وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ الكاف نعت مصدر محذوف، وما مصدرية أو كافة: أي اذكروه ذكرا حسنا كما هداكم هداية حسنة، وكرّر الأمر بالذكر تأكيدا، وقيل:
الأول أمر بالذكر عند المشعر الحرام، والثاني: أمر بالذكر على حكم الإخلاص، وقيل:
المراد بالثاني تعديد النعمة عليهم.
و«إن» في قوله وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ مخففة كما يفيده دخول اللام في الخبر، وقيل: هي بمعنى قد: أي قد كنتم، والضمير في قوله: مِنْ قَبْلِهِ عائد إلى الهدي، وقيل: إلى القرآن.
لَمِنَ الضَّالِّينَ (١٩٨): أي الجاهلين.
ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٩٩) .
قيل: الخطاب للحمس من قريش لأنهم كانوا لا يقفون مع الناس بعرفات، بل كانوا يقفون بالمزدلفة، وهي من الحرم، فأمروا بذلك. وعلى هذا تكون ثم لعطف جملة على جملة لا للترتيب، وقيل: الخطاب لجميع الأمة.
والمراد بالناس إبراهيم: أي ثم أفيضوا من حيث أفاض إبراهيم ﵇.
فيحتمل أن يكون أمرا لهم بالإفاضة من عرفة ويحتمل أن يكون إفاضة أخرى وهي التي من المزدلفة، وعلى هذا يكون ثم على بابها أي للترتيب في الذكر لا في الزمان الواقعة فيه الأعمال، وقد رجح هذا الاحتمال الأخير ابن جرير الطبري «١» - وهو الذي يقتضيه ظاهر القرآن- وإنما أمروا بالاستغفار لأنهم في مساقط الرحمة، ومواطن القبول، ومظنات الإجابة.
وقيل: إن المعنى استغفروا للذي كان مخالفا لسنة إبراهيم. وهو وقوفكم بالمزدلفة دون عرفة.
قيل: فيه دليل على أنه يقبل التوبة من عباده التائبين ويغفر لهم.
فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ أي أعمال الحج، ومنه قوله ﵌: «خذوا عني مناسككم»: أي فإذا فرغتم من أعمال الحج فاذكروا الله.
وقيل المراد بالمناسك الذبائح وإنما قال سبحانه كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ لأن
_________
(١) تفسير الطبري [٢/ ٣٠٦] . [.....]
1 / 60