وكلما أوغلت في المجرى التحتاني لم تر في منطقة الضحاضح غير أنواع قليلة من المخلوقات، ولكن مع طبائع غريبة.
فهنالك النمل الأبيض الذي تسوغ أعماله تلقيبه بالمقدر كما في اللاتينية ، فهو يقرض كل ما يجد، وهو يكدره قبل أن يمسه كما يصنع بعض محترفي السياسة، وهو يحفر دهاليز تحت ما يود هلاكه نفعا له أو يستره بالتراب، والرزم فريسته فضلا عن الشجر والسلال والصناديق، وتحفظ بقاياه في تلال يبلغ ارتفاعها أربعة أمتار أحيانا فلا تنسف إلا بالمتفجرات، ولا يقضى على هذا النظام إلا بقتل ملكته، فإذا ماتت تفرق شمل تلك الأرض
9
تفرقا تاما.
ومع ذلك ترى لتلك الحيوانات عدوا أقل منها ذكاء وأعظم منها مكرا، والعدو هم الزنوج الذين يقيمون الولائم أكلا لها، والزنوج يعرفون أن الأرض تخرج من قراياها عند المطر، فيطبلون بلطف فوق التل، فتظن هذه الحشرات سماعها نزول المطر وتخرج ويلتقطون الألوف منها، وينتهي الأمل في حال إلى قدر أسرة زنجية تتذوق الحساء.
ويعيش دبيب الحوت في الثقوب على ضفاف النهر، وهو إذا ما حفر له ممرا في الطين انقض على الإنسان والحيوان وفح
10
كالثعبان، ولا يعرف العلماء ولا الزنوج هل هذا من الأسماك أو من الحشرات، وعلى أنوف الأرض الجافة تبصر الضبان الضخمة تدفئ تحت الشمس وتبصر الأفاعي تلقي الرعب في الإنسان والقرد، وإن كانت ضحاياها أقل عددا من ضحايا التماسيح التي يبارك البلد لها.
والتمساح - كعضو في ناد محافظ - يقضي معظم حياته ناعسا في الحر على شفير ناتئ، ويكون التمساح جبانا في البر مرهوبا في الماء مستعدا في كل حين للزلوج
11
Bilinmeyen sayfa