على آثارنا وتحاملهم على آدابنا؛ لأن ذلك لم يكن منهم عن عمد وسوء قصد، وإنما هو ارتياء واجتهاد.
* * *
أما عن ترتيب الكلمات فإننا جعلناه على جزأين، وخصصنا الجزء الأول للبحث والاستنتاج، والثاني للآثار الأدبية، ثم الجزء الأول خمسة عصور: عصر الفتوح، ونعني بها الفتوح الأولى وفتح مولاي إدريس. وعصر الموحدين وفيه الكلام على المرابطين. وعصر المرينيين وفيه الكلام على الوطاسين. وعصر السعديين. وعصر العلويين. والجزء الثاني قسمان: قسم المنثور، وقسم المنظوم. وإنما أخرنا الآثار الأدبية إلى الجزء الثاني ولم نذكر أدبيات كل عصر معه رغبة في عدم توقف المطالع وتلهيه عن مواصلة البحث وتكوين فكرة عامة عن جميع العصور مع ما في ضم تلك الآثار بعضها إلى بعض من تأليف مجموعة أدبية نفيسة تكون وحدها دليلا ناطقا على ما للوطن العزيز من ماض أدبي حافل. هذا على كثرة ما أغفلناه منها (لأن قريشا قصرت بهم النفقة) ولولا ذلك لخرجت هذه المجموعة مضاعفة عما هي عليه.
وفضيلة هذا الكتاب في أنه ليس لقطر من أقطار العروبة اليوم نظيره، إذ أن جميع كتب الأدب وتاريخه عامة تنتظم البلاد العربية جمعاء -ما عدا المغرب بالطبع. وعمل مثل هذا لا يخفى على العارف ما يقتضيه من جهود جبارة ومشاق عظمى، وإذا تذكر -مع ذلك- أن مصادر هذا البحث الجليل هي أقل من القليل، ومع قلتها فإن كثيرا منها محفوظ في الخزائن الخاصة التي لا طمع في الوصول إليها بمجان أو مال، فإنه يكون أسبق منا إلى طلب المخارج والتماس المعاذر فيما عسى أن يكون وقع لنا من التقصير والزلل والخطأ والوهم ولا سيما مع السرعة في إخراجه للناس لشدة الحاجة إليه، وكثرة الطلب عليه، وكان يلزم أن يبقى سنين طويلة تحت التهذيب والتنقيح.
وهناك نقطة سوف لا يماري أحد من قراء هذا الكتاب في أنه امتاز بها عن كثير مما تخرجه مطابعنا في هذه الأيام وهي أنه ليس فيه حرف واحد كتب
1 / 32