مصادره، وإن اختلفت الأنظار حولها، كل يقطف منها، ويمتص، ثم يخرج من بعد ثمارًا مختلفًا ألوانها، وإن اتحد في الجملة مذاقها، لأن الينبوع واحد والتربة خصبة، والبذر متشابه وأكله مريء غير وبيء.
١٤ - ولقد عهد إِلَيَّ دراسة مادة أحد المجتهدين، وسرت فيها في طريق سوي أو أحسبه كذلك، وكنت أجد للتاريخ مصادره مستوفاة، وإن كنت أحيانًا أجده رُكَامًا - قد اختلط فيه الجوهر بالحجر فكان الانتقاد ليس يسيرًا سهلًا، والأصول لها بواطنها.
ولكن أمرًا أعياني البحث فيه وهو البلاد التي حل فيها المذهب من المذاهب بقدر كبير أو قدر قليل، وذلك واجب لتعرف مواطنه، وأراضيه التي أخذ أعرافها، واتجاهاتها في الأمور التي لا نص فيها، ولأن معرفة ذلك من معرفة أحوال المسلمين، وهو واجب على كل مسلم يشتغل بالدراسات الإسلامية، ولقد ورد في الآثار عن النبي - صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ لَمْ يَهْتَمَّ بِأَمْرِ المُسْلِمِينَ فَلَيْسَ مِنْهُمْ».
ولكني وأنا أبحث في المكاتب، وأتجه إلى صغير الأحجام من الكتب - دون الضخم كثير الأوراق - وجدت طلبتي في كتاب " المذاهب الفقهية الأربعة "، وفي غيره من كتب التراجم. فتحققت فيها الغاية، وسهل عَلَيَّ مَا صَعُبَ، وقرب ما بعد، فأخذته.
ومن الحق عَلَيَّ أن أقول إن كثيرًا مما في كتب المذاهب الأربعة التي هداني الله تعالى إلى كتابها، كثير مما فيها لكتاب الأستاذ أحمد تيمور
1 / 40