وكان في زمانها عجوز ساحرة من بنات السحرة تسمّى تذورة (١)، فقالت لها دلوكة الملكة: إعملي لنا بربا (٢) تمنع عنّا الأعداء. فقالت: نعم، على شرط أنكن تتزوّجن بعبيدكنّ وأجرائكن (٣). ولا تقطعوا النسل، فقطعن ذلك على شرط أن لا يفعلوا شيئا إلاّ بمؤامرتهنّ في ذلك. وبقيت سنّة في القبط إلى يوم القيامة، فعند ذلك عملت (٤) لهم بربا بمنف، وصوّرت فيها جميع أصناف الناس إن جاؤوا على خيل أو على جمال أو دوابّ أو رجّالة أو في مراكب من أيّ جهة كان (٥)، وجعلت عليها حرّاسا ينظرون إلى الصّور بالنّوبة، فإذا قصد مصر عدوّ على صفة من هذه الصفات تحرّكت الصور التي تشبه العدوّ، فيعمدوا إليها يقطعوا رؤوسهم (٦) وأيديهم وأرجلهم بالسيوف، ويفقّوا (٧) أعينهم بالرماح، فيصيب ذلك بالعدوّ وهو في مكانه.
فاستمرّت مصر ممتنعة بتدبير العجوز تدوره أربع ماية سنة (٨).
فملكتهم دلوكة بنت زبّا عشرين سنة وهلكت (٩).
فبلغ صبيّ من أبناء القبط الأكابر يقال له دركون بن بلطوبس (١٠) فملّكوه عليهم. ثم مات (١١).
فاستخلف ولده توذش (١٢)، ثم هلك (١٣).
_________
(١) في حسن المحاضرة ١/ ٢٠ «يذورة». وفي فتوح مصر، ومعجم البلدان: «تدورة».
(٢) في حسن المحاضرة ١/ ٢٠ «رباء من حجارة». والبرابي: جمع بربي، كلمة قبطية تعني موضع العبادة أو البناء المحكم أو موضع السحر. قال ابن فضل الله العمري إنها تشتمل على جميع أشكال الفلك. وانظر: صبح الأعشى ٣/ ٣٢٣.
(٣) في الأصل: «وأجراكن».
(٤) في الأصل: «عمل».
(٥) الصواب: «كانت».
(٦) في الأصل: «روسهم».
(٧) الصواب: «ويفقأوا».
(٨) حسن المحاضرة ١/ ٢١.
(٩) فتوح مصر ٨٨ - ٩٠، حسن المحاضرة ١/ ٢٠، ٢١.
(١٠) في فتوح مصر ٩٠، وحسن المحاضرة ١/ ٥٩ «دركوس بن بلطيوس» وفي المواعظ والاعتبار: «دركوس بن بلوطس»، ومثله في: نهاية الأرب:١٥/ ١٣٩، وفي صبح الأعشى ٣/ ٤١٦ «دركون بن بطلوس».
(١١) فتوح مصر ٩٠، مروج الذهب ١/ ٣٦٤، نهاية الأرب ١٥/ ١٣٩، صبح الأعشى ٣/ ٤١٦، النجوم الزاهرة ١/ ٥٩، حسن المحاضرة ١/ ٢١.
(١٢) في فتوح مصر: «بورس»، وفي نهاية الأرب: «بورش»، وفي صبح الأعشى: «تودس».
(١٣) فتوح مصر ٩٠، مروج الذهب ١/ ٣٦٤، نهاية الأرب ١٥/ ١٣٩، صبح الأعشى ٣/ ٤١٦، النجوم الزاهرة ١/ ٥٩، حسن المحاضرة ١/ ٢١.
1 / 56