Feminizm ve Bilim Felsefesi
النسوية وفلسفة العلم
Türler
وتنشأ المرأة على أن الزوج هو مصيرها الذي تتطلع إليه، وأغلقت في وجهها أية فرصة أخرى للحصول على وضع مشرف في المجتمع عدا الزواج، الذي جعلته أنانية الرجل قانون استبداد. فكانت القوانين القديمة في إنجلترا تسمي الرجل سيد زوجته، وكان يمتلكها فعلا جسدا وروحا ومالا وحطاما، كل ما تملكه ملك لزوجها، ولا تملك شيئا مما يملكه هو. إنها خادمة للزوج لا فكاك لها، أسوأ حالا من العبيد في روما القديمة.
23
العبد عليه واجبات محددة، أما الزوجة فجارية مرتبطة بسيدها طوال الوقت، حتى لو جعل من تعذيبها متعته اليومية.
لا شك أن الأمر الواقع في عمومه ليس بهذه الجهامة، وثمة في العادة عوامل ملطفة وعلاقات حميمة. لكن مل يوضح أنه يصف الوضع القانوني للمرأة الغربية وليس ما تلقاه بالفعل؛ لأن القوانين أحيانا أسوأ من الذين يطبقونها. ولئن كانت النساء في العادة لا يعانين سلطة الطغيان كلها التي يكفلها القانون للرجال، فإن هذا لا يمنع من العمل على استئصال الشر من جذوره . فلم يكن لويس الرابع عشر أسوأ مستبد في التاريخ، ولم يتفرغ للاستمتاع بآلام شعبه أو الحيلولة بينهم وبين أي خير، ومع هذا قامت الثورة الفرنسية.
24
لذا يعمل مل على تفنيد حجج هذا الوضع الظالم للمرأة، وأقواها أنه الأمر الواقع الذي تقدمت البشرية في ظله، يقول مل أنه لا توجد بينة على أن الوضع المناقض للمرأة - أي المساواة - ما كان سيؤدي إلى تقدم أكبر.
ولا يمكن فصل إيمان مل العارم بالنسوية عن علاقته بهارييت تيلور مل (1807-1859) التي تعد من أبرز رائدات التنظير للنسوية الليبرالية والنسوية إجمالا، وقد كتبت في «وستمنستر ريفيو» عن منح النساء حق التصويت. التقت مع مل العام 1830، وكانت متزوجة من رجل أعمال ثري يملك شركة للإتجار في المواد الكيميائية، وأما لحفنة من الأطفال. ومع هذا وقع مل في غرام عجيب لها! وظل ينتظرها عشرين عاما حتى توفي زوجها العام 1849، وتزوجها بعد هذا بثلاث سنوات وهي في الخامسة والأربعين من عمرها العام 1852. في هذا العام نشر كتيب صغير بعنوان
Enfranchisement of Women ؛ أي تحرير النساء ومنحهن حق التصويت، ينادي بتوسيع الخيارات وفرص العمل المتاحة للمرأة، حمل في البداية اسم جون ستيوارت مل، لكن مل فيما بعد أكد أنها هي التي كتبت هذا الكتاب وأنه يحمل آراءهما معا. بعد ست سنوات أسلمت هارييت الروح متأثرة بمرض السل، وكانا في فرنسا، فواراها التراب هناك واشترى منزلا بجوار قبرها. كان دائم التردد عليه، مثلما كان دائم الإشادة بأياديها البيضاء ومناقبها وأفضالها على إنتاجه الفكري. وتفاني مل في نشر أفكار عن تحرير المرأة نسبها إليها. لكن الثابت أن أفكارها أكثر تطرفا من أفكاره. فقد هاجمت هارييت عيوب مؤسسة الزواج التقليدية بحدة وأشارت إلى أن عمل المرأة غير المدفوع الأجر فيها يجعل الرجل يعيش حياته من أجل ذاته، بينما تعيش المرأة حياتها من أجل الرجل، ورأت أن المساواة القانونية التامة بين الرجل والمرأة تجعل مؤسسة الزواج غير ذات جدوى، وتحدثت عن حق المرأة في الطلاق وتحديد النسل، وهذه كلها مسائل تجاوزها مل كي لا تكون أفكاره صادمة وتكون أكثر قبولا في المجتمع الفيكتوري المحافظ.
يمثل الثنائي مل وهارييت تطبيقا جليا للمبادئ الليبرالية على قضية المرأة، مما جعل النسوية الليبرالية تيارا قويا يزعم أنه صلب النسوية وجذعها. ولكن مهما كانت الليبرالية قد هيأت أجواء مواتية للنسوية، ومهما أجاد مل ورفيقته وسواهما استثمار هذه الأجواء نسويا، فإن الليبرالية في حد ذاتها - كما أشرنا - ليست فلسفة نسوية أو مناصرة لقضية المرأة. من الواضح أن بقاء المرأة على ما هي عليه تأكيد وتوطيد لحق الملكية الذي تقدسه الليبرالية، ومن ثم لا تبدو مفارقة في أن التيار المقابل في القرن التاسع عشر؛ أي الاشتراكية والشيوعية والماركسية، خصوصا هذه الأخيرة، يساهم هو الآخر وربما بنصيب أكبر في صياغة الحركة النسوية والفكر النسوي. (5) النسوية الاشتراكية
وكيف لا؟! وقد قامت الاشتراكية من أجل إعادة توزيع الثروة والسلطة في المجتمع، والنضال من أجل المساواة والعدالة الاجتماعية، ورفع الغبن عن الكادحين والمقهورين، لم يفتها التأكيد على أن قهر المرأة شكل من أشكال البؤس الذي تخلفه الرأسمالية، وأن النسوية الليبرالية لا تعدو أن تكون دعوة طبقية لا تكفل عدالة اجتماعية وأنها صورية جوفاء.
Bilinmeyen sayfa