صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف آل سعود فجزاه الله خيرًا وجعل ذلك في موازين حسناته.
1 / 19
التمهيد
وفيه:
١ - ترجمة ابن عجيبة ترجمة موجزة
٢ - التعريف بالطرق الصوفية إجمالا
1 / 21
ترجمة ابن عجيبة ترجمة موجزة
أولًا: اسمه ونسبه وكنيته
قال: أنا أحمد بن محمد بن المهدي بن الحسين بن محمد بن عجيبة الحجوجي (^١)، ثم يذكر بعد ذلك الصلة بين عبد الله بن عجيبة والبيت الحجوجي فيقول: "الحجوجي بن سيدي بن عبد الله بن عجيبة ثم إلى سيدي سحنون ابن مولاي إبراهيم بن مولاي محمد بن مولاي موسى بن مولاي بن عبد الله ثم إلى مولاي أحمد بن مولاي إدريس الأصغر بن مولاي إدريس الأكبر، هكذا رأيت بخط جدي الحسين المذكور أعني الجمع بين النسبتين ابن عجيبة والحجوجي" (^٢).
أما كنيته فيكنَّى بأبي العبَّاس (^٣).
والملاحظ أن ابن عجيبة يصر على أن يلصق نسبه بآل البيت (^٤)، فأكد على نسبته بعبد الله ابن عجيبة الذي يتصل نسبه بالأدارسة (^٥) أشراف المغرب.
_________
(^١) وهذا اللَّقب أُطلق على جدِّه -بزعمه- أنَّه يقف كل عام مع الحجاج بعرفة على سبيل الطي وخرق العادة، وهذا ديدن الصوفية من الخرافات التي لا يصدقها من لديه أدنى مسكة عقل. ينظر: الفهرسة، لابن عجيبة، ص ١٦.
(^٢) الفهرسة، ص ١٦.
(^٣) ينظر: شجرة النور الزكية في طبقات المالكية ١/ ٥٢٦.
وقد أخطأ محمد مخلوف في كتابه شجرة النور الزكية عند ترجمته لابن عجيبة بقوله: "هو أحمد بن عجيبة الفاسي"، وعُرف عن ابن عجيبة أن مركزه الأصل في بني زروال ثم انتقل إلى تطوان واستقرَّ بها، وأمَّا القول بأنه فاسي فإنَّه خطأ، فهو زار فاس للعلم ولم يمكث بها، وكذلك أخطأ في زمن وفاته، حيث قال: توفي سنة ١٢٦٦ هـ، وإنما كانت وفاته سنة ١٢٢٤ هـ. ينظر: شجرة النور الزكية في طبقات المالكية ٢/ ٤٢٦.
(^٤) ومن تتبَّع كتب المتصوفة يجد أنَّ شيوخ المتصوفة يلصقون أنفسهم إمَّا بالحسن أو الحسين عن طريق الرؤى؛ لكي تكون لهم حظوة عند أتباعهم، ينظر: طبقات الشاذلية الكبرى، ص ٢٦٦.
(^٥) الأدارسة: بطنٌ من بني الحسن السبط أمير المؤمنين علي بن أبي طالب من بني هاشم من العدنانية، وهم بنو إدريس بن عبد الله بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، كان لهم ملكٌ بالمغرب الأقصى، وكان السبب في ذلك أنَّه خاف من الهادي العباسي ففرَّ إلى بلاد المغرب فتعصَّب له متعصِّبون وملك المغرب الأقصى سنة ثلاث وسبعين ومائة، ثم ملك بعده أولاده إلى أن غلبهم على ذلك المنصور بن أبي عامر من القحطانية، واستولى على ما بيدهم من ذلك مع ما بيده من الأندلس. ينظر: نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب ١/ ٥٩.
1 / 23
وهذا يظهر من خلال النقاط الآتية:
١ - عدم موافقة بيت عبد الله بن عجيبة على ذلك، فقد سعوا إلى عزلهم.
قال ابن عجيبة: "ولقد وقعت مشاجرة كبيرة بين الفريقين في حياة شيخنا العلامة سيدي عبد الكريم بن قريش حين أرادوا أن يعزلونا من نسب الشيخ ابن عجيبة" (^١).
٢ - ابن عجيبة كان يعُرف آباؤه باسم الحجوجي.
٣ - تسمية ابن عجيبة لم تكن مشتهرة له سوى لأبناء عبد الله ابن عجيبة، والذي زعم ابن عجيبة أن جده الحسين بن محمد هو ابن أخيه.
يقول ابن عجيبة: "ولم نقف أيضًا على تحقيق نسبه أعني سيدي الحسين، غير أن الظن القوي به أنه من قرابة شيخه عبد الله بن عجيبة، بل ولد أخيه" (^٢).
٤ - شك في نسبه، يقول: " ... فقلت له يا سيدي (^٣)، هل وقفت على صحة نسبنا؟ فنظر إليَّ وقال: لا تشك" (^٤).
٥ - إضافة إلى أنه كان مهتمًا بهذا الأمر، قال: "ولقد كنت فيما أسلفت
_________
(^١) الفهرسة، ص ١٧.
(^٢) الفهرسة، ص ١٧.
(^٣) أي شيخه العربي الدرقاوي.
(^٤) الفهرسة، ص ١٩.
1 / 24