ومنبعه ومبدأ ظهوره أثنى عشر عينا، فتصب تلك المياه إلي بحيرتين هنالك كالبطائح، ثم يجتمع الماء منهما جاريا فيمر برمال هنا لك وجبال، ويخرق أرض السودان فيما يلي بلاد الزنج فيتشعب منه خليج يصب في بحر الزنج، ويجري علي وجه الأرض تسعمائة فرسخ [ق 58 ب] في عامر وغامر من عمران وخراب، حتي يأتى أسوان من صعيد مصر.
وقال في كتاب هروشيش: أن نهر النيل مخرجه من ريف بحر القلزم ثم يميل إلي ناحية الغرب، فيصير في وسطه جزيرة، وآخر ذلك يميل إلي ناحية الشمال فيسقى أرض مصر.
وقيل أن مخرجه من عين فيما يجاور الجبل ثم يغيب في الرمال، ثم يخرج غير بعيد فيصير له محبس عظيم، ثم يساير على قفار الحبشة، ثم يميل علي اليسار إلي أرض. قال: ونهر النيل وهو الذي يسمي بأون مخرجه خفي ولكن ظاهر إقباله من أرض الحبشة ويصير له هناك محبس عظيم مجراه إليه مائتا ميل. وذكر مخرجه حتى ينتهي إلي البحر.
وقال: وكثيرا ما يوجد في نهر النيل التماسيح. وأقبال النيل من أرض الحبشة ليس يختلف فيه أحد، وعدة أميال من مخرجه المعروف إلي موقعه مائة ألف وتسعون ألفا وتسعمائة وثلاثون ميلا وماء النيل يجري علي مر كل وهو عذب دفىء، والنيل إذا وصل إلي الجنادل كان عند إنتهاء مراكب النوبة إنحدارا، ومركب الصعيد أقلاعا وهناك حجارة مضرسة [ق 59 أ] لمرور المراكب عليها إلا فى آوان زيادة النيل ثم يأخذ على الشمال فيكون على شرقية أسوان من الصعيد الأعلى، ويمر بين الجبلين يكتفيان أعمال مصر. أحدهما شرقى، والآخر غربي، حتي يأتي مدينة فسطاط مصر فيكون في بره الشرقي، فإذا تجاوز فسطاط مصر بمسافة يوم، صار فرقتين تمر حتى تصب في بحر الروم عند دمياط وتسمى هذه الفرقة بحر الشرق، والفرقة الأخرى هي عمود النيل ومعظمة يقال لها بحر العرب تمر حتي تصب في بحر الروم أيضا عند رشيد، وكانت مدينة كبيرة قديم الزمان.
ويقال أن مسافة النيل من منبعه إلى أن يصب في البحر عند رشيد سبعمائة وثمانية وأربعون فرسخا، وأنه يجرى في الخراب أربعة أشهر، وفي بلاد السودان شهرين وفي بلاد الإسلام مسافة شهر.
وذهب بعضهم إلي أن زيادة ماء النيل إنما تكون بسبب المد الذي يكون في البحر، فإذا فاض ماؤه تراجع النيل وفاض علي الأراضى، ووضع في ذلك كتابا حاصله أن حركة البحر التى يقال لها المد والجزر- توجد في كل يوم وليلة مرتين، وفي كل شهر [ق 59 ب] مرتين،
Sayfa 73