المسألة الأولى : في غنيمة أموال الموحدين البغاة فان أموال أهل القبلة وأن كانوا بغاة لا تحل غنيمتها والأصل في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم لابن أم عبد هل تدري كيف حكم الله فيمن بغي من هذه الأمة قال الله ورسوله أعلم قال لا يجهز على جريحها ولا يقتل أسيرها ولا يطلب هاربها ولا يقسم فيئها وقال بعض أصحابنا إلا أن كان لهم مأوى يلجئون إليه فانه يقتل المدبر ويجهز على الجريح ويتبع الهارب وهذا منهم تخصيص للخير بالقياس وذلك انهم نظروا في الغرض المقصود من قتال البغاة فرأوا الغرض أن القصد بقتالهم دفع صولتهم وكسر شوكتهم فان كان لهم مأوى يلجئون إليه لم يحصل المقصود بقتالهم فما دامت رايتهم قائمة فهم بغاة قال الشيخ خميس في منهجه لا سبيل للمسلمين على أموالهم ولا يقتل أسيرهم ولا يتبع مدبرهم ولا يجاز على جريحهم قال والمعنى لا سبيل إلى أموالهم ما لم يكن ذلك المال آلة يتقوون به على حربهم ومعونة على بغيهم فان كان يتقوون به على المسلمين جاز حبسه عنهم وان لم يكن للمسلمين الظفر إلا بإتلافه وحبسه فتلف في الحرب من غير معنى من المعاني التي ترجى بها القوة للمسلمين والضعف للباغين فليس على المسلمين فلهم رده بعينه ورفع محمد بن جعفر في جامعه عن موسى بن أبي جابر بعد كلامه له في الباغي فانه يقاتل حتى يفيء إلى أمر الله لا يغنم له مال ولا تسبي له ذرية ولا تنكح له زوجة في عصمته ما أقر بالنبي والقرآن وليس المقر بالتنزيل كالمنكر للتنزيل المكذب به لان المكر للتنزيل مكذب بالقرآن والنبي صلى الله عليه وسلم وهو خارج عن الملة وفي بيان الشرع ما نصه وأما القول بأنه لا سبيل على أموال الباغين فهو كذلك ما لم يكن ذلك لهم آلة حرب المسلمين أو معونة لهم على بغيهم عليهم فللمسلمين أن يجوزوه دونهم ويحبسوه عنهم إلى زوال بغيهم ثم يرد عليهم أو على ورثتهم وما كان من ذلك آلة تصلح لحربهم بها فقد قال بعض المسلمين أن يحاربوهم بها وما تلف في الحرب منها فلا غرم عليهم وقد قيل بغرمها وأن سلمت فلا كراء لها.
المسألة الثانية : في اتباع المنهزمين قال محمد بن جعفر في جامعه للأمام أن يتبع المنهزمين ويتبع الرجل من أهل البغي فيقتله بعد ما ينهزمون ويتفرقون من القادة والأتباع وعنه إذا سفكوا الدماء وقتلوا المسلمين وشهروا السلاح فللأمام وأصحابه أن يتبعوا الموالي ويقتلوا من شاءوا منهم وإنما ...تحرم دماؤهم إذا أقروا بالإسلام وفاؤا إلى أمر الله وأما ما داموا حربا للمسلمين فدماؤهم حلال وفي بيان الشرع ما نصه وأما قوله لا يتبع مدبرهم فالمعنى في ذلك لا يقتلوا منهزمين إذا لم يكن ذلك تفرقا إلى فئة يتراجعون بها في حرب المسلمين في تفرقهم وتوبة منهم عن بغيهم وامنوا معاودتهم للبغي أمسك المسلمون عن اتباعهم وأن لم يكن ذلك ولم يأمن المسلمين تراجعهم إلى فئة ثم يرجعون بها إلى حرب المسلمين أو إلى بغيهم عليهم أو يظلمون الناس في مسالك انهزامهم اتبعهم المسلمين ليأسروهم ويحبسوهم إلى أن يأمن المسلمون ذلك منهم فان كان للمسلمين إمام قائم فالحكم في ذلك إليه مع مشاورة أهل العلم وقد قيل يقتل من قتل أحدا من المسلمين من الباغين ويحبس ولا يؤمن معاودته للبغي عليهم.
........................
المسألة الثالثة : في الجرحى قال في بيان الشرع وأما الجرحى فلا يجاز عليهم ما كانت جراحهم حائلة بينهم وبين البغي والظلم وأن كانت جراحته خفيفة غير موسرة له عن بغيه فسبيله سبيل أصحابه وأن كان على ما به من الجراحة مقيم على الظلم والبغي فللمسلمين قتله ما لم يكن منعه ذلك إلا بقتله وسبيل هذا المجروح الذي يقاتل سبيل البغاة ولا سبيل على المجروح الذي قد أسرته جراحته ومنعته عما يوجب قتله من أجله فهذا ما حضر ذكره من معاني ما تقدم من قول الفقهاء فيمن منعته جراحته عن المحاربة.
Sayfa 54