ولم يزل هذا الملعب تقصده الأمم، فإنه لم يكن له نظير ولا عمل في العالم مثله إلى أن هدمه بعض الملوك لعجزه عن عمل مثله.
ويقال أن العقيان قد كثرت في أيامه بمصر وأضرب بالناس، فأحضر الملك الكاهن وسأله عن سبب كثرتها، فقال: إن إلهك أرسلها لتعمل لها نظيرا وتسجد له.
فقال: إن كان يرضيه ذلك، فأنا أفعله. فقال إن ذلك رضاه فأمر بعمل عقاب طوله ذراعان في عرض ذراع من ذهب مسبوك، وعمل له وشاحين من لؤلؤ منظوم على أنابيب من جوهر أخضر، وفى منقاره درة معلقة وسروله بأدرك أحمر، وإقامة على قاعدة من فضة منقوشة، قد ركبت علي قائمة من زجاج أزرق، وجعله في أزج- يمين الهيكل وألقي عليه ستور الحرير وجعل يقرب له عجلا أسود [ق 38 ب] وبكارة الفراريح وباكورة الفواكه والرياحين.
فلما تمت له سبعة أيام دعاهم إلى السجود فأجابه الناس، ولم يزل الكاهن يجهد نفسه في عبادة العقاب وعمل له عيدا.
فلما تم له أربعون يوما نطق الشيطان من جوفه، وكان أول من دعاهم إليه أن يبحر له في أنصاف الشهور بالمندل ويرش العتيق التي يؤخذ من روءس الخوابي وعرفهم أنه قد أزال عنهم العقيان وضررها، وكذلك يفعل في غيرها مما يخافون.
فسر الكاهن لذلك وتوجه إلى أم الملك يعرفها ذلك، فسارت إلي الهيكل وسمعت كلام العقاب، فسرها ذلك وأعظمته، وبلغ ذلك الملك فركب إلى الهيكل حتى خاطبه وأمره ونهاه.
فسجد له وأقام له سدنة، وأمر أن يزين بأصناف الزينة، فكان يقوم بهذا الهيكل ويسجد لتلك الصورة ويسألها عما يريد فتخبره.
وعمل من الكيمياء ما لم يعمله أحد من الملوك، فيقال أنه دفن في صحراء الغرب [خمسمائة دفين] (1) ويقال أنه عمل على باب مدينة صا عمودا عليه صنم في صورة امرأة جالسة وفي يدها مرآة تنظر إليها، وكان العليل يأتى إلى هذه المرآة وينظر فيها [ق 39 أ]- أو ينظر له أحد فيها، فإن كان يموت من علته تلك رأوه ميتا، وإن كان يعيش رأه حيا وينظر فيها أيضا للمسافرين فإن رأوه مقبلا بوجهه علموا أنه راجع، وإن رأوه موليا علموا أنه يتمادى في سفره، إن كان مريضا أو ميتا رأوه كذلك في المرآة.
Sayfa 53