قال الزجاج: المعنى يسألونك عن القتال في الشهر الحرام.
قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ: أي أمر مستنكر.
والشهر الحرام المراد به الجنس، وقد كانت العرب لا تسفك فيه دما ولا تغير على عدوّ، والأشهر الحرم هي: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب: ثلاثة أشهر سرد وواحد فرد.
وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ أي أعظم إثما وأشد ذنبا من القتال في الشهر الحرام، كذا قال المبرد وغيره.
ومعنى الآية- على ما ذهب إليه الجمهور- أنكم يا كفار قريش تستعظمون علينا القتال في الشهر الحرام وما تفعلون أنتم من الصد عن سبيل الله لمن أراد الإسلام ومن الكفر بالله ومن الصدّ عن المسجد الحرام، ومن إخراج أهل الحرم منه أكبر جرما عند الله!! والسبب يشهد لهذا المعنى، ويفيد أنه «١» المراد فإن السؤال منهم المذكور في هذه الآية سؤال إنكار لما وقع من السرية التي بعثها النبي ﵌.
وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ المراد بالفتنة هنا الكفر أي كفركم أكبر من القتل الواقع من السرية التي بعثها النبي ﵌.
وقيل: المراد بالفتنة الإخراج لأهل الحرم منه، وقيل: المراد بالفتنة هنا فتنتهم عن دينهم حتى يهلكوا: أي فتنة المستضعفين من المؤمنين، أو نفس الفتنة التي الكفار عليها. وهذا أرجح من الوجهين الأوّلين لأن الكفر والإخراج سبق ذكرهما وإنهما- مع الصدّ- أكبر عند الله من القتال في الشهر الحرام.
ثم قيل: إن الآية محكمة ولا يجوز الغزو في الشهر الحرام إلا بطريق الدفع.
وعن ابن عباس وسفيان الثوري أنها منسوخة بآية السيف وبه قال الجمهور رحمهم الله تعالى.
_________
(١) جاء في المطبوع [أن] وهو خطأ والتصحيح من فتح القدير [١/ ٢١٨] .
1 / 65