Nur al-Taqwa wa Dhulumat al-Ma'asi fi Daw' al-Kitab wa al-Sunnah
نور التقوى وظلمات المعاصي في ضوء الكتاب والسنة
Yayıncı
مطبعة سفير
Yayın Yeri
الرياض
Türler
إلى هذا الحدّ، فقد دخل في باب الهلاك؛ ولهذا كان الدّيوث من أخبث الخلق، والجنة حرام عليه؛ لأنه لا غيرة له؛ ولهذا رضي بالسوء في أهله، وهذا يدلّ على أن أصل الدين الغيرة، ومن لا غيرة له لا دين له، فالغيرة تحمي القلب وتحمي له الجوارح، وتدفع السوء والفواحش، وعدم الغيرة تميت القلب، فتموت له الجوارح فلا يبقى عندها دفع البتة، وهذا يبين أهمية الغيرة ومكانتها (١).
١٣ - الذنوب تذهب الحياء من القلب، وهو أصل كلّ خير، وذهابه ذهاب الخير كله، فعن عمران بن حصين ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «الحياءُ خير كله»، أو قال: «الحياءُ كله خير» (٢).
وعنه ﵁ عن النبي ﷺ أنه قال: «الحياء لا يأتي إلا بخير» (٣).
والمقصود أن الذنوب تضعف الحياء عند العبد حتى ربما انسلخ منه بالكليّة، فلا يتأثر بعلم الناس بسوء حاله، ولا باطلاعهم عليه، بل كثير من أهل المعاصي يخبر عن حاله وقبح ما يفعل، والحامل له على ذلك انسلاخه من الحياء، وإذا وصل العبد إلى هذه الحال لم يبق في صلاحه مطمع (٤)، وهذا ينطبق عليه أحد المعنيين لحديث أبي مسعود عن النبي ﷺ أنه قال: «إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستحِ فاصنعْ ما
_________
(١) انظر: الجواب الكافي، لابن القيم، ص١٣٠ - ١٣١.
(٢) مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان عدد شعب الإيمان، ١/ ٦٤، برقم ٣٧.
(٣) متفق عليه: البخاري، كتاب الأدب، باب الحياء، ٧/ ١٣٠، برقم ٦١١٧، ومسلم، كتاب الإيمان، باب بيان عدد شعب الإيمان، ١/ ٦٤، برقم ٣٧.
(٤) انظر: الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي، لابن القيم، ص١٣١ - ١٣٣.
1 / 65