بسم الله الرحمن الرحيم
أحمد الله سبحانه على نعمه الباطنة والظاهرة. وأسأله الصلاة على سيدنا محمد وآله الغرة الطاهرة. وأصحابه العصبة الزاهرة. وأجدد حمدي على ما جبلني عليه من تتبع آثار العلماء. واقتفاء سنن الأدباء. وكنت في أيام الوالد ﵀ أرى تردد الفضلاء إليه. وتهافت الأدباء عليه. ورأيت الشيخ شرف الدين أحمد بن يوسف بن أحمد التيفاشي العبسي في جملتهم وأنا في سن الطفولة لا أدري ما يقولونه. ولا أشاركهم فيما يلقونه. غير أني كنت أسمعه يذكر للوالد كتابًا صنفه أفنى فيه عمره. واستغرق دهره. وإنه سماه (فصل الخطاب في مدارك الحواس الخمس لأولي الألباب). وأنه لم يجمع ما جمع فيه كتاب. وكنت على صغر السن أنكر تجاسره على هذا الاسم الذي عده الله ﷿ من النعمة. ومنَّ على نبيه بأنه أتاه فصل الخطاب مع الحكمة. وكنت شديد الشوق إلى الوقوف عليه. وتوفي الوالد ﵀ في سنة خمس وأربعين وستمائة وشغلت عن الكتاب وتوفي شرف الدين التيفاشي بعده بمدة فلما ذكرته بعد سنين وقد جاوزت الستين تطلبته من كل جهة. ورمته من كل وجهة. فلم أجد من يدلني عليه. ولا من يذكر أنه نظر إليه. فبذلت
1 / 2