أحدها: إنه منصوب في المعنى عطفا على الأيدي، وإنما جره الجوار، وهو ضعيف لضعف الجوار في الجملة، وورود الجوار في النعت لا في العطف، وقد يرد توكيدا في ضرورة الشعر.
الثاني: إنه معطوف على رؤوسكم لفظا ومعنى، ثم نسخ بالغسل، وهو حكم باق وعليه جماعة، أو يحمل مسح الأرجل على بعض الأحوال وهو لبس الخف، ويعزى للشافعي وليس بشيء.
الثالث: جرت للتنبيه على عدم الإسراف في الطهور، لأن الأرجل مظنة للإكثار من الماء، فعطفت على الممسوح، والمراد غسلها، وعليه جار الله.
الرابع: جرت بحرف جر دل عليه المعنى، والحرف متعلق بفعل محذوف تقديره: وافعلوا بأرجلكم غسلا، قال أبو البقاء (1): وحذف حرف الجر وإبقاء الجر جائز.
وأما قراءة النصب فلها تأويلان:
__________
(1) أبو البقاءعبدالله بن أبي عبدالله الحسين بن أبي البقاء العكبري النحوي الضرير، ولد عام 538ه، نشأ ببغداد، وسكن سمرقند، وتصدر لإقراء العربية، له العديد من الكتب منها: إعراب القرآن الكريم، وشرح اللمع، توفي سنة 616ه ببغداد. (ينظر: وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، 2/ 39، انباه الرواة على أنباه النحاة، 1/ 1016).
الأول: العطف على أيديكم، فإن حكمها الغسل كالوجوه والأيدي، كأنه قيل: واغسلوا أرجلكم، وتعقب هذا بلزوم الفصل بين المتعاطفين بجملة غير اعتراضية ن وهذه جملة قد بينت حكما جديدا، فليس فيها تأكيد للأول.
الثاني: إنه نصب عطفا على محل المجرور قبله.
والصحيح أن الفرض الغسل مع الكعبين، وقراءة النصب ترد على قراءة الخفض، ولعله بقول النصب نظر لمحل المجرور على الشذوذ، لأن هذا المحل لا يظهر في الفصيح، ولم يشترط الكوفيون في العطف على المحل ظهوره في الفصيح، وكون الخفض على الجوار تخريج عن شاذ، إذ هو قياسي في النعت والتأكيد عند بعض، ومنع مطلقا مع أن العاطف فاصل فأين الجوار؟
ولا دليل للغسل في (ح): " ويل للأعقاب من النار " (1) إذ تعلق العقاب بترك الواجب، ولا يعلم أيهما الغسل أو المسح؟
ولا يقال: لو كان الواجب المسح ما تركهم والغسل، لأنا نقول: الغسل يجزىء عن المسح ولا عكس، ولكن المسح ثلاثا بعد غسلة واحدة مجزئة، إلا أن الظاهر الغسل، وهو فعله عليه السلام، وعليه الجمهور بعد الصحابة والتابعين، وهو أحوط.
Sayfa 86