[الآية الرابعة والعشرون] الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى وَاتَّقُونِ يا أُولِي الْأَلْبابِ (١٩٧) .
فيه حذف والتقدير: وقت الحج أشهر، أي وقت عمل الحج، وقيل: التقدير الحج في أشهر، وفيه أن يلزم النصب مع حذف حرف الجر لا الرفع.
قال الفراء: الأشهر رفع لأن معناه وقت الحج أشهر وقيل: التقدير الحج حج أشهر.
وقد اختلف في الأشهر المعلومات، فقال ابن مسعود وابن عمر وعطاء والربيع ومجاهد والزهري: هي شوّال وذو القعدة وذو الحجة كله وبه قال مالك.
وقال ابن عباس والسّدي والشعبي والنخعي: هي شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة وبه قال أبو حنيفة والشافعي وأحمد وغيرهم وقد روي أيضا عن مالك.
وتظهر فائدة الخلاف فيما وقع من أعمال الحج بعد يوم النحر: فمن قال إن ذا الحجة كله من الوقت قال: لم يلزمه دم التأخير، ومن قال ليس إلا العشر منه قال يلزم دم التأخير.
وقد استدل بهذه الآية من قال: إنه لا يجوز الإحرام بالحج قبل أشهر الحج- وهو عطاء وطاووس ومجاهد والأوزاعي والشافعي وأبو ثور- قال فمن أحرم بالحج قبلها أحلّ بعمرة ولا يجزيه عن إحرام الحج كمن دخل في صلاة قبل وقتها فإنه لا تجزيه.
وقال أحمد وأبو حنيفة إنه مكروه فقط. وروي نحوه عن مالك والمشهور عنه جواز الإحرام بالحج في جميع السنة من غير كراهة وروي مثله عن أبي حنيفة. وعلى هذا القول ينبغي أن ينظر في فائدة توقيت الحج بالأشهر المذكورة في الآية.
وقد قيل: إن النص عليه لزيادة فضلها، وقد روي القول بجواز الإحرام في جميع السنة عن إسحاق بن راهويه وإبراهيم النخعي والثوري والليث بن سعد واحتج لهم بقوله تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ [البقرة: ١٨٩] فجعل الأهلة كلها
1 / 56