Firavunlar ve Araplar Döneminde Nil

Anton Zikri d. 1369 AH
101

Firavunlar ve Araplar Döneminde Nil

النيل في عهد الفراعنة والعرب

Türler

وكذلك بعض أقوام من جامع مصر وقع في حبالة قوم آخرين بالقرافة، فتداركه الناس فخلص من الوهق وله حصاص، وأما من خرج عن أهله فلم يرجع إليهم فخلق كثير.

وحكى لي من أثق به أنه اجتاز على امرأة بخربة، وبين يديها ميت قد انتفخ وتفجر، وهي تأكل من أفخاذه، فأنكر عليها، فزعمت أنه زوجها، وكثيرا ما يدعي الآكل أن المأكول ولده أو زوجه أو نحو ذلك، ورؤي مع عجوز صغير تأكله فاعتذرت بأن قالت: إنما هو ولد ابنتي وليس بأجنبي مني، ولأن آكله أنا خير من أن يأكله غيري. وأشباه هذا كثير جدا حتى إنك لا تجد أحدا في ديار مصر إلا وقد رأى شيئا من ذلك، حتى أرباب الزوايا والنساء في خدورهن.

ومما شاع أيضا نبش القبور وأكل الموتى، وبيع لحومهم، وهذه البلية التي شرحناها وجدت في جميع بلاد مصر، ليس فيها بلد إلا وقد أكل فيه الناس أكلا ذريعا، من أسوان وقوص والفيوم والمحلة والإسكندرية ودمياط وسائر النواحي.

وخبرني بعض أصحابي، وهو تاجر مأمون حين ورد من الإسكندرية بكثرة ما عاين بها من ذلك، وأعجب ما حكى لي أنه عاين رءوس خمسة صغار مطبوخة في قدر واحدة بالتوابل الجيدة. وهذا المقدار في هذا الاقتصاص كان، فإني وإن كنت قد أسهبت أعتقد أني قد قصرت، وأما القتل والفتك في النواحي فكثير فاش في كل فج، ولا سيما طريقي الفيوم والإسكندرية، وقد كان بطريق الفيوم ناس في مراكب يرخصون الأجرة على الركاب، فإذا توسطوا بهم الطرق ذبحوهم وتساهموا أسلابهم، وظفر الوالي منهم بجماعة فمثل بهم، وأقر بعضهم عندما أوجع ضربا أن الذي خصه دون رفقائه ستة آلاف دينار. وأما موت الفقراء هزالا وجوعا فأمر لا يحيط علمه إلا الله سبحانه وتعالى، وإنما نذكر منه كالأنموذج يستدل به اللبيب على فظاعة الأمر.

فالذي شاهدنا بمصر والقاهرة وما يليهما أن الماشي أين كان لا يزال يقع قدمه أو بصره على ميت، أو من هو في السياق أو على جمع كثير بهذه الحال، وكان يرفع من القاهرة خاصة إلى الميضاة كل يوم ما بين مائة إلى 500.

وأما مصر فليس لموتاها عدد، ويرمون ولا يوارون، وأما من عجزوا عن رميهم فبقوا في الأسواق، وبين البيوت والدكاكين وفيها، والميت منهم قد تقطع وإلى جانبه الشواء والخباز ونحوه.

وأما الضواحي والقرى فإنه هلك أهلها قاطبة إلى ما شاء الله، وبعضهم انجلى عنها، اللهم إلا الأمهات والقرى الكبار كقوص والأشمونين والمحلة ونحو ذلك، ومع هذا أيضا فلم يبق فيها إلا تحلة القسم، وإن المسافر ليمر بالبلدة فلا يجد فها نافخ ضرمة، ويجد البيوت مفتحة وأهلها موتى متقابلين بعضهم قد ورم وبعضهم طري، وربما وجد في البيت أثاثه وليس له من يأخذه.

حدثني ذلك غير واحد كل منهم حكى ما يعضد به قول الآخر، قال أحدهم: دخلنا مدينة فلم نجد فيها حيوانا في الأرض ولا في السماء، فتخللنا البيوت فألفينا أهلها كما قال الله عز وجل:

جعلناهم حصيدا خامدين ، فنجد ساكن كل دار موتى فيها الرجل وزوجه وأولاده، قال: ثم انتقلنا إلى بلد آخر ذكر لنا أنه كان فيه أربعمائة دكان للحياكة، فوجدناها كالتي قبلها في الخراب، وإن الحايك في بير حياكته ميت وأهله موتى حوله، فحضر لي قول الله تعالى:

إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم خامدون ، قال: ثم انتقلنا إلى بلد آخر فوجدناه كالذي قبله ليس به أنيس وهو مشحون بموتى أهله. قال: واحتجنا إلى الإقامة به لأجل الزراعة، فاستأجرنا من ينقل الموتى مما حولنا إلى النيل، كل عشرة بدرهم. قال: ولكن قد بدلت البلاد بالذئاب والضباع ترتع في لحوم أهلها.

Bilinmeyen sayfa