İcazetin Sonu
نهاية الإيجاز في سيرة ساكن الحجاز
Yayıncı
دار الذخائر
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
١٤١٩ هـ
Yayın Yeri
القاهرة
«لو كنت متخذا خليلا غير ربى لاتخذت أبا بكر خليلا» «١» فلم يتخذ أبا بكر إلا حبيبا، على أن المحبة في ذاتها أفضل من الخلة كما هو التحقيق؛ لما أن الحبيب من يحب بلا امتحان، والخليل من يمتحن ليحب، ولأنه ﷺ يوصف بالحبيب وإن كان خليلا، وإبراهيم ﵇ يوصف بالخلة وهو حبيب، لصدق تعريف الحبيب عليه. ولأهل الإشارة* مشرب اخر حسن في مغايرة المحبة والخلة وتفضيل الأولى على الثانية، حيث قالوا: إنما اتصل الخليل بواسطة: وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ [الأنعام: ٧٥]، والحبيب بدونها: فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى [النجم: ٩] وقد علمت أنه لا حاجة إلى ذلك لعموم المحبة ودخوله فيها، وأن هذه الإشارة الصوفية مطمح النظر فيها سيدنا محمد وسيدنا إبراهيم عليهما الصلاة والسلام.
وقد خص الله تعالى كلّ واحد من أنبيائه بكرامة؛ فأكرم ادم ﵇ بسجود الملائكة له وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ [البقرة: ٣٤]، ونوحا ﵇ بإجابة الدعوة: لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّارًا
[نوح: ٢٦]، وموسى ﵇ بالكلام: وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْلِيمًا [النساء: ١٦٤]، وإبراهيم ﵇ بالخلة وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلًا [النساء: ١٢٥]، ونبيّنا محمدا ﷺ بالصلاة عليه بالاية يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب: ٥٦] .
وقوله: «أنا سيد الأولين والاخرين» إخبار عمّا أكرمه الله به من الفضل والسؤدد، وتحدّث بنعمة الله تعالى عليه، وإعلام لأمته، ليكون إيمانهم به على حسب موجبه، ولذا أتبعه بقوله: «ولا فخر» والمعنى: هذه الفضيلة التى نلتها كرامة من الله لم أنلها من قبل نفسى ولا بلغتها بقوّتي، فليس لى أن أفتخر بها،
(١) ولفظ الحديث بتمامه: «إن الله اتخذنى خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا، فمنزلي ومنزل إبراهيم فى الجنة يوم القيامة تجاهين، والعباس بيننا؛ مؤمن بين خليلين، رواه ابن ماجه عن عبد الله بن عمرو. وروى الطبراني: «إن الله اتخذنى خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا، وإن خليلى أبو بكر»، قال المناوى في شرح هذا الحديث في «فيض القدير»: وأما خبر: «لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا، فقاله قبل العلم. اهـ. وبهذا يكون هذا الحديث ناسخا لما قبله، والله أعلم. * المتصوفون.
1 / 27