وهذا، كان الله لك معينا! من لطيف العلوم الطبيعية، وخاصة ما تخطى فيه إلى القول على قوى النفس. وقد يحتاج الناظر فى هذا النوع من العلم إلى التمهر بما وصفت؛ فإنه إن قصر عن ذلك قصر عن فهمه، وتبين مارسمنا على سبيل البينات الطبيعية. وقد رسمت من ذلك بقدر ما ظننته لمثلك كافيا، وبالله التوفيق، فنقول: إن معرفة ما يعرض للشىء إنما تكون بعد الإحاطة بعلم مائية الشىء؛ والنوم والرؤيا أحد ما يعرض للنفس، فيجب أن يكون النظر فى ذلك لمن أتقن القول على جوهر النفس، وفهم فنونه وكثرة تصرفه وما يلحق فى ذلك بالاشتباه.
وإن من قوى النفس القوتين العظيمتين المتباعدتين: الحسية والعقلية، وإن قواها المتوسطة بين الحس والعقل موجودة جميعا فى الإنسان، الذى هو الجرم الحى النامى.
فإذا كانت هذه الأوائل معلومة، وكانت أفعال هذه القوى، أعنى الحادثة عنها، معلومة، كانت مائية النوم معلومة ومائية الرؤيا، بالقول الوجيز القليل فى العدد.
وذلك أنا نقول: «نائم» للذى، وإن كان حيا بالفعل، فإنه لا يحس بواحد من الحواس الخمسة.
فإذن النوم هو ترك استعمال النفس للحواس جميعا؛ فإنا إذا لم نبصر، ولم نسمع، ولم نذق، ولم نشم، ولم نلمس، من غير مرض عارض، ونحن على طباعنا، فنحن نيام.
Sayfa 294