فِي الأَرْض مِنْهُ آيةٌ وتبقَى طَوائِفُ مِنَ النَّاس الشيخُ الكبيرُ والعجوزُ يقولون: أَدْرَكْنَا أبَانَا عَلَى هَذِهِ الكَلِمَةِ لَا إِلهَ إلاَّ اللَّهُ" وَهُمْ لَا يَدْرُون مَا صَلاَةٌ وَلا صِيَام وَلا نُسُكٌ وَلا صَدَقَةٌ؟ فَأَعرَضَ عَنْهُ حُذيفَة فَرَدَّدَها عَلَيْهِ ثَلَاثًا كلُّ ذَلِكَ يُعْرِض عَنْهُ حذيفةُ ثم أقْبَلَ علَيْه في الثالثة فقال: فاصلةٌ تُنْجِيهم مِنَ النارِ". ثَلَاثًا.
وَهَذَا دَالٌّ عَلَى أن العلم قد يرفع من الناس فِي آخِرِ الزَّمَانِ حَتَّى إِنَّ الْقُرْآنَ يُسْرَى عليه النسيان في المصاحف والصدور ويبقى الناس بلا علم، وإنما الشيخ الكبير والعجوز المسنة يخبران بأنهم أَدْرَكُوا النَّاسَ وَهُمْ يَقُولُونَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فهم يقولونها على وجه التقريب إِلَى اللَّهِ ﷿ فَهِيَ نَافِعَةٌ لَهُمْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ مِنَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ وَالْعِلْمِ النَّافِعِ غَيْرُهَا، وَقَوْلُهُ: تُنْجِيهِمْ مِنَ النَّارِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّهَا تَدْفَعُ عَنْهُمْ دخول النار بالكلية ويكون فرضهم القول المجرد لعدم تكليفهم بالأفعال التي لم يخاطبوا بها والله تعالى أعلم، ويحتمل أن يكون المعنى أنها تنجيهم من النار بعد دخولها، وعلى هذا فيحتمل أن يكونوا من المراد بقوله تعالى في الحديث القدسي.
"وعزَّتي وجلالِي لأخْرِجَنَّ مِنَ النّارِ مَنْ قَال يَومًا مِنَ الدّهرِ لاَ إِلهَ إلاَّ اللَّه".
كما سيأتي بيانه في مقامات الشَّفَاعَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أُولَئِكَ قَوْمًا آخَرِينَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَالْمَقْصُودُ أَنَّ الْعِلْمَ يُرْفَعُ فِي آخر الزمان ويكثر الجهل، وفي هذا الحديت إخبار بأنه ينزل الْجَهْلُ أَيْ يُلْهَمُ أَهْلُ ذَلِكَ الزَّمَانِ الْجَهْلَ وذلك من الخذلان نعوذ بالله منه، ثُمَّ لَا يَزَالُونَ كَذَلِكَ فِي تَزَايُدٍ مِنَ الجهالة والضلالة إلى أن تنتهي الحياة الدنيا كما جاء في الحديث ما أخبر به الصادق المصدوق في قوله:
"لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ عَلَى أحَدٍ يقُولُ اللَّهُ اللَّهُ وَلاَ تقومُ إِلاَّ على شِرَارِ الناس".
1 / 41