106

Nayl Al-Amany min Fatawa Al-Qadi Muhammad bin Ismail Al-Amrani

نيل الأماني من فتاوى القاضي محمد بن اسماعيل العمراني

Baskı Numarası

الثانية

Yayın Yılı

١٤٤٣ هـ - ٢٠٢٢ م

Türler

آخر وذلك لحملهم الأحاديث الواردة في الباب الدالة على أن النوم ينقض الوضوء على النوم المستمر وما ورد مما يدل على أن النوم لا ينقض الوضوء محمول على ما كان نومًا متقطعًا غير مستمر وحددوه بخفقة الرأس مرة واحدة أو مرتين فقط متواليتين أو أكثر من مرتين بشرط أن تكون متفرقات لا متواليات فإذا كانت متواليات فقد صار النائم في حكم النائم النوم المستمر فيكون النوم هذا ناقضًا وعليه الوضوء من جديد جمعًا بين الدليلين، وعلى هذا الأساس فالذين ينومون في مسجد الخيف أو في المسجد الحرام أو في غيرها من المساجد ثم يقومون لأداء الصلاة مباشرة من غير أن يجددوا الوضوء بعد أن يستيقظوا من النوم قد أخلوا بما يجب عليهم شرعًا من الوضوء عقيب النوم إذا كانوا يريدون أن يؤدوا الصلاة بعد أن يستيقضوا لأن الواجب على كل من يريد أن يصلي أن يتوضأ أولًا ثمَّ يصلي أيَّ صلاة كانت، وإذا لم يتوضأ فصلاته غير صحيحة شرعًا لأنَّ الوضوء شرط من شروط صحة الصلاة وإذا عدم الشرط عدم المشروط، اللهم إلا إذا كان هؤلاء النائمون لم يضطجعوا حال نومهم وإنما ناموا في حالة كونهم قاعدين على مقعدتهم وكانوا ملتزمين لمذهب الإمام الشافعي لا يجب عليهم أن يجددوا الوضوء لأنَّ من كان قد نام على هذه الصفة فنومه غير ناقض للوضوء إذا كان النائم على هذه الصفة لم ينم إلا وهو متطهر كما جاء في هذا السؤال، وهكذا لا يجب عليهم أن يجددوا الوضوء إذا كانوا قد ناموا على وضوء ولم يكن نومهم نومًا مستمرًا بل كان عبارة عن خفقة أو خفقتين متواليتين أو عدة خفقات متفرقات وكانوا من الملتزمين للمذهب الهادوي فإن نومهم على هذه الصفة لا ينقض الوضوء، أما إذا كان النوم مستمرًا فإن وضوءهم قد بطل بالنوم المستمر.
والخلاصة:
أن الشافعي يجعل النوم من نواقض الوضوء إلا نوم من كان نائمًا على مقعدته فنومه لا ينقض الوضوء مهما كان قد نام وهو متوضئ.
الهادوية يجعلون النوم من نواقض الوضوء إلا إذا كان قد نام نومًا غير طويل ولا عميق ولا مستمر بل كان عبارة عن خفقة واحدة أو خفقتين متواليتين أو عدة خفقات متفرقات فمن نام على وضوء نومًا زاد على ذلك فعليه أن يجدد الوضوء وإلا فصلاته باطلة.
والكلام على هذا الموضوع طويل قد تكلم عنه الحافظ (ابن حجر العسقلاني) في فتح الباري والحافظ (الشوكاني) في نيل الأوطار وغيرهما، وهذه الإحالة هي لمن كان يريد البحث عن الأدلة الشرعية لكل قول من أقوال العلماء الذين خاضوا في هذه المسألة، ورجحوا ما رأوه راجحًا بعد البحث وبذل الوسع والطاقة في سبيل معرفة الصواب في هذه المسألة التي اختلفت فيها أفكار العلماء قديمًا وحديثًا.
وكلهم من رسول الله ملتمس … غرفًا من البحر أو رشفًا من الديم.
أمَّا من كان مقلدًا لعلماء المذهب الهادوي فيكفيه القول بأنهم يحكمون على من نام وهو على طهارة بأن وضوءه قد انتقض إلاَّ إذا كان مجرد خفقة الرأس مرة أو مرتين متواليتين أو عدة مرات متفرقات.
وأمَّا من كان مقلدًا للشافعي فيكفي فتواه بأن النوم ناقض لوضوء من نام وهو على طهارة إلا إذا كان قد نام على مقعدته فنومه في هذه الحالة غير ناقض للوضوء.
أما رأيي الشخصي فأنا أرجح ما ذهب إليه الشافعي ولكل ناظر نظره ولكل عالم رأيه والدين يسر والشريعة سمحة.

1 / 106