Oedipus ve Theseus
أوديب وثيسيوس: من أبطال الأساطير اليونانية
Türler
2
والشعراء الممثلون من اليونان يعتمدون في تمثيلهم بحكم الفن نفسه وبحكم الدين أيضا على الأساطير؛ فالأبطال القدماء هم موضوع المأساة اليونانية التي تصور حياتهم، أو تصور ما تمتاز به حياتهم من المحن والخطوب. وتصوير هذه المحن التي ألمت بالأبطال وعرضها على النظارة في ملاعب التمثيل شيء كان الأثينيون يرونه فنا ويرونه دينا، فيه الجمال الأدبي الذي يعظ النفس، ويذكي القلب، ويثير العاطفة، وينمي الفضيلة، ويرفع الإنسان عن صغائر الحياة إلى جلائل الأمور، وفيه تقديس الآلهة، وتمجيد الأبطال، والإشادة بالقديم وما فيه من مآثر كتب لها الخلود.
وقد كان اليونان قبل أن ينشأ فن التمثيل، وقبل أن ينشأ فن الغناء نفسه، يتقربون إلى آلهتهم بإنشاد الشعر القصصي والاستماع له. ثم نشأ الغناء فتقربوا به إلى الآلهة، يتغنون حياة الأبطال وحياة الآلهة وما عرض لهم فيها من خير وشر؛ ثم نشأ فن التمثيل فتقربوا به إلى الآلهة كما كانوا يتقربون بالقصص والغناء. ومن أجل هذا كله تغيرت صور الفن الشعري عند اليونان ولم يتغير موضوعه؛ فالأبطال والآلهة هم موضوع القصص في الإلياذة والأودسة، وهم الموضوع الأساسي لغناء المغنين، وهم الموضوع الأساسي لتمثيل الممثلين أيضا.
ومع ذلك فتغير الصورة له خطره العظيم وإن بقي الموضوع ثابتا مستقرا؛ ذلك أن الصورة لم تتغير إلا لأن النفس اليونانية قد تغيرت بحكم ما أحاط بالشعب اليوناني من الظروف. فقد كان القصص اليوناني صورة لحياة الجماعة لا يكاد يظهر فيها من الأفراد إلا شخصية الآلهة والأبطال، بل لا تظهر فيها شخصية الشاعر نفسه.
فلما ارتقت الحضارة وذكت القلوب وقويت شخصية الفرد، تغيرت صورة الشعر، فظهر شخص الشاعر أولا، وأصبح الشعر لا يضاف إلى شاعر مجهول يسمى هوميروس مهما يكن موضوعه، وإنما يضاف إلى شعراء معروفين يراهم الناس ويتحدثون إليهم ويتحدثون عنهم، وأصبح الشعر لا يصور الآلهة والأبطال الممتازين وحدهم، وإنما يصور شخصية الشاعر نفسه، ويصور معها شخصية كثير من الأفراد وما يجدون من لذة وألم، ومن حب وبغض، ومن عاطفة وشعور بوجه عام. ثم أصبح الشعر لا ينشد إنشادا يسيرا تسنده بين حين وحين نغمات ساذجة توقع على أداة ساذجة من أدوات الموسيقى، وإنما ينشد إنشادا معقدا يتشكل فيه الصوت بالأشكال المختلفة التي يقتضيها الغناء، وتسنده وتريح منه أحيانا أدوات موسيقية كثيرة مختلفة، ويسنده الرقص أيضا بحيث يوشك أن يشبه الأوبرا في عصرنا الحديث، لولا أنه كان يخلو من حركة التمثيل.
ثم تتقدم الحضارة، ويرقى العقل، وتقوى الشخصية، وتظفر الشعوب في المدن بحقوقها السياسية، فتتغير صورة الشعر؛ وإذا الحوادث التي كانت تقص في الشعر القصصي، وتغنى في الشعر الغنائي، قد أصبحت تعرض على النظارة في ملعب التمثيل يجريها الشاعر على أيدي أشخاص يمثلون الأبطال والآلهة أنفسهم. وهذا التمثيل نفسه لا يخلو من الغناء والرقص توقعهما الجوقة، وقد يشارك فيهما كليهما أو أحدهما الممثلون. وقد أصبح جمهور النظارة ذا شأن خطير؛ فهو يشارك في حفلات التمثيل لا بشهود التمثيل فحسب، ولكن كذلك بالقضاء بين المستبقين من الشعراء الممثلين. وقد كان الشعراء يشاركون بأنفسهم في التمثيل أول الأمر، ثم نشأت طائفة الممثلين المحترفين، وجعل الشعراء يكتفون بإنشاء الشعر وإرشاد الممثلين وأعضاء الجوقة.
كذلك كانت الحال في القرن الخامس قبل المسيح حين عرض الشعراء الثلاثة الممتازون: إيسكولوس
Eschyle
وسوفوكل
Sophocle
Bilinmeyen sayfa