Omar's Rhetoric
البلاغة العمرية
Yayıncı
مبرة الآل والأصحاب
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
٢٠١٤ م
Türler
فقد سأل رَجُلٌ الشَّافِعِيِّ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، مَا الْبَلَاغَةُ؟، فقال: «الْبَلَاغَةُ أَنْ تَبْلُغَ إِلَى دَقِيقِ الْمَعَانِي بِجَلِيلِ الْقَوْلِ»، فسأله: فَمَا الْإِطْنَابُ؟، فقال: «الْبَسْطُ لِيَسِيرِ الْمَعَانِي، فِي فُنُونِ الْخِطَابِ»، فسأله: فَأَيُّمَا أَحْسَنُ عِنْدَكَ الْإِيجَازُ أَمْ الْإِسْهَابُ؟، فقال: «لِكُلٍّ مِنَ الْمَعْنَيَيْنِ مَنْزِلَةٌ، فَمَنْزِلَةُ الْإِيجَازِ عِنْدَ التَّفَهُّمِ فِي مَنْزِلَةِ الْإِسْهَابِ عِنْدَ الْمَوْعِظَةِ، أَلَا تَرَى أَنَّ اللهَ تَعَالَى إِذَا احْتَجَّ فِي كَلَامِهِ كَيْفَ يُوجِزُ، وَإِذَا وَعَظَ يُطْنِبُ فِي مِثْلِ قَوْلِهِ مُحْتَجًّا: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا﴾ [الأنبياء: ٢٢]، وَإِذَا جَاءَتِ الْمَوْعِظَةُ، جَاءَ بِأَخْبَارِ الْأَوَّلِينَ، وَضَرَبَ الْأَمْثَالَ بِالسَّلَفِ الْمَاضِينَ» (١).
ومن تأمل كلام الماضين، تفتقت له ينابيع الحِكمة، وفَصل الخِطاب، وتجلَّت له بلاغة المنطق، وتفتحت له أبوابها.
وأما كلام الفاروق عمر ﵁ فهو البحر الذي لا يُساجَل (٢)، والجمّ الذي لا يحافَل (٣)، وهو دائرٌ على أقطاب (٤) ثلاثة؛ كنحو تلك الأقطاب التي دارت عليها بلاغة أبي السبطين علي ﵁.
_________
(١) الفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي: ٢/ ٦٦
(٢) لا يُساجَل: لا يغالب في الامتلاء وكثرة الماء.
(٣) لا يحُافَل: لا يغالب في الكثرة، من قولهم: ضرع حافل: ممتلئ كثير اللبن، والمراد أنّ كلامه لا يقابل بكلام غيره لكثرة فضائله.
(٤) أقطاب: أصول.
1 / 11