كتاب نهاية الزين خطبة الكتاب الحمد لله الذي قوى بدلائل دينه أركان الشريعة وصحح بأحكامه فروع الملة الحنيفية أحمده سبحانه على ما علم وأشكره على ما أنعم وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق المبين وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله المبعوث رحمة للعالمين القائل من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه صلاة تنشرح بها الصدور وتهون بها الأمور وتنكشف بها الستور وسلم تسليما كثيرا ما دامت الدهور
أما بعد فيقول العبد الفقير الراجي من ربه الخبير غفر الذنوب والتقصير محمد نووي ابن عمر التناري بلدا الأشعري اعتقادا الشافعي مذهبا هذا شرح على قرة العين بمهمات الدين للشيخ العلامة زين الدين ابن الشيخ عبد العزيز ابن العلامة زين الدين بن علي بن أحمد المليباري الفناني قصدت به نفع إخواني القاصرين مثلي وسميته
نهاية الزين في إرشاد االمبتدئين
Sayfa 3
ولم يكن لي مما سطر في هذا الكتاب شيء بل جميعه مأخوذ من عبارات المؤلفين نفعنا الله بهم آمين وغالب ما فيه من نهاية الأمل للشيخ العلامة محمد بن إبراهيم أبي خضير الدمياطي فإنها عين غديقة ومن نهاية المحتاج وتحفة المحتاجللإكليلين محمد الرملي وأحمد بن حجر فإنهما عمدتان للمتأخرين من العلماء الشافعية ومن فتح الجواد والنهاية شرح أبي شجاع ومن الحواشي فما كان فيه من صواب فمنسوب إلى هؤلاء وما كان من خطأ فمن ذهني الكليل فالمرجو ممن اطلع عليه أن يصلحه بلطف واحتياط والله أسأل وبنبيه الكريم أتوسل أن ينفع به كما نفع بأصوله وأن يحله محل القبول إنه أكرم مسؤول
( بسم الله الرحمن الرحيم ) أقسام الاسم تسعة أولها الاسم الواقع على الشيء بحسب ذاته كسائر الأعلام نحو زيد فإنه ذات الشيء وحقيقته
ثانيها الواقع على الشيء بحسب جزء من أجزاء ذاته كالجوهر للجدار والجسم له
ثالثها الواقع على الشيء بحسب صفة حقيقية قائمة بذاته كالأسود والأبيض والحار والبارد
رابعها الواقع على الشيء بحسب صفة إضافية فقط كالمعلوم والمفهوم والمذكور والمالك والمملوك
خامسها الواقع على الشيء بحسب صفة سلبية كأعمى وفقير وسليم عن الآفات
سادسها الواقع على الشيء بحسب صفة حقيقية مع صفة إضافية كعالم وقادر بناء على أن العلم والقدرة صفة حقيقية لها إضافة للمعلومات والمقدورات
سابعها الواقع على الشيء بحسب صفة حقيقية مع صفة سلبية كقادر لا يعجز وعالم لا يجهل وكواجب الوجود
ثامنها الواقع على الشيء بحسب صفة إضافية على صفة سلبية كلفظة أول فإنه عبارة عن كونه سابقا غيره وهو صفة إضافية وأنه لا يسبقه غيره وهو صفة سلبية وكالقيوم فإن معناه كونه قائما بنفسه أي لا يحتاج إلى غيره وهو سلب ومقوما لغيره وهو إضافة
تاسعها الواقع على الشيء بحسب مجموع صفة حقيقية وإضافية وسلبية كالإله فإنه يدل على كونه موجودا أزليا واجب الوجود لذاته وعلى الصفات السلبية الدالة على التنزيه وعلى الصفات الإضافية الدالة على الإيجاد والتكوين والله علم على الذات الواجب الوجود أي الذي لا يمكن عدمه لا في الماضي ولا في الحال ولا في الاستقبال ولم يوجد نفسه ولم يوجده غيره
قال البندنيجي الاسم الأعظم هو الله عند أهل العلم والرحمن الرحيم صفتان مشبهتان من رحم بتنزيله منزلة اللازم بأن يبقى على صفته غير متعلق بالمفعول فيقال رحم الله أي كثرت رحمته أو بجعله لازما بأن يحول من فعل بكسر العين إلى فعل بضمها وقدم الله على الرحمن الرحيم لأنه اسم ذات وهما اسما صفة والذات مقدمة على الصفة وقدم الرحمن على الرحيم لأنه خاص إذ لا يقال لغير الله بخلاف الرحيم والخاص مقدم على العام ولأنه أبلغ من الرحيم والأبلغية توجد تارة باعتبار العدد ولهذا قيل يا رحمن الدنيا لأنه يعم المؤمن والكافر ورحيم الآخرة لأنه يخص المؤمن وتارة باعتبار الصفة ولهذا قيل يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيم الدنيا لأن النعم الأخروية كلها جسام وأما النعم الدنيوية فجليلة وحقيرة
Sayfa 4
( الحمد لله الذي هدانا لهذا ) أي دلنا لهذا العمل ( وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ) وهذه الجملة مستأنفة أو حال لكنها في معنى التعليل وما نافية وكان فعل ناقص ونا اسمها وخبرها محذوف متعلق للام الجحود الزائدة أي ما كنا مرادا هدايتنا وأن هدانا الله مبتدأ والخبر محذوف وجوبا وجواب لولا محذوف دل عليه قوله وما كنا لنهتدي أي لولا هداية الله موجودة ما اهتدينا والحمد اللفظي لغة الثناء بآلة النطق لأجل الجميل الاختياري حقيقة أو حكما مع قصد التعظيم ظاهرا وباطنا سواء كان في مقابلة نعمة أم لا
( والصلاة والسلام ) أي الدعاء لله بالرحمة المقرونة بتعظيم والدعاء لله بالتحية بالسلامة من الآفات ( على سيدنا محمد رسول الله ) رسالة عامة للإنس والجن على وجه التكليف ولغيرهم على وجه التشريف وشرعه صلى الله عليه وسلم باق إلى يوم القيامة لا ينسخه شرع آخر لعدم وجوده بعده ووقع نسخ بعض شرعه ببعضه وهو صلى الله عليه وسلم أفضل المخلوقات جميعا ويليه سيدنا إبراهيم ثم سيدنا موسى ثم سيدنا عيسى ثم سيدنا نوح وهؤلاء أولو العزم ثم بقية الرسل ثم الأنبياء غير الرسل ثم الرؤساء الأربعة من الملائكة وهم جبريل ثم مكيائيل ثم إسرافيل ثم عزرائيل ثم عوام البشر والمراد بهم غير الأنبياء من الأولياء كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وأشباههم ثم عوام الملائكة والمراد من عدا الرؤساء الأربعة كحملة العرش وهم الآن أربعة فإذا كان يوم القيامة أيدهم الله تعالى بأربعة أخرى وكالكروبيين بفتح الكاف وتخفيف الراء وهم ملائكة حافون بالعرش طائفون به ( وعلى آله ) وهم المؤمنون ولو عصاة واعتقاد أهل السنة أن أمة محمد صلى الله عليه وسلم خير الأمم أجمعين ( وصحبه ) اسم جمع لصاحب بمعنى الصحابي وهو من لقي النبي صلى الله عليه وسلم بعد نبوته في حال حياته ولو أعمى كابن أم مكتوم أو غير مميز ومن ثم عدوا محمد بن أبي بكر رضي الله عنهما صحابيا مع ولادته قبل وفاته صلى الله عليه وسلم بثلاثة أشهر وأيام وعد بعض المحدثين من رآه صلى الله عليه وسلم قبل النبوة ومات قبلها على دين الحنيفية كزيد بن عمرو بن نفيل صحابيا ( الفائزين برضا الله ) تعالى وخير الصحابة رؤوسهم الأربعة الذين تولوا الخلافة بعد النبي صلى الله عليه وسلم وهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم فأفضليتهم على ترتيب الخلافة فأبو بكر مكث في الخلافة سنتين وثلاثة أشهر وعشرة أيام وعمر مكث في الخلافة عشر سنين وستة أشهر وثمانية أيام وعثمان مكث في الخلافة إحدى عشرة سنة وأحد عشر شهرا وتسعة أيام وعلي مكث في الخلافة أربع سنين وتسعة أشهر وسبعة أيام ثم بعد هؤلاء الأربعة بقية العشرة المبشرين بالجنة وهم طلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد وسعيد وأبو عبيدة عامر بن الجراح ثم بعدهم أهل دار الخيزران غير من ذكر وكلهم أربعون رجلا كملوا بعمر بن الخطاب
Sayfa 5
وقد كان صلى الله عليه وسلم وأصحابه مستخفين في دار الخيزران وفي ساعة إسلام عمر قال للنبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله لا يعبد الله بعد اليوم سرا اخرج بنا إلى قريش إلا نخاف ونحن أربعون رجلا فخرجوا صفين يقدم أحدهما عمر والآخر حمزة عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان حمزة قد أسلم قبله بثلاثة أيام ثم بعدهم أهل غزوة بدر وهو مكان بين مكة والمدينة وهم ثلاثمائة وثلاثة عشر عدد أصحاب طالوت غزوا مع ألف من كفار قريش ومات من الصحابة أربعة عشر رجلا ستة من المهاجرين وثمانية من الأنصار ثم بعدهم في الفضيلة
أهل غزوة أحد وهو اسم جبل قريب من المدينة وهم سبعمائة غزوا مع ثلاثة آلاف من كفار مكة ومات من الصحابة سبعون ثم بعدهم في الفضيلة أهل الحديبية وهي بئر بقرب مكة على طريق جدة وهم الذين بايعوه صلى الله عليه وسلم بيعة الرضوان فهم ألف وأربعمائة وخرج صلى الله عليه وسلم بهم من المدينة عام ستة من الهجرة لزيارة البيت الحرام والاعتمار ولم يكن معهم سلاح إلا السيوف فنزلوا بأقصى الحديبية فصدهم المشركون عن دخول مكة ودعا صلى الله عليه وسلم الناس عند الشجرة للبيعة على الموت أو على أن لا يفروا بل يصبرون على الحرب فبايعوه على ذلك فمشت الوسائط في الصلح
تنبيه يندرج في إثبات الرسالة لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم مباحث علم الفقه وهي الأحكام الشرعية ومباحث علم التوحيد وهي ثلاثة إلهيات ونبويات وسمعيات
فالإلهيات هي المسائل المبحوث فيها عما يجب لله تعالى وما يستحيل عليه وما يجوز في حقه
والنبويات هي المسائل المبحوث فيها عما يجب للرسل وما يستحيل عليهم وما يجوز في حقهم
والسمعيات هي المسائل التي لا تتلقى إلا عن السمع ولا تعلم إلا من الوحي وذلك كسؤال منكر ونكير لنا في القبر وعذاب القبر ونعيمه والبعث للحشر والشفاعة وكتب الأعمال والحساب والميزان والصراط والجنة والنار والإسراء والمعراج
وبعد أي بعد ما تقدم من البسملة والحمدلة والصلاة والسلام على من ذكر ( فهذا ) المؤلف الحاضر في الذهن لا في الخارج ( مختصر ) أي قليل اللفظ ( في الفقه ) أي لتحصيل الفقه وهو لغة الفهم واصطلاحا ظن قوي بالأحكام الشرعية العملية مكتسب من أدلتها التفصيلية بأن يقال اقيموا من قوله تعالى
ﵟأقيموا الصلاةﵞ
أمر والأمر للوجوب فقوله أقيموا للوجوب
وموضوعه أفعال المكلفين من حيث عروض الأحكام التكليفية والوضعية لها
ومأخذه من الكتاب والسنة والإجماع والقياس والاستصحاب والاستحسان والاستقراء والاقتران فإن هذه أدلة ثم الاستحسان دليل ينقدح في نفس المجتهد كما استحسن إمامنا الشافعي التحليف على المصحف فإنه أبلغ في الزجر
وفائدته امتثال أوامر الله تعالى واجتناب مناهيه المحصلان للفوائد الدنيوية والأخروية وذلك كالبيع والشراء وكالصلاة
وفضله أنه من أشرف العلوم وهو من علوم الدين الشرعية
ونسبته أنه فرع علم التوحيد واسمه علم الفقه وعلم الفروع
والواضع له إجمالا الإمام أبو حنيفة النعمان بمعنى أنه أول مصنف فيه إلا باب التفليس والحجر والسبق والرمي فأول مصنف فيه إمامنا الشافعي
وحكم الشارع في تعلمه الوجوب العيني فيما يتلبس به الشخص والكفائي في غير ذلك
Sayfa 6
ومسائله قضاياه التي يبحث فيه عنها كزكاة التجارة واجبة والحلف بغير الله مكروه وزيارة القبور مستحبة والأكل لا بقصد شيء مباح ( على مذهب الإمام ) المجتهد اجتهادا مطلقا أي على اختياره للأحكام ( الشافعي ) نسبة إلى شافع بن السائب نسب هذا الإمام إليه لأنه صحابي ابن صحابي ( رحمه الله تعالى ) والمجتهد المطلق هو من يقدر على استنباط الأحكام من الأدلة ومجتهد المذهب هو الذي يقدر على الاستنباط من قواعد إمامه كالمزني والبويطي ومجتهد الفتوى من يقدر على الترجيح لبعض أقوال إمامه على بعض كالنووي والرافعي لا كالرملي وابن حجر لأنهما مقلدان فقط ويجب على من لم يكن فيه أهلية الاجتهاد المطلق أن يقلد في الفروع واحدا من الأئمة الأربعة المشهورين وهم الإمام الشافعي والإمام أبو حنيفة والإمام مالك والإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنهم والدليل على ذلك قوله تعالى
ﵟفاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمونﵞ
21 الأنبياء الآية 7 فأوجب الله السؤال على من لم يعلم ويلزم عليه الأخذ بقول العالم وذلك تقليد له ولا يجوز تقليد غير هؤلاء الأربعة من باقي المجتهدين في الفروع مثل الإمام سفيان الثوري وسفيان بن عيينة وعبد الرحمن بن عمر الأوزاعي ولا يجوز أيضا تقليد واحد من أكابر الصحابة لأن مذاهبهم لم تضبط ولم تدون وأما من فيه أهلية الاجتهاد المطلق فإنه يحرم عليه التقليد ويجب على من لم يكن فيه الأهلية أن يقلد في الأصول أي العقائد للإمام أبي الحسن الأشعري أو الإمام أبي منصور الماتريدي لكن إيمان المقلد مختلف فيه بالنسبة إلى أحكام الآخرة أما بالنظر إلى أحكام الدنيا فيكفيه الإقرار فقط والأصح أن المقلد مؤمن عاص إن قدر على النظر وغير عاص إن لم يقدر ثم إن جزم بقول الغير جزما قويا بحيث لو رجع المقلد بالفتح لم يرجع هو كفاه في الإيمان لكنه عاص بترك النظر إن كان فيه أهلية النظر
وإن لم يجزم بقول الغير جزما قويا بأن كان جازما لكن لو رجع المقلد بالفتح لرجع هو لم يكفه في الإيمان ويجب على من ذكر أن يقلد في علم التصوف إماما من أئمة التصوف كالجنيد وهو الإمام سعيد بن محمد أبو القاسم الجنيد سيد الصوفية علما وعملا رضي الله عنه
والحاصل أن الإمام الشافعي ونحوه هداة الأمة في الفروع والإمام الأشعري ونحوه هداة الأمة في الأصول والجنيد ونحوه هداة الأمة في التصوف فجزاهم الله خيرا ونفعنا بهم آمين
Sayfa 7
( وسميته ) أي هذا المختصر ( بقرة العين بمهمات الدين راجيا ) أي مؤملا ( من الرحمن ) أي كثير الرحمة جدا ( أن ينتفع به ) أي بهذا المختصر ( الأذكياء ) أي سراع الفهم ( وأن تقر ) أي تفرح ( به ) أي بسبب هذا المختصر ( عيني غدا ) أي في الجنة ( بالنظر إلى وجهه الكريم بكرة وعشيا ) ويجب اعتقاد أنه تعالى يرى بالأبصار في الآخرة للمؤمنين بلا تكيف للمرئي بكيفية من كيفيات الحوادث من مقابلة وجهة وتحيز وغير ذلك ومحل الرؤية الجنة بلا خلاف فيراه تعالى أهلها في مثل يوم الجمعة والعيد ويراه تعالى خواصهم كل يوم بكرة وعشيا
قال أبو زيد البسطامي إن لله خواص من عباده لو حجبهم عن الجنة عن رؤيته تعالى ساعة لاستغاثوا من الجنة ونعيمها كما يستغيث أهل النار من النار وعذابها
2 باب الصلاة 2
حقيقتها شرعا أقوال غالبا وأفعال ولو قلبية مفتتحة بالتكبير المقترن بالنية مختتمة بالتسليم على وجه مخصوص وهي أربعة أنواع فرض عين بالشرع وفرض عين بالنذر وفرض كفاية وسنة
فالفرض العيني بالشرع خمس صلوات في كل يوم وليلة
وهي الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح لا غير
ووجوبها معلوم من الدين بالضرورة فيكفر جاحدها
وفرضت ليلة المعراج في السماء وهذه الصلوات تفرقت في الأنبياء فالفجر لآدم والظهر لإبراهيم والعصر لسليمان والمغرب لعيسى ركعتين عن نفسه وركعة عن أمه والعشاء خصت به هذه الأمة
وقيل الظهر لداود والمغرب ليعقوب والعشاء ليونس وقيل لموسى والأصح أن العشاء من خصوصيتنا كما نقله الشبراملسي عن ابن قاسم
والغرض بالنذر هو ما يوجبه المكلف على نفسه بالنذر من النوافل ويسلك بالنذر مسلك واجب الشرع في العزائم كوجوب فعله دون الرخص كالقصر والجمع
وفرض الكفاية هو صلاة الجنازة
والسنة هي النوافل الآتي بيانها ( إنما تجب المكتوبة ) أي الصلوات الخمس ( على مسلم ) ولو فيما مضى ذكر أو غيره فلا تجب على كافر أصلي وجوب مطالبة بها منا في الدنيا لعدم صحتها منه لكن تجب عليه وجوب معاقبة عليها في الآخرة لتمكنه من فعلها بالإسلام ولا قضاء عليه إذا أسلم فإذا أسلم أثيب على ما فعله من القرب التي لا تحتاج إلى نية كصدقة وصلة وعتق
Sayfa 8
وتجب على المرتد فيقضيها إذا أسلم حتى زمن الجنون في الردة تغليظا عليه ولأنه التزمها بالإسلام فلا تسقط عنه بالجحود كحق الآدمي بخلاف زمن الحيض والنفاس فيها فلا تقضي في ذلك ( مكلف ) أي بالغ عاقل سليم الحواس بلغته الدعوة فلا تجب على صبي ولا على مجنون لم يتعد بسبب جنونه كمن وثب وثبة لم يرد بها زوال عقله ولا على سكران بغير مؤثم لعدم تكليفهم
لقوله صلى الله عليه وسلم رفع القلم عن ثلاث عن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يكبر وعن المجنون حتى يعقل أو يفيق
رواه ابن ماجه والحاكم
ومن نشأ بشاهق جبل ولم تبلغه دعوة الإسلام غير مكلف بشيء وكذا من خلق أعمى أصم فإنه غير مكلف بشيء إذ لا طريق له إلى العلم بذلك ولو كان ناطقا لأن النطق بمجرده لا يكون طريقا لمعرفة الأحكام الشرعية بخلاف من طرأ عليه ذلك بعد المعرفة فإنه مكلف ولو أسلم من لم تبلغه الدعوة وجب عليه القضاء لأنه منزل منزلة مسلم نشأ بعيدا عن العلماء بخلاف من خلق أعمى أصم فإنه إن زال مانعه لا قضاء عليه لأنه ليس فيه أهلية الخطاب ( طاهر ) من الحيض والنفاس فلا تجب على حائض ونفساء لعدم صحتها منهما فمن توفرت فيه هذه الشروط وجبت عليه الصلاة إجماعا
( ويقتل ) أي من ذكر بضرب عنقه بالسيف لا بغير ذلك ( إن أخرجها ) أي الصلاة ولو صلاة واحدة فقط ( عن وقت جمع ) لها إن كان فلا يقتل بترك الظهر كالعصر حتى تغرب الشمس ولا بترك المغرب كالعشاء حتى يطلع الفجر لأن وقت الجمع وقت الصلاة في العذر فكان شبهة في القتل ويقتل بترك الصبح بعد طلوع الشمس
أما الجمعة فيقتل بها إذا ضاق الوقت عن أقل ممكن من الخطبة والصلاة وإن قال أصليها ظهرا لأن الظهر ليس بدلا عنها ( كسلا ) أو تهاونا مع اعتقاده وجوبها ( إن لم يتب ) أي إن لم يفعل الصلاة بعد مطالبة الإمام أو نائبه بأدائها وتوعده بالقتل فلا يفيد طلب غيره وتوعده ثبوت القتل لأنه ليس من منصبه فيطالب ندبا الإمام أو نائبه في الحال بأدائها إذا ضاق وقتها عن فعلها بأن بقي من الوقت زمن يسع مقدار الفريضة والطهارة ويتوعده بالقتل إن أخرجها عن الوقت فيقول له صل فإن صليت تركناك وإن أخرجتها عن الوقت قتلناك
وعلم من ذلك أن الوقت وقتان وقت أمر ووقت قتل فلا يقتل عند ضيق الوقت بحيث يتحقق فوتها
ثم القتل بعد خروج الوقت ليس لمطلق كونها قضاء إذ لا قتل به وإنما هو للترك بلا عذر مع الطلب منه في الوقت وامتناعه من الفعل بعده وإن لم يصرح بقوله لا أفعل كما في فتح الجواد
Sayfa 9
وحكمه بعد قتله حكم باقي المسلمين في وجوب الدفن والغسل والتكفين والصلاة عليه كغيره ممن قتل حدا من المسلمين ولو زعم زاعم أن بينه وبين الله حالة أسقطت عنه الصلاة وأحلت له شرب الخمر كما زعمه بعض الصوفية فلا شك في وجوب قتله وإن كان في خلوده في النار نظر وقتل مثله أفضل من قتل مائة كافر لأن ضرره أكثر ( ويبادر بفائت ) من فرض صلاة أو غيرها متى تذكره وجوبا إن فات بغير عذر تعجيلا لبراءة الذمة فلا يجوز لغير المعذور أن يصرف زمنا في غير قضائه كالتطوع وفرض الكفاية وفرض عين موسع إلا فيما يضطر إليه كالنوم وتحصيل مؤنة من تلزمه مؤنته وكالصور المستثناة من وجوبها الفورية وهي مسائل منها ما إذا خاف فوت أداء حاضرة بأن علم أنه لو اشتغل بقضاء الفائتة لم يدرك من وقت الحاضرة ما يسع ركعة فيبدأ بالحاضرة وجوبا وخرج بفوت أداء الحاضرة فوت جماعتها فإذا خاف فوتها بدأ بالقضاء وظاهر هذا أنه يبدأ بالفائتة ولو بعذر وأنه لا فرق بين أن يرجو جماعة غير هذه أو لا
ومنها ما إذا لم يوجد إلا ثوب واحد في رفقة عراة أو ازدحموا على بئر أو مكان للصلاة فلا يقضي حتى تنتهي النوبة إليه
ومنها فاقد الطهورين إذا صلى لحرمة الوقت ثم وجد خارج الوقت ترابا لا يسقط به الفرض كأن كان بمحل يغلب فيه وجود الماء فلا يقضي به إذ لا فائدة فيه
ومنها ما إذا وجد غريقا يجب إنقاذه فيحرم اشتغاله بالقضاء ويبادر بفائت استحبابا مسارعة لبراءة ذمته إن فات بعذر فإن وجوب قضائه على التراخي والعذر كنوم لم يتعد به بأن كان قبل دخول الوقت أو فيه ووثق بيقظته قبل خروجه بحيث يدرك الصلاة فيه فإن كان متعديا به كأن نام بعد دخوله ولم يثق بيقظته فيه وجب القضاء فورا وحيث لم يكن متعديا بالنوم واستيقظ من نومه وقد بقي من وقت الفريضة ما لا يسع إلا الوضوء أو بعضه فحكمه حكم ما فاته بعذر فلا يجب قضاؤها فورا
ومن الأعذار نسيان لم ينشأ عن تقصير فإن كان عن تقصير كاشتغال بلعب فليس عذرا واشتغال بما يلزمه تقديمه على الصلاة كدفع صائل وتقضي الجمعة ظهرا
ويندب قضاء النوافل المؤقتة دون النفل المطلق وذي السبب ولو كان عليه فوائت لا يعلم عددها قضى ما تحقق تركه فلا يقضي المشكوك فيه على ما قاله القفال والمعتمد ما قاله القاضي حسين أنه يقضي ما زاد على ما تحقق فعله فيقضي ما ذكر ( ويسن ترتيبه ) أي الفائت في القضاء على ترتيب أوقات الفوائت وأيامها خروجا من خلاف من أوجبه فيبدأ بالفائت أولا ولو بعذر ويؤخر عنه الفائت ثانيا ولو بلا عذر فلو فاته ظهر هذا اليوم مثلا بعذر وعصره بلا عذر قدم في القضاء الظهر مراعاة للترتيب
وفهم من هذا المثال أنه لو فاته عصر الأمس وظهر اليوم قدم في القضاء عصر الأمس على ظهر اليوم مراعاة للترتيب ( و ) يسن ( تقديمه ) أي الفائت ( على حاضرة ) على تفصيل في ذلك
Sayfa 10
حاصله أنه إن كان يعلم أنه بعد فراغه من الفائتة يدرك الحاضرة كلها في الوقت بدأ بالفائتة وجوبا إن فاتته بلا عذر وندبا إن فاتته بعذر وإن كان يعلم أنه بعد فراغه منها لا يدرك من الحاضرة إلا ركعة في الوقت بدأ بالفائتة ندبا مطلقا ولو كان الباقي من الوقت ما يسع الوضوء ودون ركعة قدم الحاضرة على الفائتة لئلا تصير صاحبة الوقت فائتة أيضا ولو تذكر فائتة بعد شروعه في حاضرة أتمها ضاق الوقت أو اتسع وسواء كانت الفائتة يجب قضاؤها فورا أو لا ولو شرع في فائتة معتقدا سعة الوقت فبان ضيقه وجب قطعها والأفضل قلبها نفلا مطلقا حيث فعل منها ركعة فأكثر لا أقل
( ويؤمر ) صبي ذكر وأنثى ( مميز ) بأن يصير أهلا لأن يأكل وحده ويشرب ويستنجي كذلك ( بها ) أي الصلاة ولو قضاء أي يجب على كل من أبويه وإن علا ثم الوصي أو القيم وكذا نحو الملتقط ومالك الرقيق والوديع والمستعير أن يأمر الطفل بالصلاة ( لسبع ) من السنين أي بعد استكمالها فلا يجب الأمر قبل اجتماع السبع والتمييز ولا يقتصر الولي على مجرد الأمر بل مع التهديد على ترك الصلاة كأن يتوعده بما يخوفه إذا تركها ( ويضرب ) أي المميز وجوبا على من ذكر ( عليها ) أي على تركها ضربا غير مبرح ( لعشر ) لأنه مظنة البلوغ فيجوز ضربه في أثناء العاشرة
والأصل في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم في المضاجع ( كصوم أطاقه ) بأن لم تحصل له به مشقة لا تحتمل عادة وإن لم تبح التيمم
ويجب على من مر نهيه عن المحرمات وتعليمه الواجبات وسائر الشرائع كالسواك وحضور الجماعات ثم إن بلغ رشيدا انتفى ذلك عن الأولياء أو سفيها فولاية الأب مستمرة فيكون كالصبي وأجرة تعليمه الواجبات في ماله فإن لم يكن فعلى الأب ثم الأم ويخرج من ماله أجرة تعليم القرآن والآداب كزكاته ونفقة ممونه وبدل متلفه فمعنى وجوبها في ماله ثبوتها في ذمة الصبي
( وأول واجب ) من المقاصد على كل مكلف من ذكر وأنثى معرفة كل عقيدة بالدليل الإجمالي ويقوم مقام ذلك معرفته بالكشف
والمعرفة جزم بالعقائد مطابق للواقع ناشىء عن دليل فخرج بها الظن والشك والوهم في العقائد فإن صاحبها كافر
Sayfa 11
وأول واجب من الوسائل النظر وهو أن يتأمل بفكره في المصنوعات فيستدل بها على وجود الصانع وصفاته فينظر في أحوال ذاته وما اشتملت عليه من سمع وبصر وكلام وطول وعمق ورضا وغضب وبياض وحمرة وسواد وعلم وجهل ولذة وألم وغير ذلك مما لا يحصى وكلها متغيرة من عدم إلى وجود وبالعكس فتكون حادثة وهي قائمة بالذات لازمة لها وملازم الحادث حادث وذلك دليل الافتقار إلى صانع حكيم واجب الوجود عام العلم تام القدرة والإرادة فاعل بالاختيار يفعل ما يشاء ثم يتأمل في العالم العلوي وهو ما ارتفع من الفلكيات من سموات وكواكب وغيرها فإنه يجد بعض ذلك ساكنا وبعضه متحركا وبعضه نورانيا وبعضه ظلمانيا وذلك دليل حدوثها وافتقارها إلى صانع حكيم ثم يتأمل في العالم السفلي وهو ما نزل من الفلكيات كالهواء والسحاب والأرض وما فيها من المعادن والبحار والنبات وغير ذلك فإنه يجد في ذلك صنعا بديع الحكم من ألوان مستحسنة في الحيوانات والنباتات وغيرهما واختلاف بقاع وأصوات وألوان ومقادير ولغات إلى ما لا يحصى من الصفات ولا يحيط به إلا خالق الأرض والسموات وجميع ذلك ملازم للأعراض الحادثة وذلك يدل على حدوثه فيكون دالا على وجود الصانع وعلمه وقدرته وإرادته وحياته لأن ذلك لا يصدر إلا عمن اتصف بما ذكر
وقال السمعاني يجب ( على الآباء ) ثم على الوصي أو القيم ( تعليمه ) أي المميز ( أن نبينا ) محمد بن عبد الله ( صلى الله عليه وسلم بعث بمكة ) إلى كافة الثقلين ( ودفن بالمدينة ) وأنه واجب الطاعة والمحبة انتهى
واعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بلغ من العمر أربعين سنة نبأه الله تعالى في يوم الإثنين في شهر ربيع الأول وأرسله لكافة الناس بشيرا ونذيرا ولما بلغ صلى الله عليه وسلم من العمر إحدى وخمسين سنة ونصفا أسرى بجسده وروحه يقظة من مكة إلى بيت المقدس ثم عرج منه إلى السموات السبع إلى سدرة المنتهى إلى مستوى سمع فيه صريف الأقلام إلى العرش إلى مكان الخطاب مع ربه
وفرض في ذلك الوقت عليه صلى الله عليه وسلم وعلى أمته خمس صلوات
ولما كمل له صلى الله عليه وسلم من العمر ثلاث وخمسون سنة أمره الله تعالى بالهجرة من مكة إلى المدينة فخرج من مكة يوم الخميس هلال ربيع الأول واختفى بغار ثور ثم خرج منه ليلة الإثنين وقدم صلى الله عليه وسلم المدينة أي قباء يوم الإثنين الثاني عشر من ربيع الأول
ولما كمل له من العمر ثلاث وستون سنة توفاه الله تعالى وكان ذلك يوم الإثنين الثاني عشر من ربيع الأول فدفن في حجرة عائشة رضي الله عنها وكان حمله صلى الله عليه وسلم يوم الإثنين في غرة رجب وولادته يوم الإثنين أو ليلة الإثنين الثاني عشر من ربيع الأول فى مكة في سوق الليل من محل مولده المشهور
وقال الصبان الذي عليه الإجماع أنه صلى الله عليه وسلم حمل به يوم الإثنين ومثله ولادته وبعثته وخروجه من مكة أي من غار ثور ووصوله المدينة أي قباء ووفاته
ونقل بعض الأفاضل عن القليوبي وعن جمع من المحققين أنه صلى الله عليه وسلم لم يولد من الفرج بل من محل فتح فوق الفرج وتحت السرة والتأم في ساعته
ونقل عن القاضي عياض أن مثله صلى الله عليه وسلم في ذلك جميع الأنبياء والمرسلين لكن قال العلامة التلمساني وكل من الأنبياء غير نبينا مولودون من فوق الفرج وتحت السرة وأما نبينا فمولود من الخاصرة اليسرى تحت الضلوع ثم التأم لوقته خصوصية له فتحصل لك من هذه أنه لم يصح نقل بولادته من الفرج وكذا غيره من الأنبياء ولهذا أفتى المالكية بقتل من قال إن نبينا ولد من مجرى البول اه
فصل في مسائل منثورة
( شروط الصلاة خمسة أحدها طهارة عن حدث وجنابة ) ومقاصد الطهارة أربعة الوضوء والغسل والتيمم وإزالة النجاسة
Sayfa 12
ووسائلها أربعة المياه والتراب والدابغ وحجر الاستنجاء ووسائل الوسائل شيئان الاجتهاد والأواني
أما الاجتهاد فإذا اشتبه طهور ماء أو تراب بمتنجس منهما اجتهد وجوبا إن لم يقدر على اليقين وجوازا إن قدر على طهور بيقين كأن كان على شط نهر واستعمل ما ظنه طهورا وإذا اشتبه ماء وماء ورد منقطع الرائحة توضأ بكل مرة وإذا اشتبه ماء وبول أراقهما أو خلطهما ثم تيمم
وللاجتهاد شروط التعدد في المشتبه وأصلية الطهارة فيه وكون العلامة لها فيه مجال أي مدخل كالأواني والثياب بخلاف اختلاط المحرم بنسوة والعلم بالنجاسة أو ظنها بإخبار العدل والملامة من التعارض وبقاء المشتبهين إلى تمام الاجتهاد فلو انصب أحدهما بتمامه أو تلف امتنع الاجتهاد ويتيمم ويصلي من غير إعادة وإن لم يرق ما بقي والحصر في المشتبه فلو اشتبه إناء بول بأواني بلد فلا اجتهاد بل يأخذ منها ما شاء
وأما سعة الوقت فلست بشرط بل يجتهد وإن أدى اجتهاده إلى خروج الوقت وكذا لا يشترط كون الإناءين لواحد بل لو كانا لاثنين ليس لأحدهما أن يتوضأ من إنائه إلا بعد الاجتهاد وشرط العمل بالاجتهاد ظهور العلامة فإن لم يظهر له شيء أراق الماءين أو خلط أحدهما أو بعضه بالآخر ثم تيمم وعلم أن هذا شرط للعمل لا لأصل الاجتهاد
وأما الأواني فيحل استعمال كل إناء طاهر ولو نفيسا كياقوت ونحوه إلا آنية الذهب أو الفضة فحرام استعمالها واتخاذها من غير استعمال على النساء والرجال
ثم الطهارة قسمان طهارة لأجل حدث أصغر وطهارة لأجل حدث أكبر ( فالأولى ) أي الطهارة لحدث أصغر وهو المقصد الأول ( الوضوء ) وهو مشتق من الوضاءة بالمد وهي النظافة وهو في الشرع استعمال الماء في أعضاء مخصوصة مفتتحا بالنية وكان قد فرض مع الصلاة في ليلة المعراج كما رواه ابن ماجه وهو فرض على المحدث وسنة لتجديد إذا صلى بالأول صلاة ما غير سنة الوضوء وتندب إدامة الوضوء ( وشروطه ) أي الوضوء ( كالغسل ) أي كشروطه خمسة أحدها ( ماء مطلق ) ولو مظنونا وهو ما يصح أن يطلق عليه اسم الماء بلا قيد فشمل الماء المتغير كثيرا بما لا يستغنى الماء عنه كطين وطحلب وهو شيء أخضر يعلو على وجه الماء من طول المكث ولا فرق بين أن يكون في مقر الماء وممره أولا
والمتغير بما في موضع قراره ومروره فهو مطلق يصح التطهير به ولو كان التغير كثيرا لعدم استغنائه عنه ومن الماء المطلق ما إذا تغير الماء بما تساقط فيه من أوراق الأشجار ولو ربيعية أو تفتتت فيه لتعذر صون الماء عنها ومنه ما إذا تغير ماء المغاطس بأوساخ أبدان المغتسلين وماء الفساقى بأوساخ أرجل المتوضئين فإنه لا يضر ولو كثر التغير
Sayfa 13
ثم ذكر المصنف للماء المطلق قيودا تستلزمه ( غير مستعمل في ) ما لا بد منه أثم تاركه أم لا من ( رفع حدث ) كالغسلة الأولى فشمل وضوء الصبي ولو غير مميز بأن وضأه وليه للطواف وإن لم ينو وشمل ما استعمل في غسل بدل مسح من رأس أو خف أو في غسل كتابية أو مجنونة عن حيض أو نفاس ليحل وطؤها ولو كان الحليل كافرا أو الوطء زنا والوطء غير حرام من جهة الطهارة عن حيض لا من جهة الزنا ( و ) إزالة ( نجس ) ولو معفوا عنه ( قليلا ) أي حالة كون المستعمل في حال قلته وهو دون القلتين بخلاف ما إذا كان قلتين فأكثر فإنه إذا رفع الحدث لا يحكم عليه بالاستعمال وإذا أزال النجس لا يحكم بتنجسه إلا إذا تغير بالنجاسة ولا يحكم باستعماله أيضا ولو جمعت المياه المستعملة حتى صارت ماء كثيرا قلتين فأكثر عاد طهورا
والماء القليل الذي أزيلت به النجاسة طاهر غير مطهر بشروط أن يكون الماء واردا بخلاف ما لو كان الماء مورودا كأن وضع الشيء في الماء القليل فإنه ينجس بمجرد ملاقاة النجاسة وأن لا يتغير طعمه أو لونه أو ريحه وأن لا يزيد وزنه عما كان قبل الغسل به بعد اعتبار ما يتشربه المغسول من الماء وما يمجه من الوسخ وأن يطهر المحل
فإن فقد شرط من ذلك كان الماء متنجسا ( و ) غير ( متغير ) تغيرا ( كثيرا ) يمنع إطلاق اسم الماء عليه بأن يحدث له بسبب ذلك اسم آخر يزول به وصف الإطلاق ( بخليط طاهر غني ) أي الماء ( عنه ) أي الخليط سواء كان التغير حسيا أم تقديريا وسواء كان الماء قليلا أو كثيرا فلو وقع في الماء مائع طاهر يوافقه في صفاته فرض وصف الخليط المفقود مخالفا في أوسط الصفات كلون عصير العنب أبيض أو أسود وطعم الرمان وريح اللاذن كذا قاله ابن أبي عصرون واعتبر الروياني الأشبه بالخليط فماء الورد المنقطع الرائحة يفرض على القول الأول من اللاذن فإنه أوسط في الرائحة وإن لم يشبه صفة الواقع وعلى الثاني يعتبر بماء ورد له رائحة لأنه أشبه بالمخالط فلا يضر الماء تغيره بطول المكث ولا بالمجاور الطاهر ولو كان التغير كثيرا
نعم إن تحلل منه شيء كما لو نقع التمر في الماء فاكتسب الحلاوة منه سلبه الطهورية كذا قاله الشبراملسي ( أو ) كان الماء غير متغير بخليط طاهر بل كان تغيره ( بنجس ) فإنه لا يسمى ماء مطلقا ( ولو كان ) أي الماء ( كثيرا ) قلتين فأكثر فالماء إذا تغير بنجس صار متنجسا بالإجماع سواء كان التغير قليلا أم كثيرا وسواء المخالط والمجاور ولا فرق بين التغير الحسي والتقديري فإن كان الخليط نجسا في ماء كثير اعتبر بأشد الصفات كلون الحبر وطعم الخل وريح المسك لغلظه
والحاصل أن المياه أربعة أقسام أحدها ماء طاهر في نفسه مطهر لغيره غير مكروه استعماله وهو الماء المطلق الغير المتشمس
وثانيها ماء طاهر في نفسه مطهر لغيره مكروه استعماله وهو الماء المطلق المتشمس
ولكراهة استعماله تسعة شروط الأول أن يكون ببلد حار كبلاد الحجاز غير الطائف بخلاف البارد كبلاد الشام غير حران
والمعتدل كبلاد مصر والحاوه
فلا يكره استعمال المتشمس فيها
Sayfa 14
الثاني أن تنقله الشمس من حالة إلى أخرى بحيث تنفصل منه زهومة تعلو الماء بخلاف مجرد انتقاله من البرودة إلى الحرارة حيث لم يصل إلى هذه الحالة
الثالث أن يكون فيما ينطبع غير الذهب والفضة كالحديد والنحاس ونحوهما بخلاف ما لو كان غير منطبع كالفخار أو في منطبع من الذهب أو الفضة فلا كراهة
الرابع أن يستعمل في حال حرارته بخلاف ما لو تركه حتى زالت حرارته
الخامس أن يكون استعماله في البدن ولو شربا ولو كان بدن أبرص أو ميت أو حيوان غير آدمي حيث كان يدركه البرص كالخيل
السادس أن يكون تشمسه في زمن الحر كالصيف بخلاف الزمن البارد أو المعتدل
السابع أن يجد غيره
الثامن أن يكون الوقت متسعا فإن ضاق الوقت أو لم يجد غير المتشمس فلا كراهة في استعماله بل يجب استعماله إلا إذا تحقق الضرر أو ظنه فيحرم استعماله بل يتيمم
التاسع أن لا يتحقق الضرر أو يظنه وإلا حرم استعماله كما تقدم
وثالثها ماء طاهر في نفسه غير مطهر لغيره وهو قسمان الماء المستعمل فيما لا بد منه من رفع حدث أو إزالة نجس ولو معفوا عنه وكان الماء دون القلتين والماء المتغير بشيء خالطه من الأعيان الطاهرات المستغنى عنها تغيرا كثيرا يمنع إطلاق اسم الماء عليه بأن يزول به وصف الإطلاق كأن يقال ماء نورة أو ماء سدر أو مرقة
ورابعها ماء متنجس وهو الماء الذي لاقته نجاسة تدرك البصر وهو قسمان قليل دون القلتين بأكثر من رطلين سواء تغير أم لا ولكن يستثنى من النجاسة ميتة لا دم لها سائل أصالة كزنبور وعقرب ووزغ وذباب وقمل وبرغوث إذا وقعت في الإناء الذي فيه ماء قليل أو شيء من المائعات كالزيت والعسل فإنها لا تنجسه بشرط أن لا يطرحها طارح ولو حيوانا وهي ميتة وتصل ميتة وإلا نجسته
وكثير بأن كان قلتين فأكثر وقد تغير باتصال النجاسة ولو تغيرا يسيرا أو كان تقديريا ولو نقل من محل إلى آخر فوجد فيه طعم النجاسة أو رائحتها فإن وجد سبب يحال عليه التنجيس كأن كان محلها الأول مما يحصل فيه بول مثلا حكم بنجاسة ذلك وإلا فلا ولو جمعت المياه المتنجسة حتى صارت ماء كثيرا قلتين فأكثر ولا تغير به عاد طهورا ولو زال تغير الماء الكثير بما زيد عليه أو نقص منه والباقي قلتان فأكثر عاد طهورا والقلتان خمسمائة رطل بالبغدادي تقريبا
وأما التراب فإنه يكون مطهرا استقلالا في التيمم أو مع انضمامه للماء في إزالة النجاسة المغلظة بشرط أنه لم يكن استعمل في فرض مطلقا ولم يختلط بغيره في التيمم
وأما الدابغ فهو كل حريف ينزع فضول الجلد وهو رطوبته ومائيته التي يفسده بقاؤها ويطيبه نزعها بحيث لو نقع في الماء لم يعد إليه النتن والفساد وذلك كالعفص وقشور الرمان ولا فرق في ذلك بين الطاهر والنجس كذرق الطيور ولو كان النجس من مغلظ لكن يحرم التضمخ به إذا وجد ما يقوم مقامه وكل جلد نجس بالموت يطهر بالدباغ ظاهرا وباطنا دون ما عليه من الشعر فلا يطهر بالدباغ إلا جلد الكلب أو الخنزير أو فرع أحدهما مع الآخر أو مع حيوان طاهر فإن جلد ذلك كان نجسا في حال الحياة وجلد الحيوان المأكول المذكى لا يحتاج إلى الدباغ لأنه طاهر بعد الموت بسبب تذكيته نعم لو أصابته نجاسة من دم أو نحوه طهر بالماء
Sayfa 15
وأما حجر الاستنجاء فيجوز الاستنجاء به وحده بدلا عن الماء ولو مع القدرة على الماء لكن له شروط من حيث استعماله وشروط من حيث ذاته وشروط من حيث الخارج وشروط من حيث المحل
أما شروطه من حيث استعماله فأمران أحدهما ثلاث مسحات بحيث يعم بكل مسحة المحل ولو بأطراف حجر
ثانيهما إنقاء المحل بحيث لا يبقى إلا قدر لا يزيله إلا الماء أو صغار الخزف فإن لم يحصل الإنقاء بالثلاث وجبت الزيادة عليها حتى يحصل الإنقاء ويسن الإيتار إذا لم يحصل الإنقاء بوتر وإذا حصل الإنقاء بدون الثلاث وجب تتميمها
وأما شروطه من حيث ذاته فهي أن يكون جامدا طاهرا قالعا غير محترم ولا مبتل ومن المحترم مطعوم الآدميين أو الجن
وأما شروطه من حيث الخارج فهي أن لا يجف الخارج النجس وأن لا ينتقل وأن لا ينقطع وأن لا يطرأ عليه أجنبي وأن لا يجاوز في الغائط صفحته ولا في البول حشفته
وأما من حيث المحل فله شرط واحد وهو أن يكون ذلك المحل فرجا معتادا
وحقيقة الاستنجاء إزالة الخارج من الفرج بماء أو حجر والأصل في ذلك هو الماء والحجر رخصة وهو من خصائص هذه الأمة وإذا أراد المستنجي الاقتصار على أحدهما فالماء أفضل والأفضل الجمع بينهما بتقديم الأحجار
والاستنجاء تعتريه أحكام أربعة يكون واجبا من كل خارج نجس ملوث ويكون مستحبا من دود وبعر بلا لوث ويكون مكروها من الريح ويكون حراما بالمحترم
وأركانه أربعة مستنج ومستنجى منه ومستنجى به ومستنجى فيه فالمستنجى الشخص والمستنجى منه الخارج والمستنجى به الماء أو الحجر والمستنجى فيه الفرج
وشروطه استفراغ مخرج وإزالة نجس ورفع شك وثبوت يقين والمراد باليقين ما يشمل غلبة الظن فإن الواجب في الاستنجاء بالماء استعمال قدر يغلب على الظن معه زوال النجاسة وعلامته ذهاب النعومة وحدوث الخشونة
وسننه أن يكون باليد اليسرى وأن يقدم القبل على الدبر في الاستنجاء بالماء وعكسه في الحجر وأن يدلك يده بنحو الأرض بعده ثم يغسلها وأن ينضح فرجه وإزاره بعده بالماء وأن يعتمد أصبعه الوسطى لأنه أمكن وأن يقول بعد فراغه وبعد خروجه من محل قضاء الحاجة اللهم طهر قلبي من النفاق وحصن فرجي من الفواحش
ومن آداب قاضي الحاجة أن يقدم يسراه في دخول محل قضاء الحاجة ويمناه في الخروج منه ولو بوضع إبريق مثلا وأن يعتمد يساره في الجلوس لقضاء الحاجة وأن يبعد عن الناس بحيث لا يسمع للخارج منه صوت ولا يشم له ريح ولا يبول في ماء راكد ولا في مهب ريح ولا في طريق الناس ولا في مواضع جلوسهم ولا تحت الشجرة المثمرة ولا في الثقب ولا في مكان صلب وأن لا يكون قائما وأن لا ينظر إلى فرجه ولا إلى الخارج منه ولا يعبث بيده ولا يلتفت يمينا ولا شمالا ولا يستقبل الشمس ولا القمر ولا صخرة بيت المقدس ولا يدخل الخلاء حافيا ولا مكشوف الرأس ولا يتكلم ولا يستنجي بالماء في محل قضاء الحاجة بل ينتقل منه إلا في المكان المعد لقضاء الحاجة فلا ينتقل منه ويستبرىء من البول بحسب عادته فإن عادة الإنسان تختلف
وإذا صارت عادة الشخص أنه لا ينقطع بوله إلا بالاستبراء وجب ذلك في حقه ويقول كل من دخل الخلاء ( باسم الله اللهم إنى أعوذ بك من الخبث والخبائث ) وإذا خرج قاضي الحاجة يقول ( غفرانك الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني )
Sayfa 16
ويجب الاستتار عن عين من يحرم نظره ويجب ترك استقبال القبلة واستدبارها حال قضاء الحاجة في غير المعد لذلك
ويكره أن يبول في الماء الجاري ليلا وفي الماء الراكد مطلقا ومحل الكراهة إن كان الماء مباحا أو مملوكا له فإن كان الماء مسبلا أو مملوكا لغيره حرم البول فيه إلا بإذن المالك وأن يبول في محل اغتساله فإنه يقع في الوسواس ويحرم قضاء الحاجة على القبر وفي المسجد ولو في إناء
تنبيه لو كان مستنجيا بالأحجار حرم عليه الجماع قبل غسل الذكر وإن لم يجد الماء
نعم إن خاف الزنا كان عذرا ولو كان فرج المرأة متنجسا أو كانت مستنجية بالأحجار حرم عليها تمكين الحليل قبل تطهيره ولا تعد بعدم التمكين ناشزة
( و ) ثانيها ( جرى ماء على عضو ) مغسول فلا يكفي مسحه ولا مسه بالماء من غير جريان ولا يمنع من عد هذا شرطا كونه معلوما من مفهوم الغسل لأنه قد يراد بالغسل ما يعم النضح
( و ) ثالثها ( أن لا يكون عليه ) أي العضو ( مغير لماء ) تغيرا مضرا به كزعفران
( و ) رابعها أن لا يكون على العضو ( حائل ) يمنع وصول الماء إلى جميع أجزاء العضو الذي يجب تعميمه ( كنورة ) ودهن له حرم يمنع وصول الماء للبشرة ووسخ تحت أظفار حيث لم يصر كالجزء وغبار على بدن لا عرق متجمد عليه وإن لم يصر كالجزء ولم يتأذ بإزالته لكثرة تكرره وللمشقة في إزالته وإذا تراكم الوسخ على العضو وصار جزءا من البدن يتعسر فصله عنه بحيث يخشى من فصله محذور تيمم فلا يمنع صحة الوضوء وينتقض الوضوء بلمسه
وبقي للوضوء شروط وهي إسلام وتمييز وهذان الشرطان في كل عبادة تفتقر لنية وعدم المنافي كالحيض والنفاس في الوضوء لغير أغسال الحج ونحوه ودوام النية حكما بأن لا يأتي بما ينافيها فإن قصد بغسل العضو تبردا أو تنظفا فإن كان مع الغفلة عن نية الوضوء كان صارفا للنية فيضر ومن ذلك ما إذا قصد إزالة ما على رجليه من الوسخ بحكها على بلاط المطهرة ففيه هذا التفصيل
وتقدم إزالة النجاسة بغسل غير غسل الحدث إذا لم تزل بغسلة واحدة في الوضوء وعلم بكيفية الوضوء فلا بد من التمييز بين فروضه وسننه على تفصيل في ذلك
حاصله أنه متى ميز الفروض من السنن أو اعتقده كله فروضا صح من العالم والعامى وهاتان صورتان
وان اعتقده كله سننا أو علم أن فيه فروضا وسننا ولم يميز بينها واعتقد بفرض معين نفلا بطل من العالم والعامي وهاتان صورتان
Sayfa 17
وإن اعتقد أن فيه فروضا وسننا ولم يميز بينها ولم يعتقد بفرض معين نفلا كأن كان كلما سئل عن شيء منه هل هو فرض أو سنة يقول لا أدري صح من العامي دون العالم وهذه صورة واحدة فالصور خمس اثنتان تصحان من العامي والعالم واثنتان تبطلان منهما وواحدة تصح من العامي وتبطل من العالم وهذا الشرط مع هذا التفصيل عام في جميع العبادات كالصلاة والصوم ونحو ذلك
لكن بعضهم استثنى الحج قال فلا يشترط ذلك فهذه عشرة في وضوء السليم وصاحب الضرورة معا ويزاد في وضوء صاحب الضرورة شرط آخر وهو خامس في كلام المصنف فقال ( ودخول وقت ) أو ظن دخوله ( لدائم حدث ) كسلس بول وهو الذي يتقاطر بوله دائما ويشترط له أيضا تقدم الاستنجاء على الوضوء لأنه يشترط لطهره تقدم إزالة النجاسة وتقدم التحفظ مثل الحشو والعصب والموالاة بين الاستنجاء والتحفظ والموالاة بينهما وبين الوضوء
ويستثنى من ذلك ما إذا كان السلس بالريح فلا يشترط الموالاة بين ذلك والموالاة بين أفعاله وأما الموالاة بين الوضوء والصلاة فشرط لجواز فعل الصلاة به لا شرط لصحته كما قاله الرشيدي
( وفروضه ) أي الوضوء ستة أولها ( نية ) أداء ( فرض وضوء ) أو فرض الوضوء أو أداء الوضوء أو رفع الحدث أو الطهارة عن الحدث أو نحو ذلك من النيات المعتبرة والنية لغة القصد
وشرعا قصد الشيء مقترنا بفعله فإن تراخى عنه سمي عزما وحكمها الوجوب ومحلها القلب
أما التلفظ بالمنوي فسنة ليساعد اللسان القلب والمقصود بها تمييز العبادات عن العادات كالجلوس في المسجد يكون للاعتكاف تارة وللاستراحة أخرى أو تمييز رتب العبادات كالصلاة تكون فرضا تارة ونفلا أخرى والنية تميز هذا من هذا
وشرطها إسلام الناوي وتمييزه وعلمه بالمنوي وعدم إتيانه بما ينافيها كردة أو قطع بأن يستصحبها حكما أما استصحابها ذكرا إلى آخر الوضوء فهو سنة وأن لا تكون معلقة فلو قال نويت الوضوء إن شاء الله فإن قصد التعليق أو أطلق لم تصح أو قصد التبرك أو أن ذلك واقع بمشيئة الله تعالى صح ووقتها أول العبادات إلا نية الصوم فلا تجوز فيها مقارنة الفجر إذا كان فرضا لوجوب تبييت النية فيه وتجوز من أول الليل وكيفيتها تختلف بحسب الأبواب
فكيفيتها في الوضوء قد علمتها وسيأتي كيفيتها في كل باب بحسبه فهذه سبعة أمور تتعلق بالنية ويجب وجودها ( عند ) أول ( غسل ) جزء من ( وجه ) وينبغي أن ينوي سنن الوضوء عند الشروع في غسل الكفين أول الوضوء ليثاب على السنن وهذا أسهل من الإتيان بنية من نيات الوضوء المعتبرة عند غسل الكفين لأنها وإن كانت كافية لكن يعسر معها تحصيل المضمضة والاستنشاق إذ متى انغسل جزء من حمرة الشفتين مع هذه النية فاته المضمضة والاستنشاق
Sayfa 18
( و ) ثانيها ( غسل وجهه و ) حده طولا ( هو ما بين منابت ) شعر ( رأسه ) المعتاد ( و ) بين تحت ( منتهى لحييه ) بفتح اللام ( و ) عرضا ( ما بين ) وتدي ( أذنيه ) ويجب تعميم الوجه بالماء طولا وعرضا ويجب غسل جزء من رأسه ومن تحت ذقنه ومن صفحة عنقه ومن كل ما كان متصلا بالوجه مما يحيط به ليتحقق تعميم الوجه بالماء من باب ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب وإذا كان على الوجه حائل وجبت إزالته ومنه الرمص في العين والوسخ الذي يكون في باب الأنف فلا بد من إزالة ذلك وإذا كثفت لحية الرجل وعارضاه كفاه غسل ظاهر ذلك وهو الطبقة العليا من الشعر وضابط الكثافة أن لا ترى البشرة من خلال الشعر عند التخاطب مع القرب ولو خفت اللحية والعارضان بأن ترى البشرة من الشعر عند التخاطب مع القرب وجب غسل الظاهر والباطن وهو الطبقة السفلى وما في خلال الشعر وباقي شعور الوجه إن كثف وخرج عن حد الوجه كفى غسل ظاهره وإلا وجب غسل ظاهره وباطنه
( و ) ثالثها ( غسل يديه ب ) كل ( مرفق ) أي معه والمراد باليد هنا من رؤوس الأصابع إلى رأس العضد وإذا كان على اليدين شعر وجب غسل ظاهره وباطنه وإن كثف وتجب إزالة ما تحت الأظافر من الوسخ وكذا ما على اليدين من شمع ونحوه من كل ما يمنع وصول الماء إلى العضو ومثل اليدين في ذلك الوجه والرجلان فلو رأى بعد تمام وضوئه على يديه مثلا حائلا كقشرة سمك وعلم أن ذلك كان حاصلا وقت الوضوء وجب عليه إزالته وغسل ما تحته وإعادة تطهير الأعضاء التي بعده لأجل مراعاة الترتيب في الوضوء
( و ) رابعها ( مسح بعض رأسه ) ولو قليلا سواء كان من بشرة الرأس أو من شعرها الذي لا يخرج عنها بالمد من جهة نزوله ولو بعض شعرة والمراد بالمسح مجرد وصول البلل إلى الرأس وإن لم يمر يده عليها
( و ) خامسها ( غسل رجليه ب ) كل ( كعب ) أي معه ويجب غسل باطن شقوق فيهما وإذا كان في تلك الشقوق شمع أو نحوه وجبت إزالته إلا إذا كان له غور في اللحم وإذا كان في عضو يجب تعميمه شوكة ففيها تفصيل حاصله أنها إذا كانت بحيث لو قلعت لم يبق محلها مفتوحا كشوكة القثاء فلا تضر وإذا كانت بحيث لو قلعت بقي محلها مفتوحا كانت حائلا فتحب إزالتها ما لم يكن لها غور في اللحم فإن كان لها غور في اللحم فلا تضر في الوضوء وأما في الصلاة فتضر إذا كانت متصلة بدم كثير وإلا فلا هذا كله ما لم يلتحم الجلد فوقها وإلا صارت من حكم الباطن فلا تضر في وضوء ولا صلاة وتجب إزالة ما على الرجلين من قشف ونحوه
وبالجملة فلا بد من تخصيص الرجلين بمزيد الاحتياط لأن الرجل مظنة الأوساخ خصوصا العقب فإنه محل تراكم الأوساخ
وقد ورد في الحديث ويل للأعقاب من النار ولو أزال شعرا أو قلم ظفرا أو قطع عضوا من أعضاء الوضوء أو كشط منه جزءا بعد تطهير ذلك لم يجب تطهير موضعها لأن الوضوء يرفع الحدث عن الظاهر والباطن
Sayfa 19
( و ) سادسها ( ترتيب ) بأن يبدأ بالوجه مقرونا بالنية ثم غسل اليدين ثم مسح بعض الرأس ثم غسل الرجلين
ولو شرع ثلاثة نفر في غسل بقية أعضائه بعد غسل بعض الوجه لم يرتفع غير حدث وجهه
ولو اغتسل محدث حدثا أصغر فقط بنية رفع الحدث أو نحوه أو بنية رفع الجنابة أو فرض الغسل أو أدائه غالطا ورتب ترتيبا حقيقيا أجزأه حيث وجدت النية عند غسل الوجه ومنه ما لو وقف تحت نحو ميزاب واستمر الماء يجري منه على أعضائه إذ الدفعة الأولى مثلا يرتفع بها حدث الوجه فالماء الذي بعده يرفع حدث اليدين وهكذا
ولو انغمس محدث ولو في ماء قليل بنية ما ذكر أجزأه عن الوضوء وإن لم يمكث زمنا يمكن فيه الترتيب لحصوله تقديرا في لحظات لطيفة لا يظهر في الحس هذا إذا وجدت النية عند وصول الماء إلى الوجه
أما لو انغمس ونوى عند وصول الماء إلى صدره مثلا ثم تمم الانغماس ولم يستحضر النية عند وصول الماء للوجه لم يصح وضوؤه لعدم النية وإن أمكن الترتيب بمكثه ولو أغفل لمعة من غير أعضاء الوضوء أجزأه ذلك الانغماس خلافا للقاضي حسين
( وسن ) للمتوضىء تعوذ و ( تسمية ) وحمد الله ( أوله ) عند غسل الكفين مع نية سنن الوضوء بقلبه ليجمع بين عمل اللسان والجنان والأركان في أول وضوئه ثم يتلفظ بالنية فيقول عند ذلك أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله على الإسلام ونعمته الحمد لله الذي جعل الماء طهورا والإسلام نورا رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون
( فغسل الكفين ) وإذا شك في طهرهما كره مباشرتهما للماء القليل قبل غسلهما ثلاثا خارجه ( فسواك ب ) كل ( خشن ) فيحصل بخرقة
وأركانه خمسة مستاك وهو الشخص ومستاك به وهو كل خشن ومستاك منه كالتغير مثلا ومستاك فيه وهو الفم ونية للسنية كأن ينوي به سنيته للصلاة مثلا ومحله في الوضوء بعد غسل الكفين وقبل المضمضة ولا يحتاج حينئذ لنية لأن نية الوضوء تشمله
والسواك مستحب في كل حال وفي كل وقت إلا بعد الزوال للصائم ولو نفلا
ويتأكد في أحوال منها الوضوء وعند إرادة الصلاة وعند الاحتضار وفي السحر وللصائم قبل الزوال وعند قراءة القرآن أو الحديث أو العلم الشرعي ولذكر الله تعالى وعند تغير الفم وعند دخول المنزل وعند إرداة النوم
ومراتبه خمس مرتبة في الأفضلية الأراك ثم جريد النخل ثم الزيتون ثم ذو الريح الطيب من الأعواد ثم باقي الأعواد وكل واحد منها فيه خمس مراتب مرتبة في الأفضلية أيضا
وهي اليابس المندى بالماء ثم المندى بماء الورد ثم المندى بالريق ثم الرطب خلقة ثم اليابس الغير المندى
وكل واحد من الخمس الأول بمراتبه الخمس مقدم على ما بعده
واعتمد بعضهم أن اليابس الغير المندى مقدم على الرطب لأنه أقوى في إزالة التغير
ولا تجري في الخرقة المراتب الخمس الثانية لأن الرطوبة الخلقية لا تتصور فيها
ويسن أن يكون السواك في عرض الأسنان ظاهرا وباطنا وفي اللسان طولا
وأن يمسكه باليد اليمنى يجعل خنصره تحته والبنصر والوسطى والسبابة فوقه والإبهام أسفل رأسه
ولا يقبض عليه بيده لأن ذلك يورث الباسور وأن يبدأ بيمين فمه
Sayfa 20
وكيفية ذلك أن يبدأ بالجانب الأيمن من فمه فيستوعبه باستعمال السواك في الأسنان العليا والسفلى ظهرا وبطنا إلى الوسط ثم الأيسر كذلك ثم اللسان ثم سقف الحلق
ويسن أن يبلع ريقه وقت وضع السواك في الفم وقبل أن يحركه كثيرا لما قيل إن ذلك أمان من الجذام والبرص ومن كل داء سوى الموت ولا يبلع ريقه بعده لما قيل إنه يورث الوسواس ويكره أن يزيد طوله على شبر معتدل لما قيل ان الشيطان يركب على الزائد ( فمضمضة ) وأقلها جعل الماء في الفم من غير إدارة فيه ومج منه وأكملها أن يبلغ الماء إلى أقصى الحنك ووجهي الأسنان واللسان وإمرار أصبع يده على ذلك وإدارة الماء في الفم ومجه منه ( فاستنشاق ) وأقله وضع الماء في الأنف وإن لم يصل إلى الخيشوم
وأكمله أن يصعد الماء إلى الخيشوم ويسن الاستنثار وهو أن يخرج بعد الاستنشاق ما في أنفه من ماء وأذى
فقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال ما منكم من أحد يتمضمض ثم يستنشق فيستنثر إلا خرت خطايا وجهه وخياشيمه
والأفضل أن يكون إخراج ذلك بخنصر يده اليسرى ( و ) الأفضل ( جمعهما ) بغرفة واحدة بأن يتمضمض منها ثم يستنشق منها ثم يفعل منها كذلك ثانيا وثالثا أو بأن يتمضمض منها ولاء ثلاثا ثم يستنشق كذلك وهذه في الحقيقة فصل لأنه لم ينتقل لتطهير الثاني إلا بعد الفراغ من الأول وتسميتها وصلا باعتبار اتحاد الغرفة
والأولى منهما أن يكون الجمع ( بثلاث غرف ) يتمضمض من كل غرفة ثم يستنشق وهذه ثلاث كيفيات للجمع وهي أفضل من الفصل
وكيفياته ثلاثة أيضا الأولى أن يكون بغرفتين يتمضمض بالأولى ثلاثا ثم يستنشق بالأخرى كذلك
والثانية أن يكون بست غرف بأن يأخذ غرفة يتمضمض منها ويطرحها ويأخذ أخرى يستنشق منها ويطرحها وهكذا
والثالثة أن يكون بست غرف أيضا يتمضمض بثلاث ثم يستنشق بثلاث وهذه أضعفها وأنظفها وتسن المبالغة فيهما للمفطر وهي في المضمضة أن يبلغ الماء إلى أقصى الحنك ووجهي الأسنان واللثات مع إمرار الأصبع اليسرى على ذلك وفي الاستنشاق أن يصعد الماء بالنفس إلى الخيشوم بحيث لا يصل دماغه مع إدخال أصبعه اليسرى ليزيل ما فيه من أذى ثم يستنثر كالمتمخط
( ومسح كل رأس ) ويثاب ثواب الفرض على القدر المجزىء فقط وثواب النفل على ما عداه
والسنة في كيفيته أن يضع يديه على مقدم رأسه ويلصق سبابته بالأخرى ويضع إبهاميه على صدغيه ثم يذهب بأصابعه غير الإبهامين إلى قفاه ثم يردها إلى المكان الذي ذهب منه إن كان له شعر ينقلب ليصل البلل لجميعه وحينئذ يكون الذهاب والرد مسحة واحدة لعدم تمام المسحة بالذهاب فإن لم يكن له شعر ينقلب لقصره أو عدمه لم يرد لعدم الفائدة فإن رد لم تحسب مسحة ثانية لأن الماء صار مستعملا لاختلاط بلله ببلل يده المنفصل عنه حكما بالنسبة للثانية ولضعف البلل أثر فيه أدنى اختلاط
فإن كان على رأسه نحو عمامة كخمار وقلنسوة ولم يرد رفع ذلك كمل بالمسح عليه
وإن كان لبسها على حدث لكن بشروط أن لا يكون على العمامة أو نحوها نجاسة ولو معفوا عنها كدم البراغيث وأن لا يكون عاصيا باللبس لذاته كأن لبسها وهو محرم لغير عذر وأن يبدأ بمسح القدر الواجب من الرأس ولو كان فوق العمامة طيلسان كفى المسح عليه
Sayfa 21
( و ) بعد الرأس مسح ( الأذنين ) ظاهرا وباطنا بماء جديد والأفضل في كيفية مسحهما أن يدخل مسبحتيه في صماخيه ويديرهما في المعاطف ويمر إبهاميه على ظاهر أذنيه ويسن غسل الأذنين مع غسل الوجه ثلاثا مراعاة للقول بأنهما من الوجه ويسن مسحهما مع الرأس ثلاثا مراعاة للقول بأنهما من الرأس وبالكيفية المتقدمة ثلاثا مراعاة للقول بأنهما عضوان مستقلان لا من الوجه ولا من الرأس وهو المعتمد ويسن أن يمسحهما ثلاثا استظهارا بأن يضع كفيه وهما مبلولتان على الأذنين فجملة ما يسن فيهما اثنتا عشرة مرة
( ودلك أعضاء ) وهو إمرار اليد عليها عقب ملاقاتها للماء أو معها فرارا من خلاف من أوجبه وينبغي الاجتهاد في ذلك العقب لا سيما في الشتاء
( وتخليل لحية كثة ) ونحوها من كل شعر يكتفي بغسل ظاهره وكيفيته أن يدخل أصابعه من أسفل اللحية ليصل الماء إلى باطنها ( و ) تخليل ( أصابع ) اليدين والرجلين إن كان الماء يصل بدون التخليل وإلا وجب
فتخليل أصابع اليدين بالتشبيك بأي كيفية كانت بأن يدخل أصابع إحدى يديه في أصابع الأخرى سواء في ذلك وضع إحدى الراحتين على الأخرى أو غير ذلك لكن الأفضل أن يضع بطن الكف اليسرى على ظهر اليمنى ويخلل أصابعه ثم يضع بطن اليمنى على ظهر اليسرى ويفعل كذلك والأفضل في تخليل أصابع الرجلين أن يكون بخنصر اليد اليسرى مبتدئا بخنصر الرجل اليمنى مختتما بخنصر الرجل اليسرى
فيكون بخنصر من خنصر إلى خنصر
( وإطالة غرة وتحجيل ) فالغرة في الوجه والتحجيل في اليدين والرجلين وهما اسمان للواجب والمندوب
وغاية الإطالة في الغرة أن يغسل صفحتي العنق مع مقدمات الرأس وفي التحجيل استيعاب العضدين والساقين
( وتثليث كل ) مما ذكر من الأقوال والأفعال فلا بد أن يقع تثليث مغسول وممسوح على محل واحد فإيصال الماء لغيره محاولة تعميم لا تكرار ولا يجزىء تثليث عضو قبل إتمام واجب ولا بعد تمام الوضوء ولو توضأ مرة مرة ثم أعاد كذلك لم تحصل فضيلة التثليث كما قاله الشيخ أبو محمد وهو المعتمد وحكم هذه الإعادة الكراهة فلا يقال إنه عبادة فاسدة فتحرم وإنما لم يحرم مع أن الثاني والثالث بعد تمام الوضوء وقبل صلاة لأن الروياني والفوراني قالا بحصول التثليث به وذلك شبهة دافعة للتحريم
( وتيامن ) إلا في الكفين أول الوضوء والخدين والأذنين لغير أقطع ومن خلق بيد واحدة ويسن بداءة في الوجه بأعلاه وفي اليدين والرجلين بالأصابع إن لم يكن الوضوء بالصب من الغير أو من نحو حنفية وإلا بدأ في اليدين بالمرفقين وفي الرجلين بالكعبين ويبدأ في الرأس بمقدمه كما تقدم
Sayfa 22