381

وإن عنيتم به أن كل بعد من جسميته يقتضي بعدا يكون فيه ، فهو مصادرة على المطلوب الأول.

وفيه نظر ، لأن الأول غير ممكن الإرادة ، وإلا لزم أن يكون كل جسم كذلك ، فالمحيط له محيط ، ويلزم عدم تناهي الأبعاد ، وهو محال. بل المراد المعنى الثاني ، وليس مصادرة على المطلوب الأول ، بل هو حكم ضروري يشهد به العقل ، فإنا نعلم بالضرورة أن أبعاد الجسم مساوية للأبعاد التي داخلها الجسم.

وعلى ب : بأنه يلزم مما فرضتموه وجود البعد ، ولكن الذي فرضتموه محال عندنا ، واللازم عن المحال لا يجب أن يكون صحيحا ، بل يجوز أن يكون محالا.

وفيه نظر ، لأن المحال لم يلزم من فرضنا ، بل من الخلاء ، لا من إثبات البعد ؛ لأن العقل حاكم بثبوته ، أقصى ما في الباب أنكم تدعون وجوب انتفاء الخلاء ، ونحن ننازعكم فيه على ما يأتي ، ولكن ذلك لا مدخل له في إثبات البعد ونفيه.

وعلى ج : إن عنيتم بسكون الطير في الهواء ، عدم تبدل نسبته إلى الأمور الثابتة ، فهو ساكن بهذا المعنى ، لكن لم قلتم إن السكون بهذا المعنى يقتضي الاستقرار (1) في مكان واحد؟! وإن عنى بالسكون نفس الاستقرار في مكان واحد ، فهذا الجسم ليس بساكن.

ثم المتحرك إن عنى به ما يكون مبدأ المفارقة للأمور الثابتة فيه من ذاته أو من غيره ، فهذا متحرك. وإن عنى به ما يكون مبدأ المفارقة من ذاته ، فهذا ليس بمتحرك ولا ساكن ، ولا امتناع في ذلك ، فإن الجسم في الآن ليس بمتحرك ولا ساكن.

وفيه نظر ، فإن كل عاقل يجزم بسكون الطير في الهواء ، والحجر في الماء ، وإن

Sayfa 388