لأن الحديث روى في مشكل الآثار (١١) "الشعب" وكذا في النهاية (١٢)، وخطأ النووى (١٣) "الشفة" والرواية في بعض نُسخ المهذب "الشعب" كما هو مذكور في النسخة التى بين أيدينا، وعليه فإن في قول الركبي نظر كثير.
أما قوله: ولا تقل التوث بالثاء المثلثة، فقد جاء هذا نقلا عن الجوهري جماعة منعوا منه ومنهم ابن السكيت (١٤) وثعلب (١٥). وذكر ابن قتيبة (١٦) قول الأصمعى: الفُرسُ تقول: توث والعرب تفول توت.
وذكر أبو حنيفة الدينوري أنه بالثاء، وحكى عن بعض النحويين أنه بالتاء، قال أبو حنيفة: ولم يسمع في الشعر إلا بالثاء، وأنشد لمحبوب النهشلى (١٧):
لروضة من رياض الحزن أو طرف ... من القرية حزن غير محروث
أحلى وأشهى لعينى إن مررت به ... من كرخ بغداد ذى الرمان والتوث
فدل ذلك على أن التوث بالمثلثة لغة، والمنع منها من قبيل التشدد.
ومنها في التخفيف والتشديد:
في الحديث: أن رسول الله ﷺ خرج معتمرا، فحالت قريش بينه وبين البيت، فنحر هديه، وحلق رأسه بالحديبية" يقول: الحديبية: مخففة لا تشدد إلا في لغة رديئة. والجعرانة: مخففة، قال الربيع: سمعت الشافعى يقول: الحديبية: بالتخفيف. وقال ابن عبد الحكم: قال الشافعى: لا تقل: الجِعرّانة ولكن قل الجعرانة بالتخفيف (٢٠٢)
ومنها في التصريف:
وفي الحديث: "أتى بفرس معرور" يقول: أى: عرى، ليس عليه سرج، قال أهل اللغة، يقال: فرس عرى، وخيل أعراء، ولا يقال: فرس معرور. وإنما المعرورى: الذى يركب الفرس عريا، يقال: اعرورى الفرس: إذا ركبه عريا. (١٣٣).
وفي قوله الشيرازي: "الخضروات" يقول: قال مجاهد: أراد التفاح والكمثرى، وما أشبهها، والعرب تقول للبقول: الخضراء. ومنه الحديث: "إياكم وخضراء الدمن، وهو اسم للبقول، وليس بصفة، فلذلك جمع بالألف والتاء، كالمسلمات، ولو كان صفة لجمع جميع الصفات على خضر وصفر (١٤٩).
لغات الأسماء:
عنى ابن بطال بذكر اللغات الممكنة في الأسماء والتى أقرها أئمة اللغة، فنص على ما فيه لغتان، وما يحتمل ثلاث لغات،: ما يقال بأربع لغات، وما يقال خمس لغات إلى ما ذكر اللغويون فيه ست لغات. يهدف من ذلك التوسعة على الفقهاء في مجال التعبير اللغوى، ودفع كثير مما نسب إليهم من أخطاء لغوية صادرة في الغالب عمن يعتنق مذهب التنقية والتشدد اللغوى.
_________
(١١) ٢/ ١٧٣.
(١٢) ٢/ ٤٧٧.
(١٣) في المجموع شرح المهذب ١/ ٢٥٧.
(١٤) في إصلاح المنطق ٣٠٨.
(١٥) في الفصيح ٣١٨.
(١٦) أدب الكاتب ٣٨٦.
(١٧) أنظر التنبيه والإيضاح ١/ ١٥٩ واللسان (توت ٤٥٤).
المقدمة / 33