وذلك أن هذا عقد على صفة معينة لا يتناول غير تلك الصفة فإن حصلت تلك الصفة حصل العقد وإن لم تحصل لم يكن هناك عقد فهذا ليس بتغرير وإنما التغرير أن يعقد له عقدا يأخذ فيه ماله ويبقى في العوض الذي يطلبه على مخاطرة فإن لم يحصل كان قد أكل ماله بالباطل فهذا هو الغرر الذي يدخل بيعه في معنى القمار والميسر الذي حرمه الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليما.
فأما كون العقد جائزا يجوز أن يلزم إن وجد شرط لزومه ويجوز أن لا يلزم أو كونه يجوز أن ينعقد إن وجد شرط انعقاده ويجوز أن لا ينعقد فليس هذا مما دخل في نهيه صلى الله عليه وسلم وليس هذا من القمار لأن العقد إن حصل أو لزم حصل المقصود بحصوله ولزومه وإن لم يحصل أو لم يلزم لم يحصل المقصود بحصوله ولزومه.
فعلى التقديرين لا يكون أحد المتعاقدين قد أكل مال الآخر بالباطل أصلا ولا قمر أحدهما الآخر.
ألا ترى أنه في بيع الملامسة والمنابذة إذا أوجبنا البيع قبل رؤية المشتري للمبيع كان هذا مخاطرة وقمارا فإنه قد يكون جيدا يرضاه وقد لا يكون فإذا التزم به قبل معرفته به كان قمارا وهذا لا يجوزه أحد من الأئمة والرواية التي تحكى عن أحمد في لزوم بيع الفائت قبل الرؤية قد عرف أنها خلاف مذهبه المتواتر عنه وعرف الخطأ والاضطراب الذي في نقل ناقلها.
وأما إذا اشترى الثوب المطوي على أنه بالخيار إذا رآه فهذه مسألة النزاع بين العلماء وليس هذا هو الذي كان يفعله أهل الجاهلية ونهاهم عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ... ) *.
Sayfa 228