فإذن قد يقرب أن يتبين ما العلة فى اختلاف أحوال الرؤيا فى تقدمة معارفها؛ فإن النفس، لأنها علامة يقظانة حية، قد ترمز بالأشياء قبل كونها، أو تنبى بها بأعيانها؛ فإذا كان الحى متهيئا لكمال القبول بالنقاء من الأعراض التى يفسد بها قبول قوى النفس، وكانت النفس قوية على إظهار آثارها فى آلة ذلك الحى، أدت الأشياء أعيانها قبل كونها؛ وعلى قدر حاله فى التهيؤ كذلك يكون كثرة ما يؤدى الأشياء أعيانها؛ فإن أحوال الآلة الواحدة من أحوال النفس، أعنى [فى] أشخاص ذوى الأنفس التامة، أعنى الإنسانية، قد تختلف فى الأزمان، فتكون مرة أقبل ومرة أضعف قبولا؛ فهذه هى العلة فى الرؤيا التى تقدم الإنباء بالشىء عينه قبل كونه.
Sayfa 303